أعاني من الرهاب الاجتماعي والعزلة، ما علاج ذلك؟

0 596

السؤال

السلام عليكم

أرجو علاجي، أنا أعاني من الرهاب الاجتماعي والعزلة والانطواء والخوف الاجتماعي، وطول اليوم لا أتكلم! والناس يجدوني مملا، وكلهم تخلوا عني.

لا يوجد لدي أصدقاء ولا شيء، أنا وحيد أعاني من الوحدة طول حياتي، وأحس بالاكتئاب الشديد والألم في جسدي، أحس بعدم الرغبة في الحياة.

أبي كان يضربني ويعنفني وأنا صغير، وأسلوبه دمر حياتي، أنا لا أخالط الناس، ولا أطلع من البيت إلا نادرا، حبيس غرفتي! والناس يقولون إنها حالة نفسية.

المشكلة أني أعاني الخجل الشديد من الناس، وأخاف من الناس، ولا أملك الجرأة، وشخصيتي ضعيفة جدا، ومحطم وفاقد الثقة في نفسي نهائيا، ولا أقدر أن أطالع في وجه الذي يكلمني!

لي ثمان سنوات ما أسهر ما أطلع، الرهاب دمر حياتي، والخوف من الناس والمستقبل المظلم، فأنا حزين جدا، لا أضحك ولا أتكلم، وأعاني من القلق ودقات القلب السريعة، وطول حياتي صامت، وقد سمعت عن السيروكسات وللكن لا أدري ماذا أفعل؟!

أرجو علاجي من مرضي.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مسعود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بما أنك كتبت لنا فهذا دليل قاطع - إن شاء الله تعالى – على أنك بالفعل تود أن تتغير وتود أن تعالج نفسك.

كنت أتمنى أن أعرف عمرك، لأن هذا مهم، لكن أحسب أنك فوق العشرين، وموضوع العمر مهم خاصة فيما يتعلق بتناول الأدوية.

الخطوات العلاجية التي يجب أن تتخذها:

أولا: يجب أن تعيد تقييم حالتك، هنالك بعض الإخوة والأخوات الذين يعانون من بعض الأعراض والعلل النفسية تجدهم في حالة استسلام تام لها، وينتهجون دائما المنهج السلبي في الحياة، وتجدهم لا يأخذون أي مبادرات إيجابية من قبلهم، هذه مشكلة أساسية، والإنسان إذا أصيب بعلة ما لا يعني أن هذه العلة من الضروري أن تستمر أبدا، لكن إذا سكتنا عليها ولم نقاومها ولم نتخذ التدابير المضادة قطعا هنا نكون قد كافأنا هذه العلة مما يقويها ويجعلها تسيطر علينا أكثر، لكن إذا قيمناها تقييما مخالفا وكنا إيجابيين، قطعا هذا يؤدي إلى تفكيك القلق والتوتر.

ثانيا: أنت ذكرت أنك تعاني من الرهاب الاجتماعي والعزلة والانطواء والخوف، وأنا لا أريدك أن تعتبر هذه كلها مسميات تشخيصية مختلفة، لا، أنت تعاني فقط من قلق ذي طابع اجتماعي، وربما تكون شخصيتك تحمل بعض السمات الانطوائية، وعلتك علة واحدة وليست علة متشعبة.

ثالثا: أن تقوم بوضع برامج يومية تطبقها، وهنا أنصحك وبشدة ألا تنجرف ولا تنقاد بأفكارك السلبية أو بمشاعرك، إنما تنقاد بأفعالك، مثلا إذا حددنا مهمة واحدة، وهي أنك يجب أن تصلي صلاة الفجر في المسجد، هذه مهمة يمكن قياسها، يمكن الوصول إليها، ويمكن تحقيقها، إذن هي أصبحت هدفا، له آليات، له طريق، وله نتائج.

جرب هذه الطريقة، طريقة تحديد الأهداف بمسمياتها، والإصرار على تنفيذها وإنجازها مهما كانت المشاعر سلبية ومهما كانت الأفكار محبطة.

هذه الطريقة معروفة تسمى طريقة (samrt) وهي طريقة أخرجت الكثير من الناس من انفعالاتهم السلبية، واستسلامهم لأعراضهم التي زادت من عللهم، والإنسان قطعا حين ينجز من خلال تنفيذ الأفعال والأعمال التي يحددها بعد أن يحس بالإنجاز سوف تتغير وتتبدل مشاعرهم، هذه نقطة ضرورية، فأرجو أن تنتهج هذا المنهج.

النقطة الأخرى: هي أن تلزم نفسك ببرامج يومية للتواصل الاجتماعي، وابدأ بالتواصل الداخلي مع الأسرة، اجلس معهم، تناول معهم الطعام، شاركهم في بعض الأحاديث، وبعد ذلك الخطوة الأخرى: اسأل عن المناسبات التي تهم أرحامك، واذهب وشارك فيها، خصص أن تزور المرضى (مثلا)، أن تزور الجيران، أن تبني صحبة من خلال ترددك على المسجد.

فيا أخي الكريم: الأمور تعالج بالتطبيقات، وهي تطبيقات بسيطة جدا، لكنها تتطلب الالتزام.

الخوف حين ينتهي سوف يزول الإحباط المصاحب له، وحتى موضوع الخجل والانعزال والانطوائية سوف ينتهي.

أنصحك أيضا بأمر مهم جدا، وهو تنظيم الوقت، بأن تضع جداول يومية تدير من خلالها حياتك، ويجب أن يكون غذاؤك مرتبا ومنظما، نومك منظما، ممارستك للرياضة منظمة، العبادات يجب أن تكون منظمة، فإذن الحياة كلها تقوم على هذه الآليات التنظيمية، وهي بسيطة ومتاحة للإنسان.

العلاج الدوائي لا شك أنه داعم جيد ومفيد جدا، وأنا (حقيقة) أؤيدك على تناول الزيروكسات بشرط ألا يكون عمرك أقل من عشرين عاما، والجرعة المطلوبة أن تبدأ بنصف حبة (عشرة مليجرام) تتناولها يوميا بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة يوميا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نفس الجرعة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات