كيف أتخلص من الخجل والرهاب الاجتماعي؟

0 637

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أشكركم على هذا الموقع الرائع والمفيد، وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.

أنا شاب عمري 18 عاما، أعاني من الخجل الشديد، واحمرار الوجه، وزيادة في ضربات القلب، وارتجاف اليدين عندما ألتقي أو أتكلم مع شخص ما، أو مع عدة أشخاص، كثيرا ما أتهرب من المناسبات الاجتماعية، ولا أذهب لأي منها بسبب خجلي الشديد، وإذا جلست مع مجموعة من الأشخاص، أبقى صامتا ولا أتكلم، وإذا حدثني شخص يحمر وجهي، وتزيد ضربات قلبي، وأتعرق بشدة، وترتجف يداي، ليس لدي أصدقاء في المدرسة ولا خارجها، دائما أبقى وحيدا، ويقولون عني متعقد وانطوائي، أبي وأمي يقولون لي: عندما تكبر، كيف سوف تعمل وتتزوج وأنت خجول جدا هكذا؟

وأيضا لا أستطيع التكلم على الهاتف أمام أحد، حتى لو كان من عائلتي، لقد كرهت حياتي، وكرهت كل شيء فيها، أريد علاجا لحالتي، ولا أستطيع الذهاب للطبيب لأسباب خاصة، لقد اطلعت على بعض الاستشارات، فوجدت أن دواء (زيروكسات) هو أفضل علاج، فكم هي الجرعة المناسبة لحالتي؟ وهل إذا تناولته ليلا، فسبب لي أرقا، هل يمكن أن أتناوله صباحا؟ أم يجب الإكمال عليه ليلا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المعتز بالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نشكر لك تواصلك مع إسلام ويب.

حقيقة أود أن أقترح لك اقتراحا بسيطا جدا، وهو: أن تحاول مع نفسك بجدية واجتهاد، لتقنع نفسك أن الأعراض التي تعاني منها هي بالفعل أعراض رهاب أو خوف أو خجل اجتماعي، لكنها شيء من الماضي، ركز على هذه الجملة (شيء من الماضي)، كنت أنت في مرحلة حياتية معينة، المخاوف فيها تكثر، والآن أنت -الحمد لله- على أعتاب سن الشباب والنضوج النفسي، أعط هذا الأمر أهمية، ولا تحكم على نفسك بمشاعرك السابقة.

النقطة الثانية، وهي مهمة جدا: أن مشاعر القلق الاجتماعي، أو الخجل أو الخوف الاجتماعي، هي مشاعر خاصة بالإنسان جدا، ولا يطلع عليها غيرك، إن كنت تحس بشيء من اللعثمة أو الرجفة، أو حتى التعرق واحمرار الوجه أمام الآخرين، هذه تجربة خاصة بك أنت، ولا أحد يشعر بها، هذا الكلام أؤكده لك تماما -أيها الفاضل الكريم-.

قام أحد العلماء النفسانيين المتميزين بتصوير بعض الأشخاص، الذين كانوا يشتكون من خجل ورهاب اجتماعي شديد، قام بتصويرهم في مواقف اجتماعية دون علمهم، وبعد ذلك تدارس معهم هذه الفيديوهات، واتضح وبما لا يدع مجالا للشك، وبصورة علمية وعملية، أن أداءهم في تلك المواقف الاجتماعية التي تطلبت المواجهة، كان أداءهم أفضل بكثير مما كانوا يتصورون، إذا هنالك دائمة عملية مبالغة في المشاعر، هذا يجب أن يكون مطمئنا لك.

الأعراض الفسيولوجية من احمرار في الوجه، وتسارع في ضربات القلب، هي أمر ينشأ من أن الجسم له دفاعات معينة، وحين يكون الإنسان في مواجهة، إما أن يقاتل أو يهرب -هذا المثال دائما يعطى في الطب–، بمعنى إذا واجه الإنسان أسدا، لا بد أن يهرب أو يقاتل هذا الأسد، وهذا كله يؤدي إلى تحفيز فسيولوجي، ينتج عنه إفراز في مادة الأدرينالين، مما يزيد من الخوف، وتسارع ضربات القلب، فإذا العملية فسيولوجية طبيعية جدا.

نقطة أخرى مهمة جدا -وهي من صميم ما يمكن أن نسميه تغيير المفاهيم–، وهي: أن تفكر مع نفسك: ما الذي يجعلك تخاف؟ أنت لست أقل من الآخرين بأي حال من الأحوال، على العكس تماما، ربما تكون متميزا على كثير من الناس، وعلاقتنا كبشر فيما بيننا يجب أن تقوم على الاحترام والتقدير، وليس على الخوف، وكل من تقف أمامه في المحاضرات وخلافه، فيهم من يخاف من يواجه الآخرين، وفيهم المقتدر، إذا هم أناس على أشكال مختلفة.

أريدك أيضا أن تتذكر نقطة أخرى مهمة جدا، وهي: الإنسان يحتاج لدرجة من الخجل، يحتاج لدرجة من الخوف، يحتاج لدرجة من الوساوس في بعض الأحيان، وذلك من أجل حماية نفسه، هذه طاقات نفسية نعتبرها عادية وطبيعية جدا، لكن أتفق معك إذا زادت على اللزوم هذا قد يؤدي إلى المشاكل.

الخطوات العملية للعلاج هي:

أولا: أن تثق في نفسك، وأن تثق في مهاراتك، وأن تطور هذه المهارات، هنالك أمور بسيطة جدا، مثلا: أن تحيي الناس بأحسن تحية، تحية الإسلام، حين تقابل أحدا تبسم في وجهه، سلم عليه بوضع يدك في يده، اسأله عن أحواله، انظر في وجهه وعينه، أخذ هذه المبادرات أمر مهم وضروري جدا، ويمكن أن تبدأ بمن تعرف من الأصدقاء، الجيران، الأرحام، المصلين في المسجد، زملاء الدراسة، هذا نوع من التعريض النفسي الإيجابي جدا مع منع الاستجابة السلبية.

وهنالك تمارين جماعية نعتبرها مهمة للناس من أجل علاج الخوف الاجتماعي، ومن أهم هذه التمارين: ممارسة الرياضة الجماعية، حضور المحاضرات والندوات، والمشاركات الثقافية والاجتماعية والخيرية، وحضور صلاة الجماعة في المسجد، هذه علاجات نفسية اجتماعية مهمة وضرورية.

أعتقد أن اتباعك لما ذكرته لك، وتصحيحك لمفاهيمك، يمثل 70% من العلاج، أما 30% الأخرى فهي تناول الدواء، وأتفق معك أن الـ (سيروكسات Seroxat) من الأدوية الجيدة، وكذلك دواء آخر يعرف باسم (سيبرالكس Cipralex)، وهنالك دواء ثالث يعرف باسم (سيرترالين Sertraline).

جرعة السيروكسات المطلوبة في حالتك هي جرعة صغيرة، تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة –أي عشرة مليجرام– تتناولها يوميا بعد الأكل، -وكما تفضلت وذكرت- السيروكسات قد يسبب نعاسا للبعض، وقد يسبب زيادة في اليقظة للآخرين، فحاول أن تجرب حتى تصل إلى الوقت المناسب، جرعة نصف حبة تستمر عليها لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة يوميا، استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى نصف حبة لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

وانظر العلاج السلوكي للرهاب: ( 269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637 ).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على ثقتك في إسلام ويب، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات