أصبت بألم في القلب وضيق تنفس شديد منذ سنوات، وأنا كثير التفكير فيه.

0 292

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 22 سنة, قبل 3 سنوات كنت شخصا طبيعيا جدا، لا أشكو من أي شيء ولله الحمد وأنا أقود سيارتي في الصباح فجأة أتاني ألم شديد في القلب لم أستطع التنفس ولم أستطع أن أبلع ريقي, حسبته الموت, ذهبت للمستشفى ذلك اليوم 10 مرات، وطلعت كل التحاليل سليمة، والأشعة وتخطيط القلب كلها سليمة, كنت أشعر بأن الهواء خال من الأكسجين وأني لا أستطيع التنفس.

منذ ذلك اليوم وحتى الآن وأنا أفكر بعملية التنفس، ولا أستطيع أن أمحو هذا الشيء من رأسي، تعبت كثير وتعثرت في دراستي، وأنا طالب في كلية الطب أتمنى أن أجتهد في دراستي ولكن لا جدوى؛ فأصبحت مكتئبا، وفي الآونة الأخيرة أصبحت أشعر بالغرابة، وأشعر بأنني غير حقيقي، وأراقب نفسي وتحركاتي، ذهبت لدكتور نفسي وقال لي: إن ما لديك يسمى depersonalization و derealization، الجميل في الموضوع أني عندي (كونترول) قوي على نفسي -ولله الحمد- فلا ألقي لها بالا؛ لذلك لا تأتيني نوبات هلع مطلقا، وإن أتتني لا ألقي لها بالا فتذهب من حالها, ولكن المشكلة أني لا أستطيع نسيان الوعكة التي أتتني في البداية ولا أستطيع أن أنسى التفكير في التنفس، وأفكر في نفسي كثيرا.

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رياض حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

من الأشياء الجيدة والطيبة: أنك ذهبت وقابلت طبيبا نفسيا، وقد قام بتشخيص حالتك على أنها حالة من حالات القلق، وهو نوع من القلق الخاص يسمى بالاضطراب الأنية والشعور بالتغرب، وأعراضك كما ذكرت من مكوناتها الجسدية وكذلك مكوناتها النفسية، هي بالفعل تدل على أنك مررت بنوبة قلقية حادة، وهذه قطعا أدخلتك في مخاوف مرضية كثيرة مما جعلك تتردد على المستشفيات وتكثر من الفحوصات.

الحمد لله تعالى صحتك الجسدية ممتازة، وحتى صحتك النفسية لا توجد خطورة أو أزمة حقيقية، لكن قطعا الأمور تحتاج لنوع من التدخل الطبي النفسي الرصين.

أنا أعتقد أن مواصلتك مع الطبيب النفسي مهمة، وأنت ما دمت طالبا في كلية الطب قطعا سوف تحظى إن شاء الله تعالى بأحسن الخدمات من أساتذتك، والعلاج هنا في مجمله يتكون من علاج دوائي وعلاج سلوكي نفسي، وكذلك علاج اجتماعي.

العلاج الدوائي: هنالك مجموعة من الأدوية جيدة ومفيدة، منها عقار (لسترال) والذي يعرف تجاريا أيضا باسم (زولفت) ويسمى علميا (سيرترالين) هو من الأدوية الجيدة، قد تحتاج أن تتناوله لمدة ستة أشهر، وربما تحتاج أيضا لجرعة صغيرة جدا من عقار يعرف باسم (أربلازولام) هو دواء مفيد جدا في حالة اضطراب الأنية، لكن يجب أن يتعاطى معه الإنسان شيئا من الحذر والرشد؛ لأن التعود عليه سهل جدا، استعماله يجب ألا يكون لأكثر من أسبوعين أو ثلاثة وبجرعة صغيرة، أما السيرترالين فيمثل العلاج الدوائي الرئيسي.

من المهم جدا أيضا: أن تتدرب على تمارين الاسترخاء، هذه التمارين ذات قيمة كبيرة جدا، كما أن ممارسة الرياضة فيها إن شاء الله تعالى فائدة كبيرة.

قناعاتك الفكرية سوف تكون إن شاء الله تعالى هي الأساس الذي يدفعك نحو التعافي، بمعنى أن تعرف أن هذه الحالة حالة بسيطة، حالة قلقية، وليس من الضروري أن يكون لها أسبابا، ربما تكون عابرة، ربما تأخذ بعضا من الوقت، لكنها في نهاية الأمر إن شاء الله تعالى سوف تنتهي تماما.

ومن الأساليب المهمة جدا في العلاج هي ألا تعطل حياتك أبدا، واصل أنشطتك، كن مجيدا فيما تقوم به، وعليك بإدارة الوقت بصورة حسنة، ولا تنقاد بالفكر أو بالمشاعر السلبية أبدا، إنما أصر على الإنجاز، وهذا هو مفتاح النجاح، ضع برامج يومية لتنفيذ ما تريد أن تنفذه، ويجب أن تكون مصرا على الإنجاز والتنفيذ مهما كانت المشاعر، وبعد أن تقوم بهذه التطبيقات وتجد أن هنالك رصيدا إنتاجيا وفعليا جيدا فهذا سوف يبدل مشاعرك ويجعلها مشاعر إيجابية تماما.

عليك -أيها الفاضل الكريم– بالصحبة والرفقة الطيبة، وبر الوالدين وتنظيم الوقت، هذه نعتبرها مكونات علاجية أساسية، وكما ذكرت لك سابقا هناك علاج اجتماعي، وما ذكرته لك مؤخرا هو الذي قصدته بالعلاج الاجتماعي.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات