أرشدوني: كيف أربي ابني على مبادئ إسلامية صحيحة؟

1 635

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

أنا سيدة عمري 25 سنة، متزوجة وأم لطفلين، أحدهم عمره أربع سنوات، والآخر عمره سنة واحدة.

أنا لست موظفة، ومن المفترض أن يكون لدي وقت فراغ كبير، ولكنني أشعر أن وقتي مملوء ليس بشيء مهم، ولكن بالصحيح أن عقلي هو المملوء، وأحمل هم المنزل، وأشعر بثقل في عقلي لأنني مهمومة بالبيت وأعماله، وأشعر أنه ليس هناك وقت لي ولزوجي ولأولادي، خصوصا أن بيتي جديد، وأريد المحافظة عليه، وبسبب ذلك لا ألحق على كل متطلبات المنزل، علما أنه مرتب، ولكن هناك ترتيب وتنظيم وغسيل وكي وترتيب الملابس في الخزانات وترتيب الغرف ونفض الغبار أولا بأول، ولكن مع هذه الهمة أشعر أن لا مكان لنفسي، ولم أجن فائدة، علما بأنني خريجة جامعية منذ سنتين، ولكن لم أنجز فيها شيئا، دخلت التحفيظ ولم أكمل فيه بسبب حملي بطفلي الثاني، والآن أنا في البيت وحائرة فيما أفعله.

أريد أن أكون عضوا فعالا في المجتمع، وشخصية ناجحة، أنا الآن أحاول مع طفلي الكبير أن أحفظه القرآن والأحاديث والأذكار تدريجيا، ورأيت أثرا جيدا -ولله الحمد-، وبعد ذلك سأبدأ في تعليمه الأرقام والحروف، وأقص له سيرة الرسول -عليه الصلاة والسلام- من مولده لوفاته، وقصص الصحابة، وما أريده منكم أفكارا عملية، ونصائح توجيهية لأستغل فيها وقتي بشيء مفيد، أعلم أن من أساليب الاقتداء أن نعمل ما نريده من أطفالنا عمله أمامه، وابني شخصية سوية وناجحة لأنني أحاول رفع ثقته بنفسه، واعتماده عليها، ولكن أفيدوني بأشياء أخرى.

سؤالي: كيف أنجز وأنظم وقتي وأخدم ديني؟ وكيف أنشأ أبنائي على الخير والصلاح؟ وبماذا أملء فراغهم؟ وما هي طرق التربية الصحيحة، من حيث التنشئة والتربية بالإسلام وحب الخير والصلاة والبر؟ وكيف أحببه في الصدقة؟ وأخيرا كيف أقوي من شخصية طفلي، وأكسبه ثقة عالية في نفسه؟ كيف أعوده على احترام الوالدين وبرهما واحترام الكبير والأقارب وصلة الرحم؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكرك على هذه الاستشارة التي أسعدتنا، ونؤكد أن الشعور بهذا الهم هو البداية الصحيحة، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونحب أن نؤكد لك أن الاهتمام بالمنزل مطلوب، لكن ما ينبغي أن يطغى على ما هو أهم، وهو الاهتمام بهؤلاء الصغار، ونحسب أنك تهتمين بهم، ولكن نريدك أن تجعلي محور الأسرة هو الزوج والأولاد، وليست الأواني والدواليب والحيطان والغبار ونحو ذلك، ونحب أن نؤكد لك أن الإنسان ينبغي أن يستغل وقته، ونريد أن نقول: عندما ترتبين الدولاب لماذا لا يكون هناك شريط محاضرة، لماذا لا تكون هناك توجيهات تربوية، عندما تغسلين أيضا لماذا لا تكون الأذن مشغولة بشيء نافع مفيد تطوري من خلاله المهارات في التعامل.

أما بالنسبة للأطفال فنحن ننصحك أولا باللعب معهم، وإشباعهم عاطفيا، والعدل بينهم، والحرص على مشاهدتهم لصلاتك وقراءتك وتلاوتك، بل ينبغي أن تتكلمي معهم، وتكثري من الحديث معهم، وتقرئي معهم بصوت عال، والكبير يأخذ كتابا وأنت تأخذين كتابا، وبعد ذلك يتابع معك، قد يأخذ الكتاب بطريقة مقبولة، لكن هذه نصيحة وأمر تربوي في غاية الأهمية.

كذلك ينبغي أن تتفقي مع زوجك على خطة موحدة، ونتمنى أن يكون لكم برنامج فيه لعب، فيه مشاركة، تشاركون هؤلاء الصغار في لعبهم وفي همومهم، واللعب معهم، هذه أشياء تعطي الثقة وتغرسها. كذلك إشباعهم عاطفيا، ونختصر فنقول: خير نساء ركبن الإبل صالحات نساء قريش، ما هي المؤهلات يا رسول الله؟ قال: (أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على بعل في ذات يده) فهذا اختصار بديع من نبي أوتي جوامع الكلم -عليه الصلاة والسلام- .

فالاستقرار النفسي، إشباعهم عاطفيا، الاهتمام بهم، هذا يولد عندهم عناصر الثقة والأمن والطمأنينة النفسية التي تجعلهم ينجحون في حياتهم ويصبحون قادة في حياتهم، اللعب مع هؤلاء الصغار ينبغي أن يكون لعبا هادفا، أو تعليم متحرك مخلوط باللعب.

نحب أن نؤكد لك أنك تقومين بدور عظيم، وهذا هو الدور الذي قال عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فإن حسن تبعل إحداكن لزوجها وقيامها بحقه يعدل) ماذا؟ (يعدل الجهاد والشهادة في سبيل الله) فلا تظني أنك غير عاملة، بل أنت الآن موظف يعمل أربعة وعشرين ساعة، ومن هنا كان التكريم للمرأة.

أنا أريد أن أؤكد على هذا الشعور، وأؤكد أن هذا طريق إلى الجنة، وأؤكد أن المرأة تخدم دينها مرتين، فهي تخدم دينها بنفسها وتخدم دينها بإخراج قادة عظام وأولاد أسوياء، وأدوارك في المجتمع من أهم الأدوار إخراج ذرية صالحة، إخراج قادة للمجتمع، إخراج ناجحين وناجحات، وهذا ما تقومين به، ولا مانع مع هذا أن يكون لك أيضا مشاركات خارجية، وهذا سيسهل بتنظيم الوقت وبقيام الرجل أيضا بأدواره في المشاركة في هذا العمل العظيم، الذي هو تربية الأبناء وتربية البنات.

نحن فقط نريد أن تعيدي الترتيب، وتجعلي الأولويات في البيت هي الزوج والأولاد، ثم بعد ذلك تأتي الخدمات، وأعتقد أن البيت الذي فيه أطفال لا تنتهي فيه الفوضى، فيكفي أن ترتبي في نهاية اليوم، أما لو أردت كل ساعة أن ترتبي ما عبث فيه الأطفال فإن هذا سيصعب عليك وغير مفيد أيضا، لأنه يشغلك عما هو أعظم وعما هو أكبر، وهو رعاية الأبناء أو القيام بالواجبات الشرعية، فنحن يوم القيامة لن نسئل عن بيتنا كان نظيفا أو لا، ولكن نسئل عن عبادتنا وطاعتنا، عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه.

ولذلك لا بد أن نستحضر هذه المعاني، ونحن نحي أخواتنا وبناتنا، ولكن نريد أن تأخذ الأمور حجمها المناسب، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، فلاعبيهم وشاركيهم واحضنيهم واحرصي على الخير، وكوني قدوة كما أشرت.

ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والهداية.

مواد ذات صلة

الاستشارات