أعاني من اكتئاب مستمر بسبب قبحي وضعف ثقتي بنفسي!

1 428

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا شاب بعمر18 سنة، طالب في السنة الأولى الجامعية، وأواجه فترة من أصعب فترات عمري إن لم تكن أصعبها.

مشكلتي تكمن في أني أكره وجهي بكل تفاصيله، وأشعر بأني قبيح للغاية (ليس مجرد شعور بل هو حقيقة - وجهي مليء بالحبوب وآثارها، وبقع سوداء واضحة)، فشلت في معالجتها رغم عشرات المحاولات اليائسة.

كما أن حجم أنفي يتجاوز الطبيعي بـ3 أضعاف، وبسبب وجهي أخشى دائما الاختلاط بالناس، وأفضل الجلوس وحيدا في المنزل.

عندما أختلط بالناس، كل ما يشغلني هو ما يدور في رأس من أخاطبه، وعندما أكون مع مجموعة يصبح الأمر أكثر صعوبة، ولا أستطيع أن أنطق بكلمة واحدة، خشية أن لا أعجب الجميع.

المشكلة كانت موجودة، ولكن بشكل أخف عندما كنت في السعودية، حيث كان محيطي أقل انفتاحا، ومراحل التعليم الأساسية لم تكن تستلزم مني أن أتعامل مع عدد كبير من الناس، لم أكن أتعامل سوى مع مجموعة من الأصدقاء الذين زاملتهم لسنين عديدة، لكن مع انتقالي لمصر لإكمال مرحلتي الجامعية أصبحت أختلط مع عدد أكبر بكثير، وأضطر لأن أتعامل مع أضعاف الأعداد التي كنت أتعامل معها، ومن كلا الجنسين.

ما يعيقني ويؤرقني هو شكلي القبيح، فكل ما يشغل تفكيري عند محادثة أي شخص هو فارق الجمال بيني وبينه، وأرتاح عند محادثة من هم بنفس قبحي، لكن المشكلة هي أن الغالبية العظمى هم أكثر جمالا.

قبحي وعدم تفاعلي جعلني أشعر بأني غريب عن أي مجموعة أتواجد معها، وأعتقد أن هذا ما يشعر به الناس كذلك، وأحيانا تكون نفسيتي أفضل قليلا، فأنسى قبحي وأتعامل بشكل أفضل مع الناس، لكن مجرد رؤية انعكاس صورتي على أي شيء -زجاج سيارة أو شاشة اللابتوب أو المحمول- تجعلني أعود لطبيعتي الخجولة الخائفة.

عدم رغبتي في الاختلاط بالناس أثرت بقوة سلبيا على مستواي الدراسي، فأنا أغيب في الأيام التي تخلو من تسجيل حضور الطلاب، رغم احتوائها على محاضرات مهمة.

كذلك كنت أرغب بالانضمام لإحدى الأسر التعليمية في الكلية، لتطوير مستواي الدراسي، لكني كلما قدمت طلبا للانضمام وحان موعد –الإنترفيو- تكفي مجرد نظرة للمرآة لإقناعي بعدم الذهاب.

المشكلة لا تقتصر على عدم رغبتي في لقاء الناس، بل حتى أثناء بقائي في المنزل وحيدا أكون في حالة اكتئاب مستمرة، لا أستطيع بسببها أداء أي مهمة!

هذا أدى لتراجع كبير في مستواي الدراسي، فرغم حصولي على المراكز الأولى في مرحلتي المتوسطة والثانوية، إلا أني أصبحت أتجاوز درجة النجاح بصعوبة في الجامعة، رغم دخولي للكلية التي كنت أحلم بها منذ المرحلة الابتدائية.

في فترة الامتحانات الماضية ازدادت الضغوط علي، ففكرت في الانتحار بجدية، لدرجة أني توجهت أكثر من مرة للنافذة بنية الإلقاء بنفسي منها، حينها كان اكتئابي يمنعني بقوة من مجرد فتح الكتاب للاطلاع على محتواه، رغم اقتناعي بأهمية المذاكرة.

كنت أشعر بألا قيمة لي إطلاقا، فأنا لا أستطيع الحصول على تقدير الناس، وكذلك القيمة الوحيدة التي أمتلكها، وهي التفوق الدراسي أصبحت تتضاءل، لذلك انعدم أيضا تقديري لنفسي.

لا أعلم إن كان هذا الأمر له علاقة بحالتي، لكن فترة طفولتي كانت صعبة نوعا ما، نظرا لأن والدي كانا يجبرانني يوميا على حفظ القرآن حتى أنهيته، وكنت مجبرا على الجلوس في المنزل باستمرار للحفظ، ومن ثم التسميع، وكوني أحب الكمبيوتر فكنت أقضي الوقت القليل المتاح لي في استخدامه، ولم يكن لي أي أصدقاء خارج المدرسة، التقي بهم أو ألعب معهم.

أفكر باللجوء للعلاج الدوائي، بعد قراءتي للكثير من التجارب الناجحة، فبماذا تنصحوني؟

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

علة كراهية الذات وشكل الجسد معروفة كعلة مرضية، يعاني منها بعض الناس خاصة الذين لديهم عدم توازن في أبعاد شخصياتهم، والدراسات جميعها أشارت أن تسعين بالمائة مما يعتقده البعض حول شكل جسده أو أعضاء معينة في الجسد هو اعتقاد خاطئ.

أنا أقدر وأحترم رأيك جدا، لكن لا يمكنني (يا أحمد) بأي حال من الأحوال أن أصل إلى قناعة أن حجم أنفك يتجاوز الطبيعي بثلاثة أضعاف، هذا ليس صحيحا أبدا.

أنا أجد لك العذر، لأن الفكرة أصبحت ملحة ومتسلطة عليك، والذي أريد أن أذكرك به هو أن الحياة فيها أمور أهم وأفضل وأجمل من أن يبدأ الإنسان يوسوس حول طوله أو قصره أو جماله أو قبحه.

الجمال هو جمال الخلق، جمال العلم، ارتداء زينة الدين، هذا هو الذي يجعل الإنسان جميلا ومجملا في رأي الآخرين.

أنت بدأت تبني صورة قبيحة عن نفسك، وهذا أدخلك في وضع نفسي ليس بالطيب أبدا، فأنت تحتاج أن تحقر هذه الفكرة، ولتقنع نفسك بذلك يجب أن تعرف أن هنالك فوارق بين الناس في أشكالها وفي ألوانها في طوالها في قصرها، هذه أمور طبيعية.

أنا أتعامل مع حالتك كحالة مرضية وليست طبيعية، فتصحيح المفاهيم مهم، وأن تطور مقدراتك ومقدراتك أيضا مهم، لأن البديل يجب أن يكون من داخلك ومن ذاتك، والبديل هو أن ترتقي بذاتك دينا وعلما وخلقا وتواصلا اجتماعيا وبرا بوالديك، وأن تكون نافعا لنفسك ولغيرك.

هذا هو الذي يجب أن تأخذ به، أما بخلاف ذلك فلا أرى علاجا لهذا الأمر، والعلاجات الدوائية نعم قد تلعب دورا، لأن بعض العلماء اعتبروا أن مثل هذه المخاوف والتهيؤات المبالغ فيها ذات طابع وسواسي، ووجد أن عقار (بروزاك) هذا اسمه التجاري، ويعرف علميا باسم (فلوكستين) ويسمى (فلوزاك) في مصر، من الأدوية المفيدة، فلا مانع أن تجربه وتتناوله لمدة أربعة أشهر بمعدل كبسولة واحدة في اليوم، ثم تجعل الجرعة كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أنا أنصحك أيضا بأن تبني علاقات اجتماعية مع محيط صحي لا أحد ينتقدك فيه أبدا، وأقصد بذلك أن تتواصل مع الأصدقاء من جيرانك، أن تكون من رواد المساجد، أن تكون مع أهل العلم والمعرفة، لا أحد من هؤلاء سوف يعطي أي اعتبار لشكلك أو لشكله أو لشكل من هم حوله.

يجب أن تسمو بنفسك وبتفكيرك، وهذا هو الذي أريده لك وأنصحك به، واجتهد في إدارة الوقت بصورة جيدة، وهذا أيضا من عوامل النجاح الأساسية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات

لا يوجد استشارات مرتبطة