قلق ورهاب متأصل.. هل من علاج له؟

0 315

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أتوجه بفائق الشكر والتقدير لكل القائمين على هذا الموقع الرائد، وخصوصا الدكتور القدير محمد عبد العليم للمبادرة بتقديم العون والفائدة لعامة السائلين.

أعاني من القلق النفسي والرهاب الاجتماعي بصفة متأصلة وموروثة، حيث إن شخصيتي تميل للقلق، وتظهر الأعراض الفيزيولوجية للقلق بصورة مبالغ فيها عند التفاعل مع الأحداث المثيرة بالإضافة إلى القولون العصبي.

ذهبت قبل ستة أشهر إلى طبيب نفساني يشهد له بالكفاءة، ووصف لي ويلبوترين ١٥٠ ، وفالدوكسان حبة واحدة، وساليباكس حبة واحدة، وكان هناك تحسن ملحوظ، وبعدها رفعت جرعة ويلبوترين إلى ٣٠٠، -والحمد لله- شفيت تماما من الرهاب الاجتماعي، وتحسنت مهاراتي الاجتماعية بشكل كبير جدا.

ولكن هناك مشكلة لا تزال معلقة، وهي الشعور بالقلق بأبعاده السيكيولوجية والفيزيولوجية عند تعلم أي مهارة جديدة، والخوف الزائد عند أي تجربة جديدة أبسط الأمثلة على ذلك عندما تعلمت السباحة عجز المدرب عن إيجاد طريقة ليقنعني بالنزول إلى الماء لتكون أول تجربة لي.

علما أني لست مصابا برهاب الماء إنما هو رهاب التجربة والحساسية العالية من المخاطر، نعم هي موجودة لدى كل البشر، ولكن ما أعاني منه هو حالة مرضية، وليست بالحد الطبيعي المعقول، وقد ازدادت حالتي سوءا، وذلك لأن عمري ٢١ سنة، وهذا العمر يتطلب الدخول في الكثير من التجارب الجديدة والمثيرة لاكتساب الخبرة في جميع مجالات الحياة، وأصبت بالأرق، وصار نومي متقطعا وسطحيا، وبلا فائدة تقريبا، والآن أنا بحاجة لكسر الجمود، واكتساب الجرأة، والعنفوان، والقدرة على دخول أي تجربة جديدة، واكتساب المهارات بكل ثقة.

أيضا أريد دواء للقولون العصبي، علما بأنه لم يتم تشخيصه بعد، ولكني متأكد من وجوده؛ لأني متطلع فيما يخص الأمراض النفسية والكشف عنها، ولكني لم أجد علاجا مجديا للقلق حتى مع استخدام عدة أدوية مضادة للاكتئاب سابقا (فافرين، سيروكسات، سيبراليكس، بروزاك) بالإضافة إلى الزناكس وإندرال، علما بأني أمارس آلية علاج متكاملة قائمة على العلاج الدوائي، والرياضة وقراءة الكتب.

وفي النهاية أرجو من سماحتكم تشخيص حالتي، والنظر في العلاج المناسب.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على كلماتك الطيبة في حق هذا الموقع وشخصي الضعيف، وأسأل الله لك العافية.

رسالتك واضحة، وقد تصفحتها، وسؤالك ينحصر في تشخيص حالتك، والنظر في أمر العلاج.

أولا - أخي الكريم – لا أريد أن يكون التشخيص لك شاغلا؛ لأن المسميات التي تطلق في الطب النفسي أحيانا ليست دقيقة، وثانيا: قد تعني أشياء مختلفة لمختلف الناس.

نعم الدقة مطلوبة، أو أن تكون هنالك معايير لتشخيص الناس أيضا مفيدة، لكن (حقيقة) بعض التشخيصات أضرت بالناس، مثلا كلمة (الاكتئاب) أعتبرها كلمة قاسية جدا، كلمة (الفصام) كلمة قاسية جدا.

فالتشخيص ليس مهما، لكن أن يعرف الإنسان ما عليه من ناحية الأعراض ومآلها وطرق العلاج أعتقد أن هذا مهما.

إذا أردت أن أطلق مسمى تشخيصيا على حالتك، فأعتقد أنه يتناسب معها (قلق المخاوف التوقعي) لديك شخصية قلقة في أصلها، هذا ربما يكون مسمى مناسبا، قد لا يكون دقيقا، وقد لا يكون صحيحا، لكن من وجهة نظري هو الأقرب نسبيا، وأعتقد أن القلق التوقعي هو الذي يقف الآن حاجزا أمامك وأمام الدخول في الماء، ومثل هذه الحالات تواجه من خلال التحقير، واللجوء إلى الفعل وليس الاعتماد على الفكر أو المشاعر.

مثلث (الفكر – المشاعر – الأفعال) هو مثل مترابط جدا، إذا انقاد الإنسان لأفكاره فقط أو مشاعره – خاصة حين تكون سلبية – لن يستطيع أن يؤدي ما يريد أن يؤديه، لذا وجد علماء السلوك أن يقوم بالفعل دون أن يفكر مهما كانت النتائج، وبعد أن يؤدي الإنسان ما هو مطلوب سوف يحس بالمردود الإيجابي، والمردود الإيجابي ينعكس بصورة جميلة جدا على المشاعر والأفكار، وهذا في نهاية الأمر يؤثر أيضا إيجابا على الأفعال، وهكذا.

أرجو أن تأخذ هذا النموذج السلوكي، بمعنى أن تصر على نفسك أنك سوف تنزل بركة الماء، ويمكن أن تكون هنالك روابط ومحفزات، مثلا: قل (بسم الله الرحمن الرحيم) ثلاث مرات، ثم أعقبها بـ (توكلت على الله) ثم اقفز في الماء، هنا يوجد روابط، هذا الرابط أو المثير رابط إيجابي جدا، يجعلك تندفع نحو الفعل دون الاعتماد كثيرا على المشاعر أو الفكر.

هذا هو الذي أطلبه منك، والإنسان إذا لم يدخل من باب واحد يمكن أن يدخل من الباب الآخر، هذا هو الشيء الذي أنصحك به، تخل تماما عن القلق التوقعي، ويجب أن تحقره تحقيرا شديدا.

بالنسبة لعملية القولون العصبي: قطعا هو مرتبط بحالة القلق العامة التي تعاني منها، وأعتقد أن ممارستك للرياضة بصورة فعالة سوف تفيدك كثيرا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: لا أريدك أن تكثر من الأدوية، لكن قطعا إضافة عقار بسيط مثل (دوجماتيل)، ويسمى علميا (سلبرايد) بجرعة صغيرة ولمدة معقولة سيكون مفيدا، والجرعة هي أن تبدأ بخمسين مليجراما (كبسولة واحدة) تناولها ليلا لمدة أسبوع، بعد ذلك اجعلها كبسولة صباحا وأخرى مساء لمدة شهر، ثم كبسولة مساء لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

تمارين الاسترخاء يجب أن تعطيها أهمية خاصة، هذه التمارين مفيدة لمن يمارسها بالتزام، وهذه التمارين معروفة أنها من أفضل مضادات القلق والمخاوف، فكن حريصا عليها.

بالنسبة لاضطراب النوم: حاول أن تحسن صحتك النومية من خلال تجنب النوم النهاري، ممارسة الرياضة، الحرص على أذكار النوم، وأود أن أشير أن عقار (ويلبيوترين) بالرغم من أنه عقار رائع جدا، إلا أنه ربما يؤدي إلى الأرق في بعض الأحيان، لكن هذا يجب ألا يكون لك شاغلا، المهم ألا تتناوله ليلا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات