لا أحب النوم في الظلام ولا أحب الوحدة

0 465

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

اللهم لك الحمد على ما أنعمت علي، لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين.

الدكتور العزيز: عمري 27 سنة، متزوج منذ فترة قريبة، موظف وأدرس في نفس الوقت، لدي طموح لدرجة أني أحس أنه سيقتلني، ودائم التفكير فيه، تعاملي مع أهلي وأصدقائي طويل البال جدا، إلا في مسألة الطموح، فأنا عجول جدا، مع العلم أني كثيرا ما أنصح أصحابي بعدم الاستعجال.

أحب التفاؤل كثيرا، ودائما أتحدث عنه، وعندي ثقة في الله، وفي نفسي بأنني سوف أحقق شيئا، وتكون لي بصمة في هذه الحياة.

أحب القراءة وتطوير الذات، لكن لدي أعراض لا أعلم سببها، وهي القلق والخوف المفاجئ وأفكار وأحلام مخيفة ومتعبة، لا أحب النوم في الغرفة المظلمة، ولا أحب أن أكون متواجدا لوحدي في المنزل، مع العلم أن أغلب المحيطين حولي يستمدون الأمان بعد الله مني، ولا يقدمون على أي خطوة دون استشارتي، حتى والدي، أمارس الرياضة على فترات متفاوتة، وأدخن الشيشة.

استخدمت دواء عن طريق زيارة دكتور في مركز استشارة، اسم الدواء (سيروكسات) ولكن دائما ما أقرأ في الموقع عن دواء السبرالكس ومدى فاعليته، وكلما قررت أن أشتريه أتردد، فما رأيكم؟ وبماذا تنصحوني؟

أتمنى أن أكون أوجزت وأوضحت ما أريد، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسطورة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أنت لا تعاني من مرض نفسي، أنت لديك ظاهرة بدأت كظاهرة إيجابية، لكن اعترتها بعض السلبيات لاحقا، الظاهرة هي أن شخصيتك شخصية انفعالية إيجابية، تتميز بوجود سمات القلق، والقلق هو الطاقة الدافعة للإنسان من أجل النجاح، لكن في بعض الأحيان يزيد هذا القلق عن المعدل المطلوب ويصبح سمة من سمات الشخصية مما يجعل الإنسان يحس كأنه في تسابق مع نفسه ومع الزمن، ومع الأمور كلها، مما يدخله في شيء من الضيق وتشتت الأفكار في بعض الأحيان.

أيها الفاضل الكريم: أود أن أذكرك بأن قناعات الإنسان تتبدل بمرور الزمن، والمرحلة العمرية تلعب دورا في ذلك، وأنا أتوقع أن قلقك الذاتي الداخلي سوف ينخفض بالتدريج، بأن تتذكر إنجازاتك، فأنت -الحمد لله- تعالى أنجزت، رجل لديك أسرة، وتدرس، وتعمل في ذات الوقت، وأنت على الطريق الصحيح، أنت على الطريق الجيد جدا، فيجب أن تذكر نفسك بإنجازاتها؛ لأن تذكر هذه الإنجازات سوف يحفزك داخليا ويجعلك تبني قناعات جديدة أنك لست من الفاشلين، لماذا تتسابق مع الزمن؟ لماذا تضغط على نفسك بهذه الطريقة؟ فالفت انتباهك لإنجازاتك، هذا -إن شاء الله تعالى- يقلل من وطأة القلق التوقعي الذي تعيشه.

القلق الذي لديك أيضا قد يكون أخذ صورة مما نسميه بـ (رهاب الساحة) بمعنى أنك لا تتحمل الوحدة وتحب دائما الرفقة، وموضوع القلق المفاجئ: لا أعتقد أنه وصل لمرحلة ما نسميه بنوبات الهرع أو الهلع، دراسات كثيرة جدا أشارت أن الأشخاص الذين أصلا من سماتهم القلق المرتبط بشخصياتهم هم أكثر عرضة لنوبات القلق العام، وهذا هو الوضع بالنسبة لك.

أخي الكريم: قبل أن تفكر في العلاج الدوائي فكر وأقنع نفسك أنك لست مريضا، فأنت -الحمد لله تعالى- رجل فعال ومنجز، فلا تسابق الزمن.

كنوع من التدريب السلوكي أريدك أن تضع خارطة ذهنية تحدد فيها بعض المهام التي سوف تقوم بها، وقصدا قم بتأجيل أحد المهام، وأصر على ذلك، قل لنفسك: (هذا سوف أؤجله لمدة أسبوع) مثلا سوف تجد أن نفسك تدفعك بشدة وبإلحاح نحو عدم التأجيل وتحس بالقلق، لكن أنت في المقابل يجب أن تصر على هذا التأجيل، هذا نوع من التمارين البسيطة التي نعتبرها مفيدة.

علم نفسك السكينة والطمأنينة من خلال الأفكار، من خلال تلاوة القرآن، الصحبة الجيدة الطيبة، هذا يجعل نفسك قلقة، لكن بشكل إيجابي، كذلك الرياضة مهمة وجيدة، وأتمنى أن تتوقف عن تدخين الشيشة؛ لأن النيكوتين أيا كانت وسيلة تدخينه فهو مضر.

بالنسبة للعلاج الآخر: أرى أن تمارين الاسترخاء مهمة جدا، فأرجو أن تتدرب عليها، وبالنسبة للعلاج الدوائي فأنا أعتبره أيضا مكملا لعملية التعافي والتشافي في حالتك، وبالفعل عقار (سيبرالكس Cipralex) قد يكون دواء جيدا، وكذلك عقار (فافرين Faverin) أيضا، وعقار (فلوكسيتين Fluoxetine) كلها أدوية جيدة وفاعلة، لكن يجب أن تأخذ الأمور بكل اتجاهاتها، أي تأخذ برزمتك العلاجية من الناحية الدوائية وكذلك السلوكية والاجتماعية والتحفيز والتفكير الإيجابي.

جرعة السيبرالكس: تتناولها بجرعة خمسة مليجرام، وهذا يعني أن تقسم الحبة إلى نصفين، استمر على هذه الجرعة لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة حبة كاملة – أي عشرة مليجرام – وهذه جرعة صغيرة، ولا أعتقد أنك سوف تحتاج لأن تزيدها، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول السيبرالكس.

هنالك دواء آخر أفضل إضافته؛ لأنه مضاد ممتاز للقلق وسليم جدا، هو عقار (فلوناكسول fluanxol) والذي يعرف علميا باسم (فلوبنتكسول flupentixol) والجرعة هي أن تأخذ حبة واحدة في الصباح – وقوة الحبة هي نصف مليجرام – تناولها بانتظام لمدة شهر واحد، ثم توقف عن تناول الفلوناكسول واستمر على السيبرالكس بالوصف الذي ذكرته لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات