وسواس الخوف من الموت... معاناة في بداية الشباب !!

0 899

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا ممتن كثيرا لهذا الموقع الرائع الذي كان يخفف من حالتي النفسية، فشكرا لكم.

أنا شاب أبلغ من العمر 20 عاما، بدأت حالتي قبل عامين ونصف تقريبا، بدأت الحالة بوسواس الخوف من المرض، كنت أذهب كثيرا للمستشفى وأجري جميع الفحوصات، ويقول الطبيب: أنت سليم لا تعاني من أمراض، وكنت أقول هذا المستشفى خاطئ، وأذهب لمستشفى آخر، وعلى هذه الحالة! حتى تطور الحال وبدأت حالتي مع وسواس الموت التي أنهت جميع طموحاتي، بدأت هذه الحالة قبل سنتين تقريبا، وهي مستمرة حتى الآن.

في البداية كانت الأعراض متعبة جدا من قلة النوم خوفا من الموت، الخفقان، وكذلك البرودة بالأطراف، وقلة الشهية، حتى أني جلست يومين بدون أكل، وإذا أكلت آكل خبزة صغيرة، ومن ثم أذهب أستفرغها -أكرمكم الله- حتى أن والدي لاحظ علي ذلك، وقال لي: ما بك؟ وفضفضت له، وجلس يكلمني فترة حتى خفت الحالة، وعندما أسمع أي خبر وفاة ترجع لي الحالة بشدة، سواء أعرف المتوفى أم لا، وخصوصا بتويتر، وتركت تويتر وارتحت، لا أسافر وحدي أبدا، ولا حتى مع أصدقائي خوفا من وقوع حادث!

جاءت فترة لا أشتري حاجياتي من ملابس وأغراض أخرى، خوفا من أن أموت وأتركها، تزداد الحالة عند الاختبارات النهائية في الجامعة، حتى أني في أحد الأترام حذفته بسبب الوسواس، ولم أخبر أحدا أني حذفته، وأفكر أن أحول دراستي عن بعد!

كذلك كثرة الأحلام وربطها بالموت، أنا رأيت شيئا وسأموت بعد أشهر! وإذا اتصل بي شخص لم يتصل منذ فترة طويلة أربطها بالموت، أقول: أكيد أنه يريد يسلم علي قبل أن أموت! حتى أن هذا الوسواس الخبيث أثر علي في أعمال الخير، كنت أقول في نفسي: الله يريد أن أتصدق قبل أن أموت وأترك الصدقة لهذا السبب!

هذا الوسواس أثر على علاقتي مع والدي وإخواني، مع والدي أقول سأصير بارا بهم، حتى إذا مت سيحزنون علي جدا، فكنت أحاول ألا أستجيب لأي شيء يطلبونه! ومع إخواني صرت عصبيا جدا.


ما الحل؟ هل أراجع طبيبا نفسيا؟ أم أحاول أن أصارح شخصا كان يعاني من نفس الحالة؟ أريد منكم نصائح لحالتي، جزاكم الله خير الجزاء على هذه الجهود، وعذرا على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سليمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حالتك في مجملها هي أنك تعاني من قلق المخاوف الوسواسي، والوسواس الذي جعلك تقطع الصدقة وأثر على علاقتك مع والديك وإخوتك، لا شك أنه من عمل الشيطان، وهنا يجب أن تكون حاسما، صد هذا القبيح اللعين واجعله يخنس إلى الأبد، وقطعا الوسواس أيضا فيه جانب طبي؛ لأنه أصله القلق، والقلق قطعا نتاج لتغيرات في النفس، تغيرات نفسية ووجدانية داخلية، تغيرات تتعلق بالشخصية، وكذلك تغيرات تتعلق بفيزياء الجسم والموصلات العصبية في الدماغ.

هنا نقول أن دور الأدوية مهم ومهم جدا، دواء مثل (سيرترالين) سيكون جيدا ومفيدا لك جدا، لكن هذا وحده لا يكفي قطعا، يجب أن تستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، أن تكثر من الاستغفار، ألا تناقش الوساوس.

مناقشاتك وتحليلاتك واستفساراتك ومحاولتك أن تضع الوساوس والمخاوف في قوالب منطقية هي التي شعبت هذه المخاوف والوساوس، لذا حقرها، وتحقيرك يجب أن يكون تحقيرا مباشرا، قل للوسواس: (أنت وسواس حقير، لن أتبعك أبدا، ولن أناقشك) اخترق الخوف من خلال تحقيره، والخوف من الموت لا فائدة فيه، ولا جدوى منه، لا يوقف الموت، ولا يزيد الحياة ولا ينقصها أبدا، هو خوف مرضي قطعا، فكن أكثر صمودا، واسع في إدارة حياتك بصورة محترمة وجيدة ونافعة؛ لأنك صاحب إرادة مطلقة في إدارة حياتك، لكنك لست صاحب إرادة في إدارة موتك؛ لذا يجب أن يتم التعامل مع الحياة الدنيا ومع الموت على هذا الأساس، الحياة الدنيا: مكابدة، مجاهدة، عمل، إنتاج، حتى آخر لحظة فيها، وهذا العمل الذي يقوم به الإنسان ما دام عملا خيرا وطيبا ويقوم على تقوى الله فقطعا هذا سوف يسهل كثيرا الحياة بعد الموت.

أيها الفاضل الكريم: أنت في بداية سن الشباب، لديك طاقاتك، لديك إمكانات، لديك مقدرات، ركز على دراستك، تواصل مع أصدقائك، مارس الرياضة، انخرط في الأعمال التطوعية والثقافية والخيرية، كن دائما بارا بوالديك، وأعتقد أن تناول الدواء كما ذكرت لك ضروري، وسوف يكون إن شاء الله تعالى مفتاحا لشفائك، اذهب إلى الطبيب النفسي إذا استطعت، وإن لم تستطع فتشاور مع أهلك، والدواء الأنسب لحالتك هو (سيرترالين) والذي يعرف تجاريا باسم (لسترال) ويسمى تجاريا أيضا (زولفت).

الجرعة هي أن تبدأ بنصف حبة - وقوتها خمسة وعشرون مليجرام - تناولها لمدة عشرة أيام، وبعد ذلك اجعلها حبة كاملة ليلا، استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين ليلا، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم حبة واحدة ليلا لمدة أربعة أشهر، ثم نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء، الذي أسأل الله تعالى أن ينفعك به، وأؤكد لك أنه سليم وفعال وغير إدماني.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات