هل لا يقبل الله التوبة عن الكذب إلا لو أخبرت من كذبت عليها بفعلي؟

0 709

السؤال

السلام عليكم.

كذبت مرات عديدة على صديقتي بدون سبب يذكر، مجرد أني أحب اختلاق أشخاص وقصص حدثت لي، وهي غير حقيقية بالأصل، ندمت فعلا على ذلك وأود أن أتوب بجدية، لأنني بمجرد تفكيري بأن هذه من صفات المنافقين تحزنني، بل تجعلني أشعر بهم الله به عليم.

سؤالي: حينما أتوب من الكذب، هل لا تقبل توبتي إلا حينما أخبر صديقتي بأن كل ما كنت أقوله لها هو كذب؟ وإن كان لا، فهل سيفضحني الله يوم القيامة بأنني كنت أكذب أمامها؟ أنا لا أريد أن أشعر بالإحراج، ولا أريدها أن تتركني حينما تعلم أنني كذبت عليها، أريد أن أتوب مع ربي فقط، فهل ينفع ذلك؟! أم لا بد أن أخبرها بالحقيقة؟

أتمنى أن تجيبوا على سؤالي في أسرع وقت ممكن، وجزيتم خيرا كثيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أفنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك –ابنتنا العزيزة– في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك حسك الإيماني المرهف الذي دعاك إلى الخوف والقلق من هذا الذنب، فإن الكذب من الآفات التي يجب على الإنسان المؤمن أن ينزه لسانه عنها، وهو من قبائح الذنوب، ولكن الله تعالى برحمته بعباده أن شرع لهم التوبة إذا وقع الواحد منهم في خطيئة أو ذنب، وقد أحسنت حين قررت التوبة إلى الله تعالى من ذنبك، وثقي أن الله تعالى لن يضيع عملك الحسن، فإن الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا.

فإذا تبت إلى الله تعالى توبة صادقة بأن ندمت على فعل هذا الذنب، وعزمت على ألا ترجعي إليه في المستقبل مع تركه في الزمن الحال، فإن الله تعالى سيقبل توبتك، ولن يردك خائبة، فقد قال سبحانه: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات} والنبي -صلى الله عليه وسلم– يقول: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) فأحسني ظنك بالله تعالى، وتوبي من ذنبك.

والتوبة تتحقق بما ذكرناه لك من الأمور الثلاثة، وهي الندم على الكذب في الماضي، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع ترك الكذب، فإذا فعلت هذا فقد تمت توبتك.

ولا تحدثي أحدا سواء زميلتك هذه أو غيرها بما فعلت من الذنب، فما دام الله عز وجل قد ستر عليك فاستتري بستر الله، وبهذا أمر الله تعالى، كما جاء في الحديث عن نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم– إذ قال -كما في الموطأ- : (فمن أصاب شيئا من هذه القاذورات فليستتر)، فهذا ما يريده الله تعالى منك برحمته ولطفه، ما دام قد سترك في الدنيا ووفقك إلى التوبة، فإنه سبحانه وتعالى يريد لك الستر والمغفرة، فأقبلي على الله وتوبي إليه، ولا تحدثي بهذا الذنب أحدا، وثقي بأن الله تعالى كما سترك في الدنيا فإنه سيسترك أيضا في الآخرة، وقد جاء في الحديث أن الله تعالى يقرر عبده بذنوبه يوم القيامة بعد أن يستره عن الناس ويقول: (أنا سترتها لك في الدنيا وأنا أمحوها لك اليوم) أو كما قال -عليه الصلاة والسلام-.

وخير ما نوصيك به -أيتها البنت الكريمة– أن تكثري من الخيرات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، كما نوصيك بالإكثار من تعلم العلم النافع والعمل الصالح، فإن النفس إذا شغلت بالحق صرفت عن الباطل.

نسأل الله تعالى بالتوفيق والسداد، وأن يأخذ بيدك إلى كل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات