كيف أتخلص من آثار الحوار مع ملحد؟

0 344

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أتمنى أن تكونوا جميعا بخير.

ما هي حلول الوساوس الشيطانية التي توسوس في الفكر, وتشكك في الدين والقرآن والحديث؟

منذ 4 أشهر تقريبا بدأت هذه الوساوس, وكأنها شيء مستقل في عقلي, وليست من نفسي, علما بأنها بدأت عندما تحاورت مع شخص ملحد, وهو شخص قريب لي, ومنذ ذلك الوقت تأتيني هذه الوساوس, ثم تذهب.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل– فاسمح لي أن أقول لك إنك أخطأت خطأ فادحا، وذلك في تحاورك مع هذا الشخص الملحد؛ لأن أهل البدع عادة ما يتركون أثرا في نفوس الصالحين وغيرهم، ولذلك نجد أن كثيرا من أهل العلم كان يحذر من مجالسة أهل البدع ومناظرتهم والتحدث معهم فيما يتعلق ببدعتهم، وذلك بسبب أن هذه البدع قد تكون أنت قوي العقيدة ولكنها قد تظل لها بعض الآثار في نفسك، كهذا الذي حدث معك، ولذلك عندما طلب من الشيخ ابن باز –عليه رحمة الله تعالى– أن يناظر رجلا من أهل البدع عبر التلفاز رفض، فلما سألوه عن ذلك قال: (إني أخاف أن تتسرب بعض أفكار هذا الرجل المنحرف إلى عامة الناس فلا يستطيعون التخلص من هذه الآثار بعد ذلك).

فإذن كان الأسلم لك والأولى –أخي حسن– ألا تتكلم مع هذا الشاب مطلقا في هذه القضايا التي يؤمن بها ما دام أنه شخص ملحد, وأنت تعرف ذلك, هذا الخطأ ترتب عليه هذه المشاكل التي أنت فيها، فهذه الوساوس الشيطانية التي ذكرتها من أنها أصبحت في الدين والقرآن والحديث، هذه من آثار هذا الحوار وهذا النقاش الذي حدث بينك وبين هذا الشخص الملحد، والذي أنصحك به بداية:

أولا: مطاردة الفكرة، ومعنى مطارة الفكرة أنك كلما جاءت هذه الأفكار لتدخل عقلك حاول أن تقاومها، لا تستسلم لها، لأن استسلامك لها يعطيها مساحة من ذاكرتك، ومع تكرارها تصبح هي العقيدة، وبذلك تتضرر ضررا بليغا وسوء علاقتك مع الله تعالى، وقد تلقى الله على غير دين والعياذ بالله جل وعلا.

فإذن كلما شعرت بأن هذه الفكرة بدأت تقفز إلى ذاكرتك حاول أن تطاردها وأن تغلق عقلك أمامها، هذه مهارة ليست صعبة، إغلاق العقل ليس مستحيلا، العقل هذا له باب كأي شيء، فأنا عندما تأتي الفكرة أحاول أنني أغلق العقل تماما في داخلي في ذاكرتي، لا أريد أن أسمع هذا الكلام، كأنك تقول لنفسك هذا (لا أريد أن تتسرب هذه الفكرة إلى عقلي، أنا مؤمن موحد صادق، أنا من أمة النبي -صلى الله عليه وسلم-) تقول هذا الكلام لنفسك, هذه هي النقطة الأولى.

ثانيا: إذا قدر الله تعالى وحاولت أن تغزوك ودخلت إلى فكرك فحاول أن تشتتها، ومعنى تشتيت الفكرة أن تحاول أن تتخلص منها بالانشغال عنها بأي شيء آخر، كأن تنظر من النافذة، كأن تخرج من الغرفة، كأن تنظر في التلفاز، كأن تقرأ كتابا، كأن تتكلم مع أحد، المهم ألا تستسلم أيضا، وهذه تسمى بـ (مطاردة الفكرة وتشتيتها).

إذا النقطة الأولى رفض الفكرة نهائيا، بمعنى إغلاق العقل تجاهها حتى لا تدخل إلى العقل. الأمر الثاني: لو قدر الله وتغلبت عليك إذا تشتتها وتحاول تفريقها بهذه الوسائل التي ذكرتها وأشرتها إليك.

هناك أمر مهم جدا وهو الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يصرف الله عنك هذا البلاء، لأن هذا بلاء عظيم، قد يموت العبد بسببه على غير التوحيد، فقد يلقى الله تبارك وتعالى على غير عمل صالح, وقد يخلد في النار إذا حمل أفكار الشرك والكفر والعياذ بالله تعالى.

فعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يعافيك الله عز وجل من هذه الأفكار السلبية، ألح على الله بذلك.

رابعا: عليك بقراءة الكتب السهلة المختصرة التي تتكلم عن الدين حتى تبسط لك المعلومة، هناك تفاسير راقية بسيطة ليست مجلدات ضخمة، وهناك أيضا أحاديث رائعة من الممكن أن تفيدك، وغير ذلك من الكتب، هناك كتاب يسمى (توحيد الخالق) للشيخ عبد المجيد الزنداني، هذا كتاب قديم يتكلم فيه عن بعض الحقائق العلمية الرائعة التي من الممكن أن تمتع القلب والعقل معا في آن واحد.

عليك بارك الله فيك بصحبة الصالحين، مجالسة الصالحين من إخوانك، المحافظة على الصلاة في أوقاتها، المحافظة على أذكار الصباح والمساء بالتزام، والمحافظة على أذكار النوم... هذه كلها عوامل تؤدي إلى زيادة الإيمان، لأن الله تبارك وتعالى سمى الصلاة إيمانا فقال: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} والوضوء نور، والصلاة نور، فهذه كلها أشياء تضيء لك حياتك وطريقك إلى الله تبارك وتعالى.

أكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، كلما جاءتك هذه الأفكار، لأنه قد يصحبها الشيطان, إن اشتدت عليك الحالة فأنا أنصح بالتوجه إلى أي أخصائي نفساني أو عيادة نفسانية؛ لأن الوساوس الدينية والوساوس الخفيفة لو زادت على الإنسان تتحول إلى حالة مرضية، وهو ما يعرف بالوسواس القهري, إن استطعت أن تنتصر على هذه الأشياء الآن فحاول واجتهد بكل قوة أن تتخلص منها، حتى لا تتحول إلى وسواس قهري.

الدعاء مهم جدا للغاية، لأنه سلاح ماض فتاك، فعليك به والإكثار منه، وأبشر -بإذن الله تعالى– بفرج من الله قريب.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات