خطيبي يتعامل بالضرب مع أهله، كيف أردعه عن ذلك؟

0 288

السؤال

السلام عليكم...

خطيبي - ولد خالي - يعاني من مشاكل عائلية مستمرة، وأهله يحملونه فوق طاقته، حتى صار يتذمر من كل شيء، فهو الذي يقوم بحل مشاكلهم مهما كانت نوعها، حتى وصل لمرحلة معاقبة المخطئ بالضرب.

أصبح يفر من البيت ليهرب من المشاكل، فيلاحقونه بالاتصال، فإن عاد للبيت استخدم الضرب المبرح حتى يفقد أعصابه، وقد حاولت معه كثيرا ليغير طريقته في التعامل معهم، ويبتعد عن أسلوب الضرب، وبلا فائدة.

منذ طفولته وهو مضطهد، فقد كان يتعرض للضرب لأتفه الأسباب، وكانت والدته تفضل أخوته عليه، ولما كبر أصبح والده يخاصمه بلا سبب، ويأخذ من ماله.

قبل فترة احتفظ بمبلغ من المال عند أخته ليشتري سيارة، وتفاجئ بأن والدته تسحب من المبلغ دون إذنه وتعطيه لأخوته، رغم قدرتهم على كسب المال، أيضا هو مقبل على الزواج، ولم يقم أحد بمساعدته في هذا الأمر.

سؤالي: ما هي الطريقة التي أنصحه بها ليكف عن استخدام الضرب؟ كيف أتعامل معه وهو يحمل آثار من معاناة الماضي والاضطهاد؟ ما هي طرق تهيئة الأجواء المناسبة لأجعله يرتاح نفسيا؟ وما هي الطريقة الصحيحة لأكسب قلبه وثقته؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رحيق الزهو حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هذا الأخ - حفظه الله – محتاج لأن يغير من منهجيته مع أهله لأن أسلوب الضرب أسلوب لا يقر، ليس أسلوبا حكيما، ليس أسلوبا نافعا، ومن خلاله لا يستطيع تأديب الآخرين، وفي ذات الوقت سوف يكون انعكاسه سلبيا عليه. أرجو أن يتفهم هذه الحقيقة.

مهما كانت الظروف، مهما كانت الأوضاع فالضرب هو أسلوب مهين للضارب والمضروب، ولا يقر أبدا، المنهج الصحيح هو التفاهم، هو احترام الآخر، هو أن يقبل الإنسان الطرف الآخر في كل ما يتفق معه عليه، وأن يحاول أن يجد له العذر فيما يكون فيه الاختلاف.

العلاقة مع الأهل، مع الوالدين، مع الإخوان، مع الأخوات، هي علاقة أزلية، وإن شئنا يمكن أن نسميها علاقة إجبارية، بمعنى أن لا إنسان يستطيع أن يغير أهله، ويبني علاقات جديدة مشابهة.

أنا ارتحت كثيرا لرسالتك، وأحسست فيها بالصدق والأمانة والمصداقية، لذا وددت أيضا أن أكون صادقا معك ودقيقا في كل ما أقوله.

إذا الذي أنصحك به هو أن تنصحي خطيبك بأن يتجنب أسلوب العنف والتعانف، وأن يلجأ إلى الصبر والحوار والنقاش واحترام الآخر، هذا سوف يعود عليه - إن شاء الله تعالى – بنفع كبير جدا.

هنالك حقيقة يجب أن أؤكدها لك، وأرجو أن يكون خطيبك على إدراك بها، وهي: لا أحد يكرهه في أسرته، مهما كان منهج المعاملة سيئا، إلا أن هذا مجرد اختلاف في المنهجية وليست كراهية. حب الوالدين لأبنائهم هو حب فطري وجبلي وغريزي، لا يغير ولا يبدل.

فالنصيحة هي أن يحسن التعامل معهم، وهنالك حقيقة مبشرة جدا، أنه إذا غير منهجه وأصبح يتعامل معهم بصورة أكثر إيجابية هذا يعتبر تقدما كبيرا في العلاقة ما بين الطرفين، وإن شاء الله تعالى سوف يكافئ ويحس بالطمأنينة؛ لأن الأطراف الأخرى سوف تبادله نفس المنهجية، بل سوف يتقدمون بصورة أفضل وأكبر، هذا معروف في السلوك الإنساني.

بالنسبة لتعاملك معه، أولا: أرى أن التعجل بالزواج هو أفضل، لأن الزواج فيه رحمة وفيه سكينة وفيه استقرار، والأمر الآخر: هو أن تكوني فطنة وحذقة وألا تجعليه يعيش في صراع ما بين زوجته وما بين أهله، لا أقول لك: أنت التي يجب أن تضحي دائما، لكن دائما حاولي أن تطمئنيه، أن تبعثي فيه الأريحية والصبر، وأن تنصحيه بأن يتواصل مع أهله، وأن تقومي أنت أيضا بهذا الدور، بمعنى أن تكوني مساعدة حقيقية له في التعامل مع أهله.

وفي ذات الوقت من الأشياء الجميلة هي أن يتعلم كيف يدير نفسه ويقبل نفسه وينظم وقته، هذا - إن شاء الله تعالى – يعود عليه وعليك وعلى أهله بالخير الكثير.

وقطعا هناك أمور بسيطة في الزوجية، أنت مدركة لها، وهي: لا تناقشي معه أي مشكلات إلا إذا كان مزاجه حسنا وفي لحظة طيبة، ودائما اعرضي المشكلة وأعرضي الحلول، هذا أفضل، ويساعده كثيرا، وهذا هو أفضل جو يمكن أن تهيئيه له حتى تعيشي معه حياة طيبة وسعيدة.

الثقة تأتي من خلال الأفعال وليس من خلال الكلمات، (الاحترام، التقدير، الاهتمام بشأنه، الوقوف بجانبه) هذا هو الذي يبني الثقة.

وأنصحك أيضا بأن ترتبي لنفسكما، مثلا: لقاء مرتين في الأسبوع على مائدة القرآن الكريم، تدارسان مع بعضكما البعض شيء من القرآن الكريم، هذا - إن شاء الله تعالى – فيه خير كبير وكبير جدا لكما، ومن خلال مدارسة القرآن الكريم وتلاوته باستبصار وتروي يستطيع الإنسان أن يكتشف الجوانب الإيجابية في ذاته، وحين تكتشف هذه الجوانب الإيجابية تحس النفس بالهدوء والطمأنينة وتتحسن القناعات حول جمال الحياة الزوجية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات