التفكير الدائم بالموت أفقدني لذة الحياة!

0 632

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة بعمر 21 عاما، أعاني من الخوف والتفكير الدائم بالموت، وأشعر دائما أني سأموت في أي وقت، وأفكر بالقبر والنار والحياة ما بعد الموت، وأخاف كثيرا، وأشعر برجفة في جسمي، وأشعر بالتعب والإرهاق دون القيام بأي مجهود، ولم أعد أقدر على إزالة هذه الأفكار السوداوية ، وأصبحت أشك في صحة ديني، وهل أنا على الطريق الصحيح أم لا؟

فقدت لذة الحياة ولذة العبادات، حيث أني لا أشعر بلذة الصلاة أو تلاوة القرآن، وفقدت شهيتي نوعا ما، وفي بعض الأحيان لا أشعر بجسدي، أذكر أني عانيت من حالة خوف من المرض والتفكير الدائم بالموت عندما كنت في 17 من عمري، وفي تلك الفترة أجريت كل الفحوصات اللازمة، وكان كل الأطباء يقولون أني سليمة، ويسألون والدي إذا ما تعرضت لصدمة ما.

أصبحت أخاف من أي شيء، ولا أستطيع النوم في الليل، وأحس (((بزوفان))) في المعدة، ورغبة في القيء، وإذا ذكر أحد أنه مريض أمامي أو ذكر أحد أنه قد مات فلان، فإن مزاجي ينقلب بسرعة، وأخاف كثيرا، وأصبحت حساسة جدا، ولا أتحمل أن أرى مثلا أحدا من أهلي يتألم بسبب صداع أو أي مرض، وأخاف أن أفقدهم، لا أدري لماذا؟!

أرجو المساعدة؛ حيث أنني لا أستطيع الذهاب إلى طبيب نفسي، وما هو العلاج المناسب دون وصفة طبية حتى يكون بمقدوري أحصل عليه، تعبت كثيرا، في أحيان كثيرة أفكر من أنا، ولما أنا موجودة، وأحيانا أشعر أني سوف أفقد عقلي، وأصبحت أقول أنه لا معنى لهذه الحياة، وكلنا ميتون، ولن نستفيد شيئا إذا فرحنا أو إذا قمنا بفعل عمل ما، فعلى سبيل المثال أصبحت لا أحب أن أجلس مع أهلي أو أصحابي، بل أفضل البقاء وحدي، وأحيانا أشعر بالرغبة بالبكاء لكن لا أستطيع، لا أعلم ماذا أفعل، هل هذا مرض نفسي أم أنه عين وحسد أم هو مرض عضوي؟

لقد كنت من المتفوقات وتراجعت كثيرا، أرجو المساعدة وشكرا كثيرا، وأتمنى من الله أن يوفقكم ويجزيكم الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكواك تدل بصفة قاطعة أنك تعاني من مخاوف من الأمراض، وهذه المخاوف تظهر في شكل قلق، وكذلك وساوس حول الموت وحول الأمراض، وأتفق معك أن هذه الأعراض النفسية مزعجة جدا، لكن أؤكد لك أنها ليست خطيرة أبدا.

السبب في انتشار مثل هذه العلل النفسية هو أن الأمراض كثرت والحديث عنها كثر والناس أصبحت غير مطمئنة، وفي بعض الأحيان أو في أحيان كثيرة على وجه الدقة نتلقى المعلومات والأخبار من مصادر ليست صحيحة ومغلوطة جدا، وهذا قطعا يؤدي إلى الوسوسة والخوف.

أيتها الفاضلة الكريمة: موضوع الخوف من الموت أمر شائع جدا أيضا، والمسلم يجب أن تكون قناعاته واضحة وثابتة وقوية، وهي أن الخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان ولا ينقص منه لحظة واحدة، والموت أمر أبدي، والإنسان يسأل الله تعالى أن يحسن عاقبته وخاتمته.

أنا أعرف أنك بفضل الله تعالى على درجة من الإيمان، مدركة لكل ما ذكرته لك، لكن الذي أريد أن أنبهك له هو أن الإنسان يستطيع أن يدير حياته، لذا يجب أن يسعى ويكد ويجتهد فيها، لكنه لا يستطيع أن يدير أمر موته، فلذا يجب أن يعمل فقط لما بعد الموت، ويدرك قوله تعالى: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير}.

أيتها الفاضلة الكريمة: الذي أريده منك هو أن تشغلي نفسك بما هو جيد ومفيد ومهم في حياتك، ركزي على دراستك، ساعدي أسرتك، كوني من الذين يرشدون أنفسهم ومن حولهم، الوسوسة حول الصلاة وحول الموت وحول العبادات يجب أن تحقر، الأمر واضح جدا، لا تتركي للشيطان أي ثغرات، وموضوع العين والسحر نحن نؤمن بذلك إيمانا قاطعا، لكننا أكثر إيمانا أن الله خير حافظ.

أيتها الفاضلة الكريمة: من خلال صلاتك وذكرك وعبادتك -بإذن الله تعالى- أنت في كنفه وفي حفظه تعالى، ولن يصيبك مكروه أبدا، قال تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} حصني نفسك، واحرصي على أذكار الصباح والمساء، وفي ذات الوقت أرى أنك في حاجة لعلاج دوائي بسيط جدا، علاج مزيل للمخاوف والقلق والتوترات والوساوس.

من أفضل هذه الأدوية دواء يعرف باسم (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، وله مسميات تجارية كثيرة منها (زولفت) و(لسترال) لكن قد يوجد في فلسطين المحتلة تحت مسمى تجاري آخر، فيمكن أن تسألي عن الدواء تحت مسماه العلمي، وتحدثي مع أسرتك حول هذا الأمر قبل أن تبدئي في تناول الدواء، وإن كان هنالك إمكان لمقابلة الطبيب فهذا هو الأفضل، بالرغم من أنك ذكرت أن هذا الأمر ليس بالسهولة.

عموما أنا أقول لك أن السيرترالين دواء سليم، غير إدماني، غير تعودي، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية، جرعته هي أن تبدئي بنصف حبة، تناوليها ليلا، والحبة تحتوي على خمسين مليجراما، بعد عشرة أيام اجعلي الجرعة حبة كاملة، تناوليها أيضا ليلا بعد الأكل، استمري عليها لمدة شهر، ثم اجعليها حبتين ليلا – أي مائة مليجرام – استمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى حبة واحدة ليلا لمدة شهرين، ثم نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هنالك أدوية كثيرة أخرى، لكن هذا ربما يكون أفضلها، وأجودها، أسأل الله أن ينفعك به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات