أمي تريدنا أن نطيل الجلوس عندها ونحن مشغولون بأمور الحياة، فما العمل؟

0 384

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

أنا فتاة عمري 22 سنة، طالبة جامعية.

أعاني من أمي، دائما تريد منا أن نجلس معها، رغم أشغالنا الكثيرة، وأنا أجلس معها لوقت طويل، ولكن لو ابتعدت قليلا تبدأ بالتذمر، وهي دائما تستهزئ بي وتشتكي ولا يعجبها شيء، وأنا بطبيعتي لا أحب الجلوس مع من يعاملني بأسلوب فظ واستهزائي، ولكنني أتحملها رغما عني لأنها أمي، وأصبر معها لوجه الله، وأنتظر مرور الوقت حتى أتركها لأنها لحوحة وكثيرة الشكوى.

سؤالي: ماذا أفعل؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نوير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يرزقك بر هذه الوالدة في حياتها، وأن يعينك على الخير، ونبشرك بأن عندك باب إلى الجنة، فالزمي رجليها فإن الجنة ثم، واجتهدي في الصبر عليها، وعلى من يصبر الإنسان إذا لم يصبر على والديه، الذين هم أولى الناس به بعد الله -تبارك وتعالى-؟

ونتمنى أن تعودي نفسك الاقتراب من الوالدة، والحرص على إرضائها، لأن هذا أجره عظيم وثوابه عند الله بلا حساب، وأنت أول من يجني هذه الثمار، فكيف عاملت هذه الوالدة ستجدي ذلك من خلال ذريتك -إن شاء الله- في مستقبل الأيام، ومن هنا فنحن ندعوك إلى مزيد من الصبر والاحتمال، واعلمي أن كلام الوالدة واستهزاءها وسخريتها كل ذلك سيكون في ميزان حسناتك، والإنسان يجب أن يتذكر لذة الثواب، وينسى ما يجد من آلام، وعلينا كذلك أيضا أن نحرص على أن نطيب خاطرهم، صحيح نفعل ما يرضي الله -تبارك وتعالى-، ولكننا نجتهد في إرضائهم، لا نشعرهم بتضجرنا، ولا نشعرهم بتضيقنا، ولا نشعرهم بأنهم ثقيلون علينا، هذه معاني ينبغي أن لا تغيب، لأنها تؤثر على روحهم المعنوية، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يلهمك السداد والرشاد.

ونحب أن نسأل: هل لك أخوات؟ هل لديك إخوة؟ ما هو دورهم؟ لماذا لا يكونون إلى جوار الوالدة؟ وماذا أنت تعملين؟ ما الذي يشغلك؟ لماذا تريدين أن تبتعدي عن الوالدة؟ هناك ملايين من البشر يتمنى بين طرفة عين وانتباهتها أن يكون مع والدته، ليجلس معها، بل هناك من يتمنى أن تكتحل عيناه برؤية والدته، بل هناك من خرج من الدنيا ولم يتمكن من رؤية والدته لأنها ماتت وهو صغير جدا، فهو يتطلع ويتشوق إلى أن يرى حتى صورة لها.

لذلك ينبغي أن نعرف مقدار هذه النعمة، ونحب أن نؤكد أن الإنسان لا يغضب من والده ولا من والدته؛ لأن الوالد سخر أو اشتد على الإنسان، فهو غالبا يريد مصلحة الإنسان، حتى إذا أمرنا بأمر يغضب الله فإن الشريعة لم تأمرنا بأن نؤذيهم، قال العظيم: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم} هذه أكبر جريمة، قال العظيم: {فلا تطعهما} لكن لم يقل: خاصمهم، ولم يقل: تكرههم، وإنما قال: {وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي}.

ولذلك حتى لو كان الوالد على غير الإسلام – أو الوالدة – فإنا نؤمر ببرهم والإحسان إليهم، حتى لو أمرونا بالمعصية، فإنا لا نطيعهم، لأن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن بعد ذلك نجتهد في مصاحبتهم وفي الإحسان إليهم، وهذه عظمة هذا الدين العظيم، ونشكر لك هذا التواصل وهذا السؤال الذي يدل على رغبتك في الخير، ونؤكد لك أن الإنسان إذا أدى ما عليه ولم ترضى الوالدة، فإن الإثم عنه مرفوع، وفي أمثال هؤلاء يقول الله: {ربكم أعلم بما في نفوسكم} من البر {إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا}.

فادي ما عليك، وتوكلي على الله -تبارك وتعالى-، وتوجهي إليه، ونسأل الله أن يعينك على أداء هذه المهمة، وأن يكتب لك الأجر والثواب، هو ولي ذلك والقادر عليه.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات