فقدت ثقتي بنفسي وبالناس بسبب قسوة المشاكل العائلية!

0 511

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب في التاسع عشر من العمر، أعاني من حالة اكتئاب دائم تصل للبكاء في بعض الأحيان, لا أحس بطعم للحياة، وهي مشكلة مستمرة معي من الصغر، لكن زادت في آخر ثلاث سنوات تقريبا.

نشأت في بيت لا تتوقف المشاكل فيه بين الأب والأم لأتفه الأسباب, أبي كان يسبني ويشتمني ويضربني بسبب أي شيء لا يعجبه، وإن لم يكن خطأ، ولم يكن يسمح لي بالخروج من المنزل كثيرا، وصرت مفتقرا للحب والحنان، ولا أذكر أن أبي وأمي قاما باحتضاني ولو لمرة واحدة، لذا أصبحت أكره أبي وأمي، وأحقد عليهما كثيرا، وأغلب إخوتي أيضا؛ بسبب خصامهم لي، وعدم الاكتراث لمشاعري، وأصبحت لدي ردات فعل بأن أقوم بأي شيء على عكس ما تربيت عليه، وأصبحت بدون أصدقاء، وزاد زني حتى وصل 129كيلو.

فكرت في الانتحار سابقا، أما الآن فلا أكترث أبدا إذا قيل لي إنك ستموت غدا.

انعدمت ثقتي في كل الناس بعد تخلي أصدقائي عني، وأحسن بأن أعين الناس تلاحقني عندما أسير في مكان عام, وأتلعثم وأتوتر، وأصاب بخجل كبير عند الحديث مع شخص لا أعرفه.

أمارس العادة السرية منذ أن كان عمري 12 سنة، وقد بدأت بشرب الدخان منذ 6 شهور.

ما هو الحل أو العلاج -الله يحرم وجوهكم على النار-؟ إني مدمر نفسيا، وليس عندي ثقة بالنفس، وأتمنى أن أحس بقيمة للحياة.

فكرت في الذهاب إلى دكتور نفسي، لكن أهلي لم يسمحوا بذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohanad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت تشتكي من سوء تنشئتك، والمعاملة القاسية من الوالدين، وكذلك إخوتك، والآن تخلى عنك أصدقاؤك.

لا شك أن هذا وضع يسبب أزمات نفسية، ويسبب عدم ارتياح، والسؤال الذي يجب أن يطرح نفسه وبكل شجاعة: هل كل هؤلاء سيئين: الأب، الأم، الأخوات، الأصدقاء؟ نحن لا نتهم أي طرف حين نتحدث عن المشاكل السلوكية، لكن يجب أن نبحث عن الأسباب وبعقلانية.

وعليه -أيها الفاضل الكريم- حاول أن تنظر لهؤلاء بإيجابية، وحاول أن تكون متسامحا، وإن كانت هنالك أي أخطاء من جانبك فيما يخص التعامل معهم يجب أن تتخلص منها، ويجب أن تكون من الكاظمين الغيظ، ويجب أن تكون أكثر ثقة في الله أولا، ثم فيمن حولك، ثم في نفسك.

علاقتك بوالديك هي علاقة أزلية، لا أحد من الأبوين يريد الشر بأبنائه، لذا نجد -وكما هو مثبت- أن حب الآباء والأمهات لأبنائهم هو حب غريزي وحب جبلي، لكن بكل أسف حب الأبناء لآبائهم وأمهاتهم ليس غريزيا، إنما يريد الكثير من التنمية، وكما تلاحظ -أيها الفاضل الكريم- تجد في القرآن الكريم أن الله تعالى أوصى دائما الأبناء بآبائهم وأمهاتهم، ولم يوص الآباء والأمهات بأبنائهم إلا في آية واحدة في قوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} لأن الحب الجبلي الغريزي يكفي تماما لأن يتعامل الآباء والأمهات مع أبنائهم بالحسنى، ويحسنا التربية، حتى وإن اختلفت المناهج.

أنت الآن وصلت لمرحلة عمرية لا تحتاج فيها إلى الاعتماد على الآخرين، فأنت تستطيع أن تحدد هويتك، وتستطيع أن تحدد انتماءاتك، وتستطيع أن تكون رجلا متطلعا للخير والنجاح، وتتوقف عن موضوع الدخان، وتتوقف عن العادة السرية، هذه شوائب وآثام ومهلكات للصحة والنفس والسلوك.

لابد أن تطهر وتنقي نفسك، وهذا سوف يبني انطباعا إيجابيا لدى ذاتك حول ذاتك، وكذلك لدى الآخرين حولك، وسيأتيك الأصدقاء الفضلاء الكرماء الأصحاء الأسوياء، لا شك في ذلك، فلابد أن تبدأ وتغير الفكر في نفسك.

التفكير في الانتحار، والحياة الفوضوية التي لا هدف لها، هذا كله لا يجدي ولا يفيد، فلا تهمش نفسك، وانطلق انطلاقة جديدة، وابحث عن العلم، وابحث عن الدين، وابحث عن الأخوة الصادقة، وابحث عن بر الوالدين، واعلم أن هذه المسميات كالاكتئاب وخلافه لا تأتي إلا من خلال اضطراب المسلك والسلوك، وعدم التفكير الإيجابي.

أعتقد أنك محتاج جدا لأن توجه نفسك توجيها جديدا، وهذا هو الهدف من هذه الرسالة التي أشكرك عليها كثيرا –حقيقة-، وأرجو أن تأخذ إجابتي بكل اعتبار وبكل أبوة.

وفي ذات الوقت موضوع السمنة لا شك أنه أمر يجب أن تعالجه؛ لأنه ليس من المعقول وأنت في مثل هذا العمر أن يكون وزنك 129 كليو، فالسمنة ليست صحية، والسمنة خطيرة على القلب وعلى جميع أجهزة الجسد، ويعرف أنها مرتبطة بالاكتئاب النفسي.

نظم طعامك، ومارس الرياضة، وابحث عن كل الوسائل التي تجعلك شابا رشيقا أنيقا مقبولا.

بالنسبة لمقابلة الطبيب النفسي: أعتقد أن أهلك إذا أوضحت لهم وشرحت لهم أنك في حاجة لذلك، قد يوافقوا؛ لأن كتابة أحد مضادات الاكتئاب بواسطة الطبيب أيضا قد يفيدك.
وإن رفضوا رفضا قاطعا، فلا أعتقد أنك إن ذهبت للطبيب لوحدك يكون في ذلك مخالفة لأي أحد، فأنت رجل، وتستطيع أن تتخذ قراراتك حول نفسك، وفي ذات الوقت ما دمت متأكدا أن أهلك لا يعاملونك المعاملة المعقولة، فأعتقد أنه لا سلطان عليك من قبلهم، وهذا لا نعني ألا نقدر بعضنا، وألا نحترم آبائنا وأمهاتنا، وأخواتنا وإخواننا، على العكس تماما، وأنا أعتقد أنك إذا طرحت قضيتك بصورة معقولة ولطيفة لن يرفض طلبك أبدا.

احرص على الصلاة في وقتها؛ فالصلاة هي عماد الأمر، وكن حريصا أن تنظم وقتك، وأن تمارس الرياضة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات