لدي وساوس في إنكار المنكر بالقلب، فما الحل؟

0 276

السؤال

السلام عليكم

أنا لدي مشكلة وهي: عدم الإنكار أو ضعف الإنكار بالقلب، فمثلا: لو كنت جالسا في مقهى وسمعت أحدا يسب الدين -والعياذ بالله- طبعا لا أستطيع تغييره لا بيدي ولا بلساني وأقول في نفسي أعلم أن سب الدين كفر ولكن ماذا سأفعل له؟

والإشكال هنا أنهم هم الذين يأتون إلى هذه الأماكن ولست أنا أذهب إليهم إلى مجالس الاستهزاء بالدين ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه الحالة تكونت بسبب الوسواس؛ لأني كنت أنكر كل شيء بسبب الوسواس على أنه استهزاء بالدين؛ مما سبب لي حالة من الإجهاد العقلي.

السؤال هنا: هل يعتبر هذا من الإنكار؟ وما حل هذه المشكلة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صلاح الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك أيها الولد الحبيب في استشارات إسلام ويب.

نشكر لك غيرتك على دينك، ولكننا في الوقت ذاته نحذرك من الاسترسال والجري وراء الوسوسة، فإنها داء عظيم إذا تسلطت عليك ستفسد عليك حياتك وستجرك إلى أنواع من الغصص والآلام، وستنكد عليك عيشك، فابذل وسعك في سبيل التخلص من هذه الوساوس، وأيسر علاج لها أن تعرض عنها إعراضا كليا بألا تسترسل معها، ولا تبن عليها أحكاما، ولا تفتش فيها، فإذا فعلت ذلك وصبرت على سلوك هذا الطريق فإن الله تعالى سيذهبها عنك عن قريب.

وأما ما تفضلت به من حصول بعض المنكرات في حضرتك، فأولا: نخشى أن يكون هذا الذي تسميه كفرا إنما سميته كفرا تحت تأثرك بالوساوس، ولذا فنصيحتنا لك أن تحمل كلام المسلمين على أحسن المحامل، وهذه هي القاعدة التي يعمل بها العلماء، أن كل كلام يتكلم به المسلم إذا كان يحتمل كفرا وغير كفر فإنهم يحملونه على غير الكفر، فالأصل سلامة المسلم وعدم قصده لما يخرجه من دينه، وإذا عملت بهذا فإنك ستسلم من كثير من الإشكالات التي تعانيها.

ومن المزالق الخطيرة والمشكلات الكبيرة -أيها الحبيب- الحكم على فعل ما أو على شخص ما بأنه كافر، فإن هذا يحتاج إلى علم بالشريعة وعلم بالواقع، وأما تكفير الأشخاص فهذه مسألة أخطر وأعظم، فإنها تحتاج مع ذلك كله إلى إقامة الحجة على هذا الشخص، وتحقق الشروط اللازمة لتكفيره، وانتفاء الموانع المانعة من تكفيره، إلى غير ذلك مما لا يحسنه إلا العلماء، فاربأ بنفسك عن أن تقع في هذه المزالق الخطرة، واحفظ نفسك بأن تجنب نفسك الاسترسال مع هذه الوساوس بقدر استطاعتك.

أما إذا وقع المنكر حقيقة بحضرتك فإن الواجب عليك أن تغيره إن كنت تستطيع ذلك، وأدنى مراتب الإنكار كراهته بالقلب وكراهة فاعله، فإن هذا إنكار بالقلب، ومن الواجب عليك إذا لم يتغير المنكر أن تفارق ذلك المكان الذي فيه المعصية ما دمت غير مضطر للبقاء فيه؛ لأن الله تعالى يقول: {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره} فهذا هو الأصل إذا حقق أن ما يفعله الناس في هذا المكان منكر، ولم يقدر الإنسان على تغييره، فالواجب عليه أن يفارقه إذا لم يتضرر بتلك المفارقة.

نحن على ثقة تامة أيها الحبيب من أنك إذا أعرضت عن الاسترسال وراء الوسوسة فإنك ستزيح عن نفسك كثيرا من هذه المشكلات.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات