هل أترك تخصصي الذي أحبه للاختلاط الذي فيه؟

0 392

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أشكركم على موقعكم هذا، وبارك الله فيكم، ونفع بكم.

أنا فتاة أبلغ من العمر 18 عاما، أريد أن أسأل عن الأسباب التي تؤدي للخشوع في الصلاة، وكيف أمنع نفسي من السرحان والتفكير بالدنيا في صلاتي؟ وماهي مكفرات الصلوات التي سرحت فيها، ولم أؤدها بالشكل الصحيح؟

ثانيا: أحب تخصصي جدا، تعبت حتى وصلت إليه، وبعدما وصلت إليه تركني خطيبي السابق بحجة الاختلاط، -والحمد لله- خطبت لرجل آخر، وبدأت نفسي توسوس لي بأن خطيبي لا يدري أني أختلط بالرجال، وبدأت أنتظر منه فسخ الخطوبة إذا عرف، وأنتظر الصدمة، وبدأت أقول: (معقولة) رجل يرضى أن زوجته تختلط بالرجال؟ مؤكد لما يتزوجني سيجبرني أن أترك تخصصي، وأبي بدأ يلمح لي أن أترك تخصصي، كأن يقول لي : تخصصي انجليزي، فهو مناسب لك. ويسألني عن صاحباتي أي تخصص اخترن، ثم يسألني لم لم أدخل معهن؟ وأن المجال لا يزال متاحا لأغير تخصصي، وأكره نفسي إذا قارنني بهن، لأني -والله- أفضل منهن، ولا أريد أن أنزل لمستواهن، أبي متفهم، وحتى أنه لم يتدخل برغباتي عندما سجلت للجامعة، ولكن بعدما تركني خطيبي السابق، بدأ يقول لي: من سيتزوجك وأنت تخصصك مختلط؟ وقدر الله وخطبت.

أريد من حضرتكم أن تطمئنونني، وأريد أن أعرف، هل يجوز الاختلاط إذا كنت بكامل حجابي -وأنا كذلك-، وإذا غضضت بصري، ولم أخضع بالقول؟ أم أرمي بأحلامي وقدراتي وأحول لتخصص آخر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا، ونشكر لك حرصك على تحسين صلاتك، فالصلاة عمود الإسلام كما جاءت بذلك الأحاديث، وإذا صلحت الصلاة صلح سائر الأعمال، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح ونجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر.

ولذا فنصيحتنا لك –ابنتنا الكريمة– أن تجتهدي في تحسين صلاتك، وذلك بالأخذ بالأسباب التي تعينك على الخشوع، وقد أحسنت بالسؤال عنها، وهي كثيرة، ومن أهمها: أن تدخلي الصلاة فارغة البال من مشاغل أخرى بقدر الاستطاعة، كما أرشدت إلى ذلك أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم–، فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم– أن يصلي الإنسان وهو حاقن –أي يريد أن يقضي حاجته–، وأمرنا بأنه إذا حضرت الصلاة والطعام، فليبدأ الإنسان بأكل طعامه ما دامت نفسه تتوق إليه، حتى يقبل على صلاته بقلب متفرغ لها، فهذه أول الأمور التي تعينك على الخشوع، أن تحاولي الفراغ من مهامك ومشاغلك قبل الدخول إلى الصلاة بقدر الاستطاعة، ما دام ذلك يمكن قبل خروج وقت الصلاة.

ومن الأسباب كذلك: الابتعاد عن الملهيات أثناء الصلاة، فقد خلع النبي -صلى الله عليه وسلم– انبجانية كانت عليه، أي لباسا كان يلبسه فيه أعلام –يعني فيه خطوط–، فلما فرغ من الصلاة خلعها سريعا، وقال: (إنها ألهتني آنفا عن صلاتي)، فينبغي أن تحرصي كل الحرص على الصلاة في أماكن لا توجد فيها ملهيات، أو مشغلات تشغلك بالنظر إليها، أو الاستماع إليها حال صلاتك.

ومن الأسباب المعينة على الخشوع أيضا: أن تتفقهي في معاني الكلمات التي تقولينها في صلاتك، كمعاني التسبيح، فتفكري في معنى التسبيح، وأنه التنزيه لله تعالى عن كل عيب، ووصفه سبحانه وتعالى بكل جميل وكمال، وهكذا التدبر في معاني الكلمات القرآنية التي تقرئينها، وكذلك كلمات التشهد، والاشتغال أثناء الصلاة بتدبر هذه الكلمات، والتفكر في معاني الأفعال التي نفعلها في صلاتنا، فالسجود وما فيه من مزيد من الخضوع لله سبحانه وتعالى، والقيام بين يدي الله تعالى أدبا واستكانة وتضرعا.

ومن الأسباب المعينة على الخشوع: اللجوء إلى الله تعالى بصدق، وسؤاله باضطرار أن يرزقك حسن عبادته، ويعينك على ذلك، هذا من الأدعية الجليلة التي علمها النبي -صلى الله عليه وسلم– لأصحابه، فقد قال: (يا معاذ إني أحبك، فلا تدعن أن تقول كل دبر صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، وهناك رسالة صغيرة جمعت فيها أسباب الخشوع في الصلاة، وهي منشورة متداولة على الشبكة العنكبوتية بعنوان (ثلاثة وثلاثون سببا للخشوع في الصلاة) ننصحك بقراءتها والاطلاع عليها، فإنها تعينك كثيرا.

وأما الصلوات التي قد سبق أن فرطت في الخشوع فيها، أو في شيء منه، فإنه لا كفارة لها، ولكن ينبغي للإنسان أن يكثر من النوافل، لأن الحديث ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم– كما في سنن الترمذي، قال فيه: (فإن انتقص شيء من صلاته قال الله: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فيكمل به ما انتقص من فريضة) فهذا الحديث فيه إرشاد وبيان أن النوافل تكمل بها الفرائض.

وأما التخصص الذي تدرسينه، فنصيحتنا لك –وهي نصيحة من يحب لك الخير، ويتمنى لك السعادة– أن تعدلي عنه، وتنصرفي إلى غيره ما دام يعرضك للاختلاط، فإن الاختلاط المعاصر -كما هو الواقع المشهود اليوم– من أعظم وسائل الفتنة وأسباب الفساد، وقد يرغب عنك بعض الخطاب، لا سيما أهل الدين والفضل، قد يزهدون فيك إذا ما وجدوا منك الإصرار على ذلك، وإن كنت سليمة الطوية حسنة السيرة، لكن جرت عادة الناس الابتعاد عن مواطن الريب، وحفظ نسائهم وحرماتهم عن التعرض لمثل هذه المواطن.

فنصيحتنا لك، إرضاء لربك وطاعة لوالدك، وتسببا في رزقك الحلال، أن تسعي بالبحث عن مجال دراسي يناسبك، وإن كان دون المستوى الذي تطمحين إليه، فإن الله عز وجل سيجعل فيه خيرا كثيرا، ويبارك لك فيه، وكوني على ثقة من أن طاعة الله تعالى، والوقوف عند حدوده، من أعظم الأسباب التي تقودك إلى الرزق الحسن، والحياة الهنيئة السعيدة، وأن معصية الله تعالى من أعظم أسباب الحرمان.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات