مشكلتي حزن وضيق وسرحان وقلة تركيز وعدم استيعاب

0 454

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب في كلية الطب في السنة الخامسة، مشكلتي بدأت منذ 7 سنوات، شعرت بالحزن طوال الوقت والضيق من ساعات النوم الطويلة غير المريحة، أستيقظ وأنا قلق، وأنام وأنا قلق، حزين، وكثير السرحان، لا أستطيع التركيز، عندما تتحدث مجموعة مع الدكتور أضل صامتا قلقا متوترا من سؤال الدكتور، لا أبدي الرأي، ثقتي بنفسي مهزوزة، كثير اللوم لنفسي عند أي خطأ، ودائما أشعر أنني أقل من الآخرين، عندي وساوس، الطب مستقبلي، كثرة السرحان وضعف التركيز وعدم استيعاب الأمور، وعدم المشاركة مع الدكتور، والشعور بأني أقل من الآخرين، وأنني لست كفئا.

أصبحت تؤثر على دراستي، مستواي هبط بسبب هذه الأمور، كرهت الدراسة، مع العلم أني أملك القدرات ولكن الكثرة تغلب الشجاعة، وأصبحت أفكر في إخفاقي، وعندما أحاول أن أنسى الإخفاق أفكر في هذه الأعراض، ولماذا حدثت معي؟ فلا أرتاح، وذهني ليس صافيا، حتى عندما أذاكر، وأنا والله أحب التفوق، ماذا أفعل؟

أنا الآن أتناول السيبراليكس لمدة سنة، بدأت من 5 ملجم إلى 25، ولا زلت أتناولها (25 ملجم) صحيح أن هناك تحسنا، ولكن لم أتحسن بشكل كلي.

ما هو تشخيص ذلك؟ وما هي الأسباب؟ وهل هذا الدواء أصبح غير مناسب لي أو لا؟ ما هو الدواء الأفضل لهذه الأعراض؟ هل الوساوس بكل أنواعها علاجها واحد أم يتفاوت؟ بماذا تنصحني –يا دكتور محمد عبدالعليم- من ناحية العلاج الدوائي والسلوكي والديني؟

أنا لست متزوجا، فهل السيبراليكس أو غيره من الأدوية يمكن أن تؤثر علي من الناحية الجنسية أو لا؟ علما بأني سوف أتزوج بعد ثلاث سنوات؟ وإذا كان الجواب: نعم، هل تزول مع توقف العلاج أو لا؟

أريد جوابا أكيدا لهذا السؤال؛ لأنه أشغل بالي كثيرا.

أتمنى من الوالد الدكتور محمد عبدالعليم الجواب على هذه الأسئلة، وآسف إذا ثقلت عليك بالأسئلة، وأتمنى أن ينطبق عليك حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ......)، (ومن أقال لله مسلما أقال الله عثرته يوم القيامة).

وأقولها من القلب، جزاك الله خيرا، وأدخلك فسيح جناته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdulaziz حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونضر الله وجهك على هذه الكلمات الطيبة الرقيقة الجميلة.

أنت -الحمد لله تعالى– على أعتاب التخرج، فأنت في السنة الخامسة في كلية الطب، وقطعا هذا إنجاز كبير، ويجب أن يكون لك الدافعية للمزيد من الاجتهاد، ضع ذاك اليوم الجميل الموعود يوم التخرج، ضعه أمام ناظريك، أنت قطعت الشوط الطويل وبقي لك الجزء البسيط والقصير منه.

بشيء من الإدراك الإيجابي لمقدراتك، أنت ذكرت أن لديك مقدرات، وهذا ملاحظ ومؤكد، لكن يجب أن تدرك هذه المقدرات، وتستفيد منها في تنظيم وقتك، وتنظيم الوقت هو من أفضل الأشياء التي توصل الإنسان إلى النجاح.

ابدأ: بصلاة الفجر، ثم بعد ذلك ادرس لمدة ساعة واحدة فقط قبل أن تذهب إلى الكلية، هذه الساعة الواحدة في هذا الزمن تعادل أربع ساعات من أوقات اليوم الأخرى، هذه قيمة عظيمة جدا، وطريقة ممتازة جدا لإدارة الوقت.

والإنسان حين يبدأ وقته بالإنجاز يحس بانشراح كبير، حين تبدأ يومك، حين تبدأ صباحك بالصلاة والدراسة لمدة ساعة، وتتذكر أن هذه الأمة قد بورك لها في بكورها، هذا -إن شاء الله تعالى– يضمن لك فعالية مطلقة لبقية اليوم، هذا هو الذي أنصحك به في المقام الأول.

الأمر الثاني هو: أن لا تعتقد أبدا أن المسميات كالاكتئاب والوساوس هي أمر دائم وملازم للإنسان في حياته، هذه الأمور أمورا نسبية، والإنسان إذا جلس مع نفسه جلسة صادقة، وقدر مقدراته بصورة صحيحة قطعا سوف يهزم ما يسمى بالاكتئاب النفسي.

العلاج السلوكي، وكذلك العلاج الديني: يعتمد على التفكير الإيجابي، ونحن نريد شبابنا أن يكون عالي الهمة، وأنت -إن شاء الله تعالى– قادر على ذلك، ونقطة تنظيم الوقت هي النقطة الأساسية، وتنظيم الوقت لا يعني أبدا الانقطاع للدراسة فقط، لا، من حقك أن تتريض، من حقك أن ترتاح، من حقك أن تقرأ قراءات غير أكاديمية، أن ترفه عن نفسك، أن تتواصل اجتماعيا ... هذا كله مطلوب، وأنت في عمر كله طاقات وكله مقدرات، فيجب أن تستفيد منه.

بالنسبة لموضوع العلاج الدوائي: هذه الأدوية متقاربة ومتشابهة، وأنت ما دمت في كلية الطب أرى أن تستفيد من أحد الأساتذة في قسم الطب النفسي، وسوف تجد منه كل العون وكل الإرشاد والنفع -إن شاء الله تعالى-.

اكتئابك يحمل بعض سمات قلة الدافعية والتكاسل، وهذا النوع من الاكتئاب يستجيب بصورة ممتازة لعقار (بروزاك) والذي يعرف علميا باسم (فلوكستين)، بالرغم من أنه دواء قديم نسبيا، لكن ربما يكون أفضل من السبرالكس، خاصة إذا تم تدعيمه بعقار (فلوناكسول)، والذي يعرف علميا باسم (فلوبنتكسول).

أنا لا أريدك أن تتخذ خطوة التغيير هذه قبل أن تقابل أحد أساتذتك.

الرياضة يجب أن تأخذ حيزا كبيرا في حياتك، وكذلك تمارين الاسترخاء.

بالنسبة لتشخيص حالتك: أنا أعتقد أنها حالة ظرفية، نعم هنالك عسر في المزاج، يمكن أن نسميها (درجة بسيطة من الاكتئاب، مع شيء من ضعف تقدير الذات).

الأسباب قد لا تكون معروفة، هنالك من يتحدث عن عوامل بيولوجية، عوامل نفسية، عوامل اجتماعية، عوامل متعلقة بالتنشئة (وهكذا).

بالنسبة لموضوع الدواء: أظنني قد أفدتك بأني أفضل البروزاك، وهذا ليس قرارا نهائيا؛ لأني أريدك أن تقابل بالفعل أحد الإخوة الأطباء.

الوساوس بكل أنواعها علاجها واحد، بمعنى أن علاجاتها ليست متفاوتة تفاوتا كبيرا، حيث إن المبادئ العلاجية واحدة، وهي: تحقير الوساوس، ورفضها، وعدم اتباعها، وتجاهلها، وفعل ما هو ضدها، وعدم الدخول في حوارات وسواسية، مع تناول الأدوية المضادة للوساوس.

العلاج السلوكي يتمثل فيما نصحتك به: من حسن إدارة الوقت، والمزيد من الثقة بالنفس، وبما أنك بالفعل صاحب مقدرات يجب أن يكون توجهك توجها إيجابيا، ولا تلتفت أبدا للسلبيات، حقرها، وتجاوزها، واعرف أنها نواقص موجودة في حياة البشر، وليس أكثر من ذلك، والإنسان لابد أن يتطور ويجب أن يتطور، وأنصحك في هذا السياق بأن تقرأ بعض الكتب الخاصة بالذكاء الوجداني أو الذكاء العاطفي، حيث إنها من أفضل المصادر التي يمكن من خلالها أن يتعلم الإنسان الكثير ويعدل سلوكه.

هنالك كتاب يسمى (الذكاء العاطفي) لمؤلفه دانيل جولمان، وهو مترجم باللغة العربية، وهنالك كتب جيدة حول العلاج المعرفي الذاتي، وأعتقد أن كتاب الشيخ الدكتور عائض القرني (لا تحزن) لم يخرج عن هذا النطاق أبدا، وهنالك كتاب للدكتور بشير الرشيدي اسمه (التعامل مع الذات) أراه من الكتب الجيدة جدا.

وهنالك أشياء يتجاهلها الناس لكنها ذات مغزى سلوكي كبير: الانخراط في الأعمال الدعوية، والتطوعية، والاجتماعية، والثقافية، هذه تصقل الشخصية وتساعد على إكمال بناءها بناء إيجابيا.

النقطة الأخيرة التي أود أن أتحدث عنها هي: موضوع تأثير الأدوية النفسية على الأداء الجنسي: بالنسبة للسبرالكس والأدوية المشابهة؛ ليس هناك ما يدل مطلقا على أنها تؤثر على هرمون الذكورة لدى الرجل، وهذا يعني أنه ليس لها تأثيرات سلبية على الإنجاب.

تأثيراتها السلبية تتمثل في تأخير القذف لدى بعض الرجال، وهذا قد يكون أمرا إيجابيا بالنسبة للبعض خاصة الذين لديهم سرعة في القذف، حوالي عشرين إلى ثلاثين بالمائة من الرجال اشتكوا من ضعف نسبي في الرغبة الجنسية، وهذا يلاحظ مع الجرعات الكبيرة من السبرالكس والأدوية المشابهة، ونلاحظ هذه الخاصية السلبية أكثر عند الذين يشغلون أنفسهم بأدائهم الجنسي، وتكون لديهم وساوس أو معلومات مغلوطة حول الأداء الجنسي، وعلى العموم هذا التأثير هو تأثير عابر؛ أي أنه وقتي وظرفي ويختفي تماما بعد أن يتوقف الإنسان عن تناول الدواء.

وهنا شيء لابد أن أذكره وهو: أن بعض الناس قد تحسن أداؤهم الجنسي بعد أن تناولوا السبرالكس والأدوية المشابهة، وذلك ربما يكون من خلال علاج الآثار الاكتئابية السلبية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات