كنت أحب فتاة ولكنها تزوجت الآن.. فما نصيحتكم؟

0 525

السؤال

أنا شاب ملتزم وخلوق ووسيم، أعمل طبيبا، وبعد إتمام الدراسة عدت للزواج من بلدي العربي، وكان أمامي خيارات عدة منها فتاة من عائلة متدينة، وتلبس الحجاب، وأخرى من عائلة عادية، ولا تلبس الحجاب، ولكنها جميلة, فقمت باختيار الفتاة ذات الحجاب، وتزوجنا مع أني كنت أحب الفتاة التي لا تلبس الحجاب، ولكن خشيت على ذريتي.

اكتشفت بعد الزواج أنها لا تصلي إلا إذا ألححت عليها، وتكره المتدينين بسبب والدها والمجتمع، وصارت تحاول إقناعي بخلع الحجاب، خصوصا خلال إقامتنا في البلد الأجنبي، وقمت خلال السنة الماضية بزيارة بلدنا الأصلي فالتقيت بالفتاة التي كانت غير محجبة, فوجدتها محجبة ولا تترك أي فرض بالرغم من أن زوجها لا يصلي, فما الذي حصل لي هل هذا ابتلاء لي من رب العالمين أم بلاء؟ أم غباء مني فحسب؟

حاولت أن أراجع نفسي لمعرفة الخطايا التي قمت بها ليعاقبني ربي, فانا أحب أن أستمع للأغاني، وأقوم بين الحين والآخر بالمشي في الشارع مع الأصدقاء لنرى فتيات لابسات ثياب قصيرة، ولكني لم أرتكب أي كبيرة في حياتي, لم أزن, لم أشرب الخمر، وبالعكس أحاول دائما السكن قرب المسجد لأصلي كثيرا من الصلوات جماعة، وأتصدق لتكفير الخطايا، و لم أفطر يوما في رمضان وأصوم بعض الأحيان نافلة, خصوصا وقفة عرفات، فما رأيكم بالذي حصل لي؟

لا أستطيع الكف عن تأنيب الضمير والتفكير في الفتاة، والماضي وأني ظلمت نفسي وظلمت الفتاة، ورأيت نظرات الحزن والعتب عندما التقيت الفتاة التي كانت لا تلبس الحجاب.

هي عندها طفل وأنا عندي طفل أيضا، سؤال آخر, هل يصح لي الدعاء بأن يطلقها زوجها لكي أتزوجها؟

مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ rami حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

نرحب بك أيها الابن الكريم، ونشكر لك هذا التواصل، ونهنئك على هذه الاستقامة والحرص على طاعة الله تبارك وتعالى، وندعوك إلى عدم الندم على ما فات، فإن الأمر الذي تفكر فيه بهذه الطريقة هو من الشيطان الذي يريد أن يجلب لك الأحزان، والشيطان دائما يزين للإنسان الشيء الذي ليس في يده، فلو أنك تزوجت الأولى لزين لك غيرها، خاصة وأنت ممن لا يغض البصر، والإنسان الذي لا يغض بصره دائما تأتيه مثل هذه الإشكالات؛ لأن الشيطان يزين القبيحة إذا كانت بالحرام، ويقبح الجميلة في عين الإنسان إذا كانت بالحلال، والأمر كما قال ابن مسعود: "إن الحب من الرحمن، وإن البغض من الشيطان، يريد أن يبغض لكم ما أحل الله لكم".

واعلم أن الذي هدى الأولى إلى الحجاب وإلى الصلاة هو الذي سيهدي زوجتك إلى الحجاب والصلاة والعودة إلى ما يرضي الله تبارك وتعالى، واجتهادك في إصلاح هذه الزوجة التي لك منها ولد أفضل من التشويش على تلك المتزوجة من آخر، فإن مجرد التواصل معها – مجرد الاتصال بها، مجرد الذهاب للنظر إليها – هذا يجعلها تتعكر وتتغير على زوجها، وهذا ما لا نريده، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح لنا ولكم النية والذرية.

والإنسان ينبغي أن يصون عرضه وأعراض الآخرين، ودائما نحن نقول: (صيانتنا لأعراضنا تبدأ من صيانتنا لأعراض الآخرين) فعليك أن تقبل على زوجتك، وتذكر ما فيها من إيجابيات، وتذكر ما فيها من حسنات، وكل امرأة فيها نقائص وفيها إيجابيات، فيها سلبيات وفيها إيجابيات، ولذلك النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر).

والزوج عليه أن يؤدب زوجته، ويعينها على الطاعة، فلا تقبل ولا تفرط في أمر حجابها ولا في أمر صلاتها، وكن معها واضحا في مثل هذه الأمور، ولكن مع تحري الحكمة واستخدام الأسلوب الجميل في نصحها وإرشادها وتذكيرها بفضائلها، وبين لها أن حجابها وأن التزامها هو الذي دفعك للزواج بها، وأن الحياة يمكن أن تتوقف إذا أصرت على أن تعصي الله تبارك وتعالى، وأنك حريص عليها، وتريد لها الخير.. إلى غير ذلك من الأمور التي تعينها على الاستقامة.

فكن عونا لها على الشيطان وليس العكس، واجتنب النظر إلى النساء، واجتنب التهاون في هذه المسألة؛ لأن النظر إلى النساء له علاقة بعدم رضا الإنسان عن أسرته وعن زوجته وعن جمالها وعن حياته؛ لأن الأمر كما قلنا هذا من الشيطان، والنظر سهم مسموم، والنظرة الحرام تفسد قلب الإنسان، فكما أن السهم المسموم يتلف البدن فإن النظر يتلف قلب الإنسان، فلا يخشع في صلاة، ولا يجد بعد ذلك لذة في حلال، ولا يجد خضوعا أو لذة للطاعة لله تبارك وتعالى.

فتجنب هذه المعاصي، وتب إلى الله تبارك وتعالى، وأكثر من الاستغفار، فإن أعظم الطاعات وأعظم الدعاء كما قال ابن تيمية هو الاستغفار؛ لأن الاستغفار سبب لإجابة الواحد القهار، وبالاستغفار نزيل الذنوب، والذنوب لها شؤمها وآثارها المدمرة والخطيرة، فإن استغفر الإنسان وتاب وأناب كان أهلا للقبول، وأهلا للإجابة، وأهلا للتوفيق، والإنسان يرى أثر معصيته لله في بيته (عناد من الزوجة – صعوبة في العمل – صعوبة في الحياة) فإن للحسنة ضياء في الوجه، انشراحا في الصدر، وتيسيرا في الأمور، ومحبة في قلوب الخلق، وللسيئة ظلمة في الوجه، وضيقا في الصدر، وبغضة في قلوب الخلق، قال قائل السلف: (إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي، وفي خلق امرأتي، وفي فأرة بيتي) وإذا أطاع الإنسان ربه سخر له الأكوان.

فكن صادقا مع الله، وأقبل على الله تبارك وتعالى، وتجنب المعاصي التي تقع فيها، وسترى أثر الطاعة في بيتك انسجاما، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على إكمال المشوار مع هذه الزوجة، وأن يعينك على نصحها حتى تواظب على صلاتها وحجابها وطاعتها لله تبارك وتعالى، ونؤكد لك أن الشرع لا يمنع الإنسان أن يتزوج مثنى وثلاث ورباع، ولكن كل هذه الأمور ينبغي أن تدرس، ونتذكر أن العدل مطلوب، وأن الإنسان ينبغي أن يجتهد في أن يقوم بالواجبات كاملة تجاه زوجته؛ لأنه يسأل، فهذه رعية يسأل عنها، والله يقول: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا}.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونكرر ترحيبنا بك في الموقع، ونشكر لك هذا التواصل.

مواد ذات صلة

الاستشارات