سئمت الغربة وعندي يقين بأن الرزق سيأتيني من غير غربة!

0 268

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب عمري23 سنة، تغربت عن وطني، وقد سئمت الغربة، وسئمت الشركة التي أعمل بها، وأفكر في العودة إلى وطني، لكني أخاف من الوضع الاقتصادي في الوطن، مع أني أسمع مقولة "الرزق على الله، وسيأتيك رزقك في كل مكان".

هل أتوكل على الله وأعود؟ وهل الرزق المكتوب لي سيأتيني حيثما كنت؟ إذن لما الغربة والتعب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/osama حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد:

نرحب بك ابننا الكريم في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، ونشكر لك أيضا الحرص على السفر والعمل، فإن في السفر فوائد، من ضمنها مسألة الرزق.
وأرزاقنا لنا متفرقات *** فمن يأتيه منها أتاها
ومن كانت منيته بأرض *** فليس يموت في أرض سواها

الرزق يطارد الإنسان كما الأجل، والله تبارك وتعالى في باب الرزق أمرنا أن نفعل الأسباب، قال: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} وقال سبحانه: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون} ولأن الرزق مربوط بالأسباب، فإن الله قال لمريم حتى وهي في أصعب الأوقات، قال: {وهزي إليك بجذع النخلة} قالوا: لو شاء ألقى إليها الرطب دون هز، ولكن كل شيء له سبب، فإذا الإنسان يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب.

نحن لا ننصح الإنسان الذي وجد بسطة في رزقه في مكان أو في عمل أن يبادر بتركه، ولكننا نؤكد أن ذلك بتقدير الله أيضا، وأن الرزق يتحول، العبارة التي يقولها الناس (قطع رزقه بنفسه) وكذلك (قطعنا رزقه) وكذا، هذه عبارات غير صحيحة، الرزق لا ينقطع إلا عندما يذهب الإنسان إلى المقبرة، والنبي أخبرنا وطمأننا فقال: (إن روح القدس نفخ في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها) ما هو المطلوب يا نبي الله؟ قال: (فاتقوا الله وأجملوا في الطلب) اعتدلوا في طلب الرزق، خذوا ما حل ودعوا ما حرم عليكم، هذا هو الذي ينبغي أن يحرص عليه الإنسان.

مسألة الرزق مربوط بالسفر، ومربوط بفعل الأسباب، والسفر ما هو إلا سبب من الأسباب، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: (لو تتوكلون على الله حق توكله لزرقكم كما يرزق الطير) الطير ليس عندها مزارع وليس عندها رواتب، ولكن تغدوا خماصا وتروح بطانا؛ لذلك هي تتحرك، وعليها أن تسعى، فالسفر هذا نوع من السعي، وإذا عدت إلى بلدك وعملت في وظيفة فهذا نوع من السعي، لكن المكان الذي فيه سعة رزق لا ننصح بتركه، وننصح بفعل الأسباب التي تجلب لك السعادة.

الأسباب التي جاءت بالملل، فيمكن أن تنتقل إلى شركة أخرى، أو تحاول أن تجدد حياتك، أو تتواصل مع من حولك، أو تشغل نفسك بالعبادة والطاعة، أو تحمد الله تبارك وتعالى، وهذا مفتاح عظيم للسعادة للشكر، أن تحمد لله تعالى على ما أولاك؛ فيأتيك بشكرك المزيد، وتنال من الله الخير الكثير، فالشكر جالب للنعم، والشكر حافظ للنعم فلا تزول.

هذا الأمر -طبعا- من حق الإنسان أن يقرر البقاء أو العودة بعد أن يشاور، بعد أن يتخذ الوسائل؛ حتى يكون قرارا صحيحا، بعد أن يستخير، والاستخارة هي طلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير، فنسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات