أعاني من رهاب اجتماعي واستخدمت الافكسور، أرجو أن تصف لي علاجا غيره.

0 506

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا عمري 23، أعاني من الرهاب الاجتماعي منذ الصغر، لكني لم أكن أعرف أنه رهاب إلا بعد تخرجي من الثانوية، وأيضا كنت أيام الثانوي والمتوسط لا أشارك في البرامج النشاطية والإذاعية، حتى دخلت الجامعة وبدأت المشكلة تكبر، أصبت بحالة اكتئاب شديد وخوف.

ذهبت للدكتور ووصف لي دواء لكن بدون فائدة، ذهبت بعد فترة لدكتور آخر وأيضا لم يكن ذو فائدة، الدكاترة الأول والثاني من مستشفى حكومي، وبعد سنة ونصف ذهبت لدكتور عيادة خاصة ووصف لي دواء جميلا وهو (الافيكسور) استمررت عليه 6 أشهر كما قال لي الدكتور ثم تركته؛ لكن بعد فترة رجعت حالتي وللأسف، أنا مستواي الجامعي ضعيف جدا الآن، وعلى وشك التخرج.

أنا لا أخرج كثيرا من البيت، وعائلتي غير اجتماعية؛ يعني: لا نخرج كثيرا من البيت، ووالدي توفي وأنا بعمر 12، المهم أود أن أبدأ بعلاج لكن ليس (الافكسور) لسببين: الأول أعراضه الجانبية كثيرة ومزعجة لي، والثاني: سعره غال، أريد دواء بنفس فعالية الافكسور لكن بدون الأعراض، وكم المدة التي استعمله؛ لأني سوف اشتريه بنفسي واستخدمه؛ لأني لا أستطيع أن أذهب لأخصائي نفسي لظروف خاصة؟

سؤال ثان: سمعت عن مدعمات للعلاج الرئيسي ما معنى مدعم، وما الفائدة مع ذكر أمثلة؟ وهل يفضل لحالتي أن آخذ مدعما؟

سؤال ثالث: هل الأمراض النفسية وراثية؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ م م ع حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولا: لا أريدك أن تعتبر الرهاب الاجتماعي علة نفسية خطيرة، أنت تعايشت معه لفترة وكنت لا تعرف أنك تعاني من هذه العلة، لكن بعد أن ذهبت إلى الأطباء وتم التشخيص؛ تناولت العلاج اللازم وتحسنت أحوالك.

هذه في حد ذاتها –أي تجربتك مع هذا المرض، وما طرأ على حالتك من تحسن– يجب أن تكون حافزا أساسيا لك في أن لا تجسم ولا تضخم الأعراض، بل لا تبحث عنها –هذا مهم جدا-.

كثير من الإخوة والأخوات الذين تم تشخيص حالاتهم بواسطة المختصين، أو بواسطة أنفسهم تجد لديهم انطباعات عن أنفسهم أن هذه الأمراض أمراض مزمنة، ولا يمكن للإنسان أن يشفى منها، وهذا التصور السلبي نعتبره مشكلة أساسية.

أيها الفاضل الكريم: أريدك الآن أن تقف وقفة صادقة مع نفسك وتقيم الأمور، وأنا أقول لك: إن الماضي قد ذهب، والحاضر هو الأهم، والمستقبل هو مهم جدا، فيجب أن تعيش الحاضر بقوة، ويجب أن تعيش المستقبل بأمل ورجاء، من أهم الأمور: أن تثق بالله تعالى أولا، ثم تثق في قدراتك، ويجب ألا تنقاد كثيرا لأفكارك ما دامت سلبية، ولا تنقد أيضا لمشاعرك إذا كانت مشاعر ليست مشجعة.

قطعا المشاعر السلبية والأفكار السلبية تؤدي إلى أفعال سلبية، لذا نقول للناس: حاولوا أن تغيروا أفكاركم، حاولوا أن تبدلوا مشاعركم، وإن صعب عليكم ذلك ألزموا أنفسكم بأفعال وأعمال تكون فيها إنجازات حقيقية، وحين ينجز الإنسان قطعا سوف تتبدل مشاعره وسوف تتبدل أفكاره؛ هذا هو السياق السلوكي المعرفي الممتاز والبسيط جدا.

إذن عليك: تقييم نفسك تقييما جديدا، انظر إلى مصادر القوة فيك، وإلى مصادر الضعف أيضا، حاول أن تجسم وتضخم وتعظم وتبني وتثبت وتوطد ما هو قوي، وتنفي ما هو ضعيف.

بالنسبة للمدعمات العلاجية: أفضل المدعمات هي: المدعمات السلوكية التي تحدثت عنها الآن، وهنالك برامج يمكن للإنسان أن يلزم نفسه بتطبيقها، برامج النجاح، برامج الإنجازات، أن تخصص لنفسك مهمة معينة تصر على إنجازها، وهذه المهمة ليس من الضروري أن تكون مهمة كبيرة، مثلا: إذا قلت لنفسك (سوف أذهب وأزور أحد أرحامي) هذه مهمة ومهمة خاصة جدا يمكن تحديدها، يمكن قياسها، يمكن الوصول إليها، في زمن معين وفي وقت معين، حين تنجز يجب أن تكافئ نفسك بمشاعر إيجابية؛ لأن المردود الإيجابي هو أعظم هدية نفسية يقدمها الإنسان لنفسه، وهكذا.

هذه البرامج هي برامج نجاح حقيقية، وقطعا سوف تساعدك في دراستك، قطعا سوف تساعدك في تنظيم وقتك، وبالتأكيد ستفتح لك آفاق المستقبل، أن يعيش الإنسان لهدف، وأن يعيش الإنسان بأمل، وأن يكون واقعيا، وألا ينقاد بأفكاره فقط، ولا بمشاعره السالبة، إنما ينقاد بأفعاله، هذا هو الذي نريده من شباب الأمة أن يلتزم به، وإن شاء الله تعالى في النهاية يجد الإنسان نفسه مشبعا ومدعما بالمهارات والمعرفة والعلم، مما يعود عليه وعلى أسرته ومجتمعه ووطنه عودا إيجابيا عظيما.

بالنسبة للعلاج الدوائي: توجد أدوية كثيرة جدا، منها: (زيروكسات) و(زولفت) هذه أدوية ممتازة، لكن ربما تكون مكلفة بعض الشيء، هنالك أحد الأدوية القديمة وأراه جيدا ومناسبا وسعره بسيط جدا، هذا الدواء يعرف باسم (تفرانيل) واسمه العلمي (إمبرامين) هو من أوائل الأدوية التي اتضح أنها تعالج الرهاب الاجتماعي، لديه بعض الآثار الجانبية البسيطة مثل: الشعور بالجفاف في الفم في الأيام الأولى، أو إمساك بسيط، وهذا قد لا يحدث في مثل عمرك.

جرعة الإمبرامين هي: خمسة وعشرون مليجراما، تتناولها يوميا، يمكن أن تتناوله نهارا، استمر عليه لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبتين في اليوم –أي خمسين مليجراما– واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم مثلها يوما بعد يوم لمدة شهر.

إذن هذا هو العلاج البسيط والأفضل، لكن الدعائم السلوكية مهمة جدا، والتفكير الإيجابي، وتنظيم الوقت، أن تسعى لتغيير نفسك، وأن ترتب نمط حياتك على أسس جديدة، هذا هو الذي يفيدك –أيها الفاضل الكريم-.

بالنسبة لسؤالك الثاني حول المدعمات: المدعمات فيها الجانب النفسي الذي تحدثنا عنه، وهنالك الجانب الدوائي، الجانب الدوائي: لكل مرض علاج دوائي رئيسي يعالجه، وهذا الدواء حتى نزيد من فعاليته في بعض الأحيان نعطي بعض الأدوية المصاحبة التي نعتبرها محفزة أو مدعمة لفعالية الدواء الأساسي الأول؛ في حالتك لا أعتقد أنك في حاجة لذلك.

بالنسبة لسؤالك الثالث: هل الأمراض النفسية وراثية؟ الإجابة: نعم ولا في ذات الوقت، والذي أقصده أن بعض الأمراض النفسية أو الأمراض العقلية –على وجه الخصوص– مثل: مرض الفصام، والاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، هنالك بعض الميول الإرثي وليس الإرث الكامل، يعني: أن الإنسان قد يكون لديه الاستعداد لأن يرث هذا المرض إذا كان موجودا في الأسرة وبشدة وقوة، وهذا قطعا يعني أن الأمر نسبي وليس أمرا مطلقا، فالتفاعل ما بين الجينات والمحيط، وظروف التنشئة، هي التي تعطينا الصورة المرضية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات