هل أطلق زوجتي لأن جدها بوّابا في عمارة؟

0 325

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية أوجه الشكر إلى الموقع وإدارته على الجهود المبذولة، وعلى مساهمتهم في تحسين واقع مجتمع أمتنا الإسلامية.

أنا تزوجت منذ 5 أشهر تقريبا، وزوجتي الآن بفضل الله حامل, إلا أن عندي شيء في صدري حسبت أن الزمن سيمحوه، ولكني غير قادر على التعايش معه، وهو أني عندما تقدمت لخطبة زوجتي كنت أعلم أن أبيها مهندسا، وأن أمها طبيبة، وهذا حقيقي، ولكن غابت عني معلومة عرفتها بعد الخطبة والشبكة، وهو أن جدها لأمها كان يعمل بوابا لإحدى عمارات مدينتي، وأنا جدي وجدتي من عائلة كبيرة جدا، فيها المستشارون والقضاة ووكلاء النيابة، والضباط والأطباء والمهندسون والمدرسون.

ووالدي مدير عام، وأمي رئيسة قسم في عملها، ومن عائلة كبيرة، حتى إن من يعمل منا عملا عاديا شريف وعنده أرض زراعية، يملكها ويزرعها، ولم يشعر بصغار وهوان بسبب عمله، عمل وضيع كهذا، رغم علمي أنه عمل لا يتنافى مع الشرف.

هل شعوري هذا به كبر، وهو ما يتجافى مع الإسلام، ماذا أفعل ليرتاح قلبي، وهل أنا أفهم التكافؤ فهما غير حقيقي، وهل أنا وعائلتي الكبرى بها جاهلية عندما تفكر بهذه الطريقة؟

فكرت في الانفصال عند علمي بهذا الخبر الذي أخجل من ذكره أمام أقاربي، ومن معرفتهم له بالصدفة، وأشعر أن شيئا يتوجب علي إخفاؤه، ولكني عندما علمت قلت لنفسي؛ وأهلي قالوا لي لا تكسر قلب بنت ليس لها سبب في أمر كهذا، واحترمت دخولي إلى بيتهم، ولكن كلما تظهر مشكلة يضاف إليها في صدري هذا الهم الذي أشعر به؛ مما يصعب علي الموقف، فماذا أفعل؟

شكرا لحرصكم على الفائدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابننا الكريم- في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال، ونشكر لك الصراحة في طرحه، وإنما شفاء العي السؤال، ونحب أن نؤكد لك أن أي عمل حلال هو عمل شريف مبرور، وأن العبرة ليست مظاهر الدنيا، ولكن الأمر كما قال الله: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، فكثير من أولياء الله قد يكون سائق شاحنة، وغفيرا في عمارة، أو كناسا في الشارع، لكنه يخشى الله ويتقيه، لكنه يراقب الله -تبارك وتعالى-.

الإسلام دين لا يهتم بالمظاهر، فقد جاء رجل في إشارة حسنة وفي هيئة حسنة فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما تقولون في هذا؟) فرفع الصحابة أعناقهم وقالوا: (هذا حري إن خطب أن ينكح، وإن قال أن يسمع لقوله، وإن شفع أن يشفع) فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم– حتى مر رجل في هيئة رثة تدل على الفاقة والحاجة، قال: (وما تقولون في هذا) قالوا: (هذا حري إن خطب ألا ينكح، وإن قال ألا يسمع لقوله) فصحح نبي الرحمة المفاهيم وقال: (والذي نفسي بيده هذا خير من ملء الأرض من مثل هذا)، أي الأول.

فإذا الإسلام دين لا يركز على المظهر وحده، ونحب أن نؤكد أنك لو أردت فتاة ليس في أهلها عيوب وليس في أهلها ناقص وليس في أهلها خلل، ولا في أغنامهم ولا في دجاجاتهم عرج أو عوج، هذا قد يصعب، كذلك أيضا إذا نظرت في عائلتك فسوف تجد من تعلم لكنه علم بلا فائدة، لكنه لا يسجد لله -تبارك وتعالى-، لكن فيه نقائص وفيه تقصير.

فهذه المسألة ما ينبغي أن تنظر إليها بهذه الأبعاد، وينبغي أن يدرك أن الإنسان لا يقول (كان أبي)

ليس الفتى من يقول كان أبي *** ولكن الفتى من يقول ها أنا ذا.

كن ابن ما شئت واكتسب أدبا *** يغنيك محمودة عن النسبا.

أما الكفاءة التي تقصدها الشريعة فهي كفاءة الدين والخلق، هذا هو الأساس فيها، أن يكون الدين، تكون الأخلاق، تكون السمعة الطيبة، يعني هذه الأمور فيها تكافئ، أما ما عدا ذلك فهي عبارة عن عوامل مساعدة، وعبارة عن عوامل تساعد على مسألة التوافق، كالوضع الثقافي، العادات والتقاليد، الشهادات العلمية، الاهتمامات المشتركة، يعني مثل هذه الأشياء، هي قواسم مشتركة تزيد من التآلف والتوافق لكنها ليست عناصر أساسية، الشريعة تؤسس البيوت على الأخلاق والدين (من ترضون خلقه ودينه)، (من ترضون أمانته ودينه) أيضا الفتاة (فاظفر بذات الدين)؛ لأن هذا هو الذي يبقى، وكما أشرت (وصدقت) فإن العيوب والنقائص علاجها في الدين، لكن إذا كان في الدين خلل فلا علاج ولا فائدة في إنسان مهما نال من الشهادات والوظائف والمناصب، إذا لم يكن عنده خوف من الله وتقوى لله -تبارك وتعالى-.

ونؤكد لك أهمية ألا تكسر خاطرها، وألا تفكر بهذه الطريقة، وينبغي أن يدرك الجميع أن المسلم إذا رفعه الله يزداد تواضعا، والسنابل المليئة بالحب هي التي تتدلى، بخلاف الفارغة التي لا ثمرة فيها، فإنها تعانق السحاب، وتقف هكذا مشدودة مرفوعة، لكنها في الحقيقة هي خاوية، وهكذا التكبر يفعل بأهله.

ونتمنى من أمثالك من المتعلمين أن يغيروا نظرة الناس في مثل هذه الأمور، ونسأل الله أن يلهمنا وإياكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات