أصابُ باكتئاب إذا حصل سوء تفاهم بيني وبين أحد، فما علاج ذلك؟

0 314

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبدأ بشكر الله أولا وأخيرا، ومن ثم أشكر القائمين على هذا الصرح المبارك، وأسال الله أن يجزيهم الجنة.

أنا شاب أبلغ من العمر22 سنة تقريبا، أعاني من اكتئاب وتفكير إذا حصل بيني وبين شخص آخر موقف ما، فمثلا: إذا حدث سوء تفاهم مع أختي أو أخي أو صديقي أكتئب فورا، ويذهب الاكتئاب إذا استسمحته، مع أنه هو المخطئ، إلا أني أذهب لأستسمحه؛ لكي يزول الاكتئاب، وقد كرهت نفسي من هذه الحالة المشينة.

سؤالي –يا دكتور محمد-: هل هناك علاج لهذه الحالة؟ أريد علاجا فعالا بإذن الله، فأنا حساس فوق اللزوم، وأيضا أعاني من قلة الثقة بالنفس، فكيف أبني ثقتي يا دكتور؟

أرجو أن تساعدني على هاتين المشكلتين؛ فوالله إني في أمس الحاجه للعلاج.

بارك الله في أهلك ومالك يا دكتور محمد، وأسعدك ربي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أنت لا تعاني من اكتئاب نفسي حقيقي، فأرجو أن تكون قناعاتك صارمة في هذا الخصوص، إنما الذي تعاني منه هو عسر مزاجي ظرفي، والذي يأتي من تأنيب الضمير؛ نسبة لما تتميز به شخصيتك من رقة ولطف، وهي من إنسانية عالية..هذه حقيقة أيها الفاضل الكريم.

بالنسبة لموضوع الثقة في النفس: هذا موضوع يشوبه الكثير من الغموض والأفكار المغلوطة، كلنا يصاب في بعض الأحيان بشيء من الهشاشة والاهتزاز حول إمكانياته، لكن الإنسان حين يراجع نفسه، ويقيمها التقييم الصحيح، ويكون منصفا في حقها، وموضوعيا في تقييمها لا أعتقد أبدا أنه سوف يعتقد أنه ضعيف الشخصية.

الأمر –أيها الفاضل الكريم- هو أمر نسبي، ونصيحتي لك ألا تخاف من الفشل، كل الذين يعتقدون أن لديهم مشكلة في تنمية شخصياتهم أو أنها ضعيفة، أو هناك مشكلة في الثقة بالذات؛ هؤلاء دائما يتخوفون من الفشل.

أخي الكريم، الحياة تجارب، والحياة إنجازات، والحياة فيها شيء من الإخفاقات، والذين خافوا من الفشل كانوا قريبين جدا من النجاح، لكنهم لم يواصلوا محاولاتهم واجتهاداتهم ومثابراتهم.

أريدك أن تحكم على نفسك من خلال أفعالك لا من خلال مشاعرك أو أفكارك، والحكم على الأفعال أو من خلال الأعمال يكون من خلال أن تجبر نفسك على الإنجاز، وعلى الفعالية اليومية، وأن تكون هناك برامج محددة يجب أن تنجزها مهما كان الفكر فكرا محبطا ومثبطا ولا يدعوك إلى الدافعية الإيجابية، أنت هنا يجب أن تقف وتقول: (سوف أقوم بكذا وكذا، سوف أصلي في المسجد، سوف أزور قريبي، سوف أمارس كرة القدم، سوف أشارك أصدقائي في كذا وكذا) هذه هي الحياة الحقيقية، هذه هي الدافعية التي تبدل المشاعر من سلبية إلى إيجابية، وحين تتبدل المشاعر تتبدل الأفكار وتصبح أيضا إيجابية، وحين يتبدل الفكر يكون المردود إيجابيا جدا عليك..هذا نموذج سلوكي بسيط جدا، وأعتقد أنه الأهم الآن في حياة شبابنا.

بالنسبة لموضوع تأنيب الضمير وسرعة التأثر: هذه رحمة في قلبك فلا تنزعها، لكني أريدك أن تعدلها، وذلك من خلال أن تكثر من الاستغفار، وألا تحتقن -أي لا تكتم–، وإنما عبر عن ذاتك أولا بأول، خاصة في الأمور التي لا ترضيك، وكن من الكاظمين الغيظ، وكن من العافين عن الناس، وكن من المحسنين، واجعل صداقاتك دائما تكون مع الصالحين من الشباب؛ فالبيئة المطمئنة تبعث طمأنينة في النفس.

أريدك أيضا أن تكون مواظبا على ممارسة الرياضة؛ فالرياضة فيها تفريغ نفسي كبير، ويجب أن تلجأ إلى أعمال الخير والبر والإحسان، والأنشطة الثقافية، والأنشطة الاجتماعية، والأنشطة الدعوية؛ فهذه –أيها الفاضل الكريم– تؤصل النفس، وتثبتها، وتنمي المنظومة القيمية عند الناس، والإخوة الذين تتسم شخصياتهم بالرهافة والحساسية من أمثالك يستفيدون كثيرا من هذا المنهج الحياتي.

أيها الفاضل الكريم، لا مانع أن تتناول دواء بسيطا جدا يزيل القلق؛ لأن توتراتك الظرفية بالرغم من أنها عسر مزاجي في الأصل، لكنها مصحوبة بقلق أيضا، وعقار [دوجماتيل/سلبرايد] سيكون مثاليا ليساعدك إن شاء الله تعالى.

تناول السلبرايد بجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة واجعلها كبسولة صباحا وأخرى مساء لمدة شهر، ثم كبسولة واحدة مساء لمدة شهر ونصف، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء دواء طيب وبسيط، وإن شاء الله تعالى يكون نافعا لك، وأرجو أن تأخذ بما ذكرته لك من إرشادات، وأؤكد لك أنك لست مكتئبا، فلا تطلق هذه التهمة على نفسك أيها الفاضل الكريم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات