أحتاج لمعرفة كل ما بإمكاني فعله للتوبة ونيل غفران الله

0 302

السؤال

السلام عليكم

أحتاج لمعرفة كل ما بإمكاني فعله للتوبة والحصول على غفران الله، ما الأدعية؟ وما الطرق الموصلة لمغفرة الله؟ أشعر بقبح الذنب كلما تذكرته، أريد أن أنسى بكل قوتي، ما الخطوات؟ وهل لا بد من قول اسم الذنب أثناء الاستغفار؟ أكره هذا، لكني أستغفر كثيرا، وهل لا بد إذا تصدقت أن أنوي أنها لغفران الذنب؟ أم أن هذا حرام وخطأ؟ أريد أن أتوب بطريقة صحيحة ليتقبل الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونبارك لك شهر التوبة والغفران، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرحمنا وإياك برحمته الواسعة، ونبشرك بأن الله تبارك وتعالى ما سمى نفسه رحيما إلا ليرحمنا، ولا سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه غفارا إلا ليغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، بل إننا نبشرك بأن العظيم التواب الرحيم يفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمطلوب من التائب والتائبة هو، أولا: الإخلاص في التوبة، والصدق فيها مع الله تبارك وتعالى، ثم الإقلاع عن الذنب، ثم الندم على ما مضى، ثم العزم على ألا يعود، وإذا كان في الذنب حقوق للعباد يجتهد في ردها لهم، ثم عليه أن يكثر من الحسنات الماحية، فإن الحسنات يذهبن السيئات.

ومن مصلحة التائبة أن تتخلص من آثار المعصية، وكل ما يذكرها بها من أرقام وصور، وأماكن أو ذكريات أو مذكرات، ثم عليها أن تحشر نفسها في زمرة الصالحات، وتكثر من التوجه إلى رب الأرض والسماوات، وليس من الضروري أن تتذكري الذنب في كل مرة، بل إن الشيطان هو الذي يذكر الإنسان بذنبه، فإذا ذكرك الشيطان فعليك أن تجددي التوبة، وجددي الاستغفار، وعندها سيبتعد الشيطان ويبدأ في شيء آخر، لأنه يوقن أنك تكسبين أجرا وثوابا عند الله تبارك وتعالى، وهذا يحزن الشيطان، لأن الشيطان يحزن إذا تبنا، ويتأسف إذا استغفرنا، ويبكي إذا سجدنا لربنا، فعلينا أن نعامل هذا العدو بنقيض قصده.

واعلمي أن ما يحصل من كراهية للذنب دليل -إن شاء الله تعالى– على صدق توبتك، وهذه بشارة عظيمة، وكذلك أيضا هذا ينبغي أن يدفعك إلى عمل إيجابي، ومزيد من الحسنات الماحية، فإن الحسنات يذهبن السيئات كما هو في كتاب ربنا تبارك وتعالى، قال تعالى: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفى من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين}، وكما قال تعالى: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات}.

ليس للتوبة شروط أكثر مما ذكرنا، وكما قلنا ما ينبغي أن تنكسري أو تنهزمي، واعلمي أن الله تبارك وتعالى غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، بل ينبغي أن تعلمي أن صدق التوبة والإخلاص فيها قال الله في شأنه -كما مر- : {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما}، فليس مجرد تكفيرها، بل تبديل السيئات القديمات بحسنات جديدات، فبشرى لك ولكل تائب وتائبة، نسأل الله أن يتوب علينا وعليك لنتوب، وأن يعيننا على الخير.

لست مطالبة أبدا بأن تفضحي نفسك، أن تتكلمي عن ذنبك، بل الشرع يدعوك إلى أن تستري على نفسك، وويل لمن يعيرك بالذنب إذا عرفه، لأن هذا مما يغضب الله تبارك وتعالى، فالتائب يستر على نفسه، ويتوب بينه وبين الله تبارك وتعالى، ولست محتاجة أن تذكري الذنب في كل لحظة، لأن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ربنا يعلم السرائر والضمائر سبحانه وتعالى، خاصة إذا كان تذكر الذنب يجلب لك الألم والضيق، أنت تبت إلى الله من هذا الذنب، والله يعلم أنك تائبة منه، فبعد ذلك ما عليك إلا أن تكثري من الاستغفار، والحسنات الماحية، ورب ذنب أورث ذلا لله تبارك وتعالى، وإنابة إليه وإخباتا له، ورب طاعة أورثت عجبا وبطرا، ورئاء الناس -والعياذ بالله تعالى-.

وعليك أن تلتزمي بالشروط التي ذكرناها، ونحن نرحب بك في الموقع إذا أردت مزيدا من التوضيحات، ولا مانع إذا أردت أن تذكري بعض التفاصيل مستقبلا وتطلبي منا أن نحجب الاستشارة، ولكن الأمر بينك وبين الله، والأصل أن يستر الإنسان على نفسه.

النبي -صلى الله عليه وسلم– قال في الجرائم الكبرى: (من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فستر على نفسه فأمره إلى الله) هذا مطلب، فالإنسان ينبغي أن يستر على نفسه، ولست مطالبة أبدا أن تذكري ذنبك لأي إنسان، أو تعترفي به لأي إنسان، بل الاعتراف بالذنب لله، وقد تبت ورجعت إلى الله، والله تبارك وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

هنيئا لك التوبة، وشكرا على هذا السؤال الذي هو -إن شاء الله تعالى– دليل على صدق التوبة، ودليل على نفس حية، وبشرى لك بهذه التوبة، ولذلك كانوا يقولون: (جالس التوابين فإنهم أرق الناس قلوبا)، فنسأل الله أن يديم علينا وعليك الفضل، وأن يرزقك الثبات والسداد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات