ما رأي الإسلام فيمن يحصل على منصب لا يستحقه؟ وهل يعد ذلك ظلما؟

0 240

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

ما رأي الإسلام فيمن يحصل على ترقية أو منصب ما ليس من حقه، مع أن هناك من هو أفضل منه، وأكثر كفاءة، فهل يعتبر هذا إثما وظلما؟ شكرا للإفادة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجنبا وإياك الظلم أو الوقوع فيه أو الإعانة عليه، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك وسؤالك عن رأي الإسلام فيمن يحصل على ترقية أو منصب ليس من حقه مع أن هناك من هو أفضل منه وأكثر كفاءة؟ وتقولين: هل هذا يعتبر ظلما؟ وهل يعتبر إثما؟.

أقول لك: مما لا شك فيه أن هذا التصرف غير شرعي، وأن فيه مفاسد عظيمة، لأنه يفسد العلاقة ما بين الموظفين بعضهم ببعض، إذ أنه قد يدفعهم دفعا إلى الحقد والحسد على هذا الشخص الذي تمت ترقيته دون أن يكون أهلا لها، وقد يؤدي كذلك أيضا إلى النفور بين المسلمين، وكراهية العاملين لأي إبداع أو إنجاز في دائرة عملهم، لأنهم يشعرون بأن الأمر في المؤسسة لا يقوم على العدل والإنصاف، وإنما يقوم على المحاباة والمصالح المتبادلة، وبذلك يفقدون روح المثابرة، وروح الجد والاجتهاد والتطوير، وهذا مما لا شك فيه قد انتشر بين كثير من المسلمين في الآونة الأخيرة، مما تترتب عليه ضياع فرص عظيمة على المسلمين، وجعلهم في وضع سيئ مع الأسف الشديد، مما أتاح لغيرهم بأن يتقدموا عليهم، وما زالوا هم يعيشون تخلفا محزنا ومروعا، وهذا مما لا شك فيه كما ذكرت نوع من الظلم والإثم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا بقوله: (من قلد إنسانا عملا وفي رعيته من هو أولى منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين).

فهذا نوع من الخيانة، خيانة لله تبارك وتعالى، وخيانة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخيانة لجميع المسلمين، لماذا؟ لأن هذا الرجل قلد هذا الشخص عملا إما لقرابته ومعرفته به، أو لمصالح متبادلة بينهما، وكان في المسلمين من هو أولى منه وأفضل، فإنه بذلك قد حرم المسلمين من الاستفادة من الكفاءات الراقية التي قد تدفع بعجلة الإنتاج، وتؤدي إلى تطور الواقع الإسلامي وحياة الناس إلى الأمام.

إذا هذا مما لا شك فيه يعتبر ظلما جورا، ويجوز للموظف الذي وقع عليه هذا الظلم أن يرفع أمره للجهات المسئولة إذا علم أنها سوف ترد إليه حقه، وسوف تقوم بتصحيح الوضع.

أما إذا علم أن الفساد قد انتشر، وأن هذا الأمر لا يمكن تغييره، فعليه أن يتوجه إلى الله بالدعاء أن يأخذ حقه ممن ظلمه، ولكن لا يقصر في العمل بحجة أنه مظلوم ولا ينبغي أن يعمل، لأن هذا الفهم فهم خاطئ، لأن السيئة لا ترد السيئة، والماء النجس لا يطهر الماء النجس، وإنما الذي يطهر الماء النجس هو الماء الطاهر، والسيئة تذهبها الحسنة، فحتى وإن وقع الظلم علينا، وتم الاعتداء علينا، وضاع حقنا، فلا ينبغي أن نتحول كظالمين، وإلا فما الفرق بيننا وبينهم، وإنما نؤدي الذي علينا ابتغاء مرضاة الله، وندع الذي لنا حتى يعطينا الله تبارك وتعالى حقنا بالطريقة التي يريدها جل جلاله سبحانه.

نسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير، وأن يثبتنا جميعا على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات