مصابة بالرهاب الاجتماعي رغم تفوقي وإبداعي

0 259

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة في الثانوية، عمري 17 سنة، متفوقة جدا وذات قدرات إبداعية لكنني مصابة بالرهاب الاجتماعي منذ الصغر، وأظن أن الأمراض النفسية في عائلتي وراثية؛ لأن جميع عائلتي مصابون به، ولكنني تماشيت مع هذا الوضع فأكون دائما منعزلة، ولكن هذه السنة أظن أن الوضع تفاقم فهبط مستواي الدراسي إلى الصفر، وأشعر دائما باكتئاب وملل وكره للحياة ولمن حولي، وأبكي بدون سبب، وأميل للانعزال الفظيع والانطوائية، وتراودني أفكار انتحارية وقلق وخوف، وجميع من حولي لاحظوا ذلك.

تراودني وساوس بشان العقيدة والدين، أشعر برغبة كبيرة بالانتحار، أشعر بأنني مشوشة التفكير لكنني لن أقبل بهذا الوضع، أريد المساعدة، وأنا ملتزمة دينيا -والحمد لله- لكنني أشعر بأنني أنهار تدريجيا ولا أستطيع فعل شيء، أرجوكم ساعدوني فلا أريد أن يتدمر مستقبلي الدراسي بسبب ذلك، أريد أن أكون طبيعية ومتفائلة ولو لمرة في الحياة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هنادي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من هم في عمرك لا بد أن يبعثوا في أنفسهم طاقات الأمل والرجاء، والفرحة والسرور والتوكل على الله واللجوء إليه.

التمسك - أيتها الفاضلة الكريمة - بجراحات الماضي إن وجدت أو لم توجد هذا لا يفيد أبدا، ونحن في علوم السلوك نرى الناس الآن كيف هم ومن هم وما هي طاقاتهم، وننظر إلى المستقبل الذي يجب أن يكون واعدا ومليئا بالأمل والرجاء وحسن الظن في الله، أنت في بدايات الحياة، وما أجمل عمرك هذا من أجل اقتناص الفرص الحياتية الجميلة من خلال التزود بالعلم والمثابرة، وأن تكوني حريصة على بر والديك، هذا يمثل دفعا إيجابيا نفسيا عظيما بالنسبة لك.

إذا هذه الأفكار السخيفة من الحديث عن الانتحار ومحاولات الانتحار، هذا أمر مرفوض تماما، نحن لا نقبله، ومثل هذه الأفكار الشريرة يجب ألا تأتي للشباب المسلم، وإذا نزل بالإنسان ضر أصابه لا يتمنين الموت، وإن كان فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خير لي، وتوفني ما كانت الوفاة خير لي، كما أوصى بذلك النبي الكريم، نحن - الحمد لله تعالى - أصحاب فكر وأصحاب عقيدة، وحياتنا كلها تقوم على الأمل والرجاء، (اعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا)، والإنسان قد تحدث له مضايقات هنا وهناك، لكن هذه المفيدة للإنسان، لأن التجارب تكتسب من خلال الجد والاجتهاد والجلد والتجارب المضنية في بعض الأحيان.

نسبة لأنك - أيتها الفاضلة الكريمة - في فترة عمرية حرجة بعض الشيء، قد تتقاذفك هذه الأفكار، فكرة من هنا وفكرة من هنالك، قلق، توتر، شيء من الاكتئاب، لكن هنالك أيضا الفرحة، هنالك أيضا التفاؤل، هنالك اللجوء إلى الله، هنالك الدعاء والذكر والاستغفار وتلاوة القرآن، فحاولي أن تجري نفسك نحو هذه الأقطاب الإيجابية، وتغلقي تماما هذه الأقطاب السلبية، نظمي وقتك.

قولك أنك أتيت من أسرة لديها أمراض نفسية وراثية، هذا الكلام ليس صحيحا، وليس مقبولا، ويجب ألا نحكم على أسرنا على هذه الشاكلة، الناس تختلف في طبائعها، في مزاجها، وهذا ليس دليلا أبدا على وجود المرض النفسي، ومهما كانت العوامل الوراثية يمكن للإنسان أن يقتلها، ويحيدها، ويقلص من دورها تماما من خلال نمط الحياة الإيجابي، فكوني على هذا النمط.

أما وساوس العقيدة، حقري هذه الوساوس، لا تعطيها فرصة أبدا، وإن كان الأمر فوق طاقتك، أي أن هذه الأفكار مسيطرة سيطرة تامة فلا مانع من أن تذهبي إلى الطبيب النفسي بعد أن تتشاوري مع أسرتك، وأعتقد أن تناولك لدواء واحد لفترة قصيرة، لا أريدك في مثل هذا العمر أبدا أن تجعلي الأدوية النفسية جزء من حياتك، لا، لكن لا مانع من أن تتناولي أحد محسنات المزاج ومزيلات الوساوس لفترة قصيرة جدا، لكن يجب أن يكون هذا تحت إشراف الطبيب النفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات