تم زواجي من شخص متزوج ثم حصل الفسخ فتألمت، ما توجيهكم؟

0 447

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة، تمت خطبتي على شاب متزوج لمدة سنة، قبل زواجنا بشهر حصلت ظروف مرضية لزوجي، اضطر بعدها لفسخ عقدنا، وقد حاولت معه بالوقوف معه والصبر، ولكنه فضل الطلاق.

للعلم، سبب مرضه هو المشاكل بينه وبين زوجته الأولى، وبعد الطلاق لا أشعر بالراحة، فأنا أشعر أنني السبب، ويؤنبني ضميري، وأحاول أن أستسلم للقضاء والقدر، وأقرأ من آيات الذكر والاستغفار، وأرتاح ثم أعود مرة أخرى للتفكير، فكيف أعمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ om kreem حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بداية نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة التي حملتك للكتابة إلينا، وجعلتك تتأثرين لما حصل للزوج رغم أنك لست السبب، فالكون هذا ملك لله ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، وما حصل لزوجك مقدر، والله هو القائل: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} والنبي – صلى الله عليه وسلم – قال لابن عباس: (واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك) فكل شيء بقضاء وقدر.

قد أحسنت بالصبر وبالتشجيع ومحاولة الوقوف معه، وليس عليك أي إثم أو ذنب، وليس لك أن تلومي نفسك على هذا الذي حدث، لأن هذا مما قدره الله تبارك وتعالى، بل أنت مأجورة على تقدير ما حصل له وعلى هذه المشاعر النبيلة التي تحملينها في نفسك.

الشيطان هو الذي يذكرك بهذا الذي حدث، وهم الشيطان أن يحزن الذين آمنوا، وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله، فإذا ذكرك العدو بما حصل فاسألي الله لزوجك الشفاء، واعلمي أنك لست سببا في هذا، وتشاغلي بالذكر والإنابة والسجود لله تبارك وتعالى، فإن الشيطان عدو همه أن يحزننا، وهمه أن يجعل هذا المسلم وتلك المسلمة معترضة غير راضية بقضاء الله تبارك وتعالى وقدره.

السلف كانوا يقولون: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار) فارمي واقذفي هذا الهم الذي ليس في مكانه، واشتغلي بما يرضي الله تبارك وتعالى، واعلمي أن مثل هذه الأمور هي من أحابيل الشيطان وحيل الشيطان وشراك الشيطان الذي يريد أن يضايق بها المؤمن ليخرج عن طوره ويخرج عن صوابه، ويفقد الأجر والثواب عند الله تبارك وتعالى.

أيضا ينبغي أن تعلمي أنك لم تفعلي شيئا حراما، أن زوجك لم يفعل حراما، فالشريعة تبيح له أن يتزوج بمثنى وثلاث ورباع، وبعض البنات تشعر بكل أسف أنها أخطأت وأنها فعلت وأنها أخذت، وهذا كله بتقدير الله تبارك وتعالى، وهذا الزوج لم يفعل إلا ما شرعه الله تبارك وتعالى له، وأباح الله تبارك وتعالى له، فمن حقه أن يتزوج بك أو بغيرك، ولو أنك رفضت لبحث عن غيرك، فالراغب في الزواج يبحث عن الزوجة المناسبة ولا ذنب للزوجة، ليس كما يقول بعض الناس (إنها أخطأت، لماذا تخرب عليها؟ ولماذا ولماذا؟) هي لم تفعل معصية، هذا كله بكل أسف من آثار المسلسلات وثقافة الأفلام، إلا أن شريعة رب الأرض والسموات التي ترجم الرجل إذا زنى، هي الشريعة التي تبيح له أن يتزوج مثنى وثلاث ورباع، والنبي – عليه الصلاة والسلام – والصحابة هم قدوة الناس في هذا الأمر.

يخطئ من يظن أن من قبلت بأن تكون زوجة ثانية أو ثالثة مخطئة أو متطفلة أو أنانية، بل الأنانية هي الأولى التي تحارب شرع الله وترفض لهذا الرجل أن يمارس حقا شرعه الله تبارك وتعالى له، مع أن كثيرا من الأزواج عندما يبحث عن ثانية يبحث عن حاجة، ويريد أن يعف نفسه، يبحث لأن الأولى قصرت وأهملت عيالها وتركت زوجها.

الزوج يبحث عن حقه الشرعي، وهذا دليل على الخير الذي فيه، وإلا فالشرير يتزوج واحدة ويصادق العشرات بالزنى والعياذ بالله، لكن شريعة الله لا تريد للزوج إذا أراد أن يخرج إلى زوجة أخرى إلا بضوابط الشرع، إلا في فراش نظيف، إلى امرأة لها حقوق، إلى زواج وعلاقة معلنة، ينتج عنها أبناء ينتسبون لأبيهم ويعيشون ويسعدون في هذه الحياة، لهم من الحقوق مثل إخوانهم من الزوجة الأولى، هذه شريعة الله تبارك وتعالى المحكمة.

تعوذي بالله من الشيطان كلما ذكرك بهذا الذي حدث، نسأل الله أن يكتب له الشفاء، وأن يكتب لك السعادة أيضا في حياتك الزوجية الجديدة، وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، هو ولي ذلك والقادر عليه.

نكرر شكرنا لك على هذه المشاعر، وندعوك إلى الاستغفار وذكر الواحد القهار، وكثرة الدعاء، والاشتغال بما يرضي الله، وعدم الوقوف عند هذه المواقف التي هي في حقيقتها صواب والشيطان يريد أن يجعلها محطات للحزن يضيع بها عليك أوقات الذكر والإنابة ويملأ نفسك بالضيق والاعتراض على قضاء الله وقدره، فتعوذي بالله من الشيطان، وتذكري أن الله أخبرنا وأعلن لنا عن عداوة الشيطان فقال: {إن الشيطان لكم عدو} ما هو العلاج؟ كيف نقابل عدونا؟ نقابله بنقيض قصده، قال: {فاتخذوه عدوا} والإنسان لا يتخذ الشيطان عدوا إلا إذا أطاع الرحمن، إلا إذا أطاع مالك الأكوان سبحانه وتعالى.

نسأل الله أن يستخدمنا وإياك في طاعته، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونكرر شكرنا على المشاعر النبيلة، ثم على التواصل مع الموقع، ونرحب بك في كل وقت، ونسأل الله تبارك وتعالى والهداية والشفاء والرحمة للجميع، وشكرا لك.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات