السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حبيبنا الدكتور جزاكم الله ألف خير على ما تقدموه من فائدة للمسلمين في هذا الموقع المبارك، والذي أعتبره مفتاح الشفاء بعد الله.
منذ سنتين أصابتني حالة غريبة في حياتي، وبعد اطلاعي وبحثي عنها، وجدت أنها رهاب اجتماعي، لكن الغريب في الأمر أني قبل أن تحدث لي الحالة كنت اجتماعيا لدرجة كبيرة، ولا أحب الوحدة، ولا أستمتع إلا بالمناسبات والاجتماعات، لكن فجأة وأنا بين أصدقائي كنت أمزح أنا وأحد الأصدقاء فأصابتني نوبة فزع غريبة، وصرت أرتجف بشكل ملحوظ، حتى إن أصدقائي لاحظوا هذا الأمر، وسكتوا وأنهوا المزاح فورا.
بعدها أصبحت أتجنب المزح شيئا فشيئا، حتى أصبحت لا أرغب بمخالطة الناس نهائيا، وحيث أن الموقف الذي ذكرته تكرر عدة مرات بعد الموقف الأول، وقرأت عن العلاج الدوائي كثيرا حتى اقتنعت بأن دواء تفرانيل (امبرمين) هو الأنسب لي مع اندرال، ما رأيك يا دكتور في هذا الدواء؟ وما هي الجرعة المناسبة؟ وكم المدة؟ وهل يؤثر على الجنس، أو أن تأثيره خلال بداية العلاج الأولى؟ وهل هذا الدواء يعتبر مؤقتا؛ بمعنى أنه من الممكن لو انتهت فترة العلاج ترجع الحالة، أو أنه ينهي هذا المرض نهائيا؟
علما أني ولله الحمد لم أستسلم لها، وأواجه أغلب المواقف، لكن الشعور الداخلي لم يفارقني، وسبب مواجهتي لها هو طبيعة عملي؛ حيث أني (أشغر) وظيفة قيادية نوعا ما في إحدى الشركات، وأمثل هذه الشركة في العلاقات الحكومية، طبعا أستعين باندرال طوال هذه السنتين، لكن المناسبات الخاصة الأهل والأصدقاء قطعتها نهائيا.
ملاحظة: لا يوجد في تاريخ طفولتي أية مشاكل أسرية، أو من المشاكل التي تؤثر على نفسيتي، لكن مررت ببعض الفشل في بداية حياتي العملية حتى استقررت، وتجربتي الفاشلة كانت قاسية جدا؛ إذ أني أدفع ثمنها حتى هذه اللحظة، وعندي نسبة دهون بسيطة على الكبد، وأدخن, وعمري 35 سنة، ومتزوج.
أخيرا: أشكرك جزيل الشكر على رحابة صدرك، وأسأل الله أن يجعل ما تقوم به في ميزان حسناتك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ fahad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك على كلامك الطيب ورسالتك الجميلة، وثقتك في إسلام ويب.
أخي الفاضل: بالفعل الذي تعاني منه هو درجة بسيطة جدا من الرهاب الاجتماعي، وقطعا أنت ذو خلفية ممتازة من الناحية الاجتماعية والفعالية، فهذا رصيد جيد، والذي أؤكده لك أن الخوف الاجتماعي ليس دليلا على ضعف شخصية الإنسان، وليس دليلا على ضعف إيمانه، فهو نوع من السلوك المكتسب، في بعض الأحيان تكون له أسباب، وفي بعض الأحيان لا تكون له أسباب.
ومن الأشياء العجيبة والمعروفة أن الإنسان يمكن أن يكون مروضا للأسود، لكنه يخاف من القطط، هذا شهدناه بدون أي مبالغة، فالمخاوف لها مساراتها النفسية والسلوكية الخاصة بها.
مشكلتك بسيطة جدا، المزيد من الثقة بالنفس، تحقير فكرة الخوف، أنت لست بأضعف من الآخرين، وعليك بالتمازج الاجتماعي الذي يتمثل في الرياضة الجماعية، ومشاركة الناس في مناسباتهم، زيارة المرضى، زيارة الأرحام، والصلاة مع الجماعة من أجمل ما يمكن أن يروض الإنسان اجتماعيا ونفسيا ليسهل أمر إزالة المخاوف بإذن الله تعالى.
تمارين الاسترخاء أيضا لها أهمية ودور كبير؛ لأن الجوهر الرئيسي في المخاوف هو القلق، والاسترخاء هو أحد المضادات الطبيعية والفعالة والجميلة جدا، من يتعود عليه يستطيع أن يجهض قلقه في أي لحظة.
قطعا تخفيف التدخين والتوقف عنه سيكون خبرا مفرحا لنا ولك، فاحرص على ذلك.
بالنسبة للعلاج الدوائي: الإندرال طبعا كدواء إسعافي معروف ومشهور؛ لأنه يحبط الزيادة في الفعالية الفسيولوجية الناتجة من الأدرينالين، لكن الأدوية المضادة للمخاوف هي الأفضل، والتفرانيل الذي يعرف علميا باسم (إمبرامين) هو أول الأدوية أثبتت فعاليتها، وهو بالطبع ينتمي إلى مجموعة الأدوية القديمة، والتي تعرف بمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، لا بأس به أخي الكريم، خاصة أنه غير مكلف.
الجرعة هي أن تبدأ بخمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة أسبوع، بعد ذلك تجعل الجرعة خمسين مليجراما يوميا لمدة أسبوعين، ثم تجعل الجرعة خمسة وسعبين مليجراما يوميا، يمكن أن تأخذها كجرعة واحدة أو مجزئة، وهذه جرعة علاجية مناسبة تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض الجرعة بمعدل خمسة وعشرين مليجراما كل شهر، حتى تتوقف عن الدواء.
الدواء ليس له آثار جانبية مزعجة، فقط قد يسبب بعض الجفاف في الفم، وربما زيادة بسيطة في الوزن، ليس له آثار جنسية سلبية.
من الأدوية الحديثة والممتازة والفعالة والمشهود لها لعلاج هذا النوع من المخاوف هو: عقار (سيرترالين) والذي يعرف تجاريا باسم (زولفت) أو (لسترال) والباكسيل – كما يعرف في أمريكا – أو الزيروكسات – كما يعرف في منطقتنا – هو أيضا من الأدوية الفاعلة، وكذلك السبرالكس، لكن أوافقك تماما أن التفرانيل بالرغم من قدمه إن شاء الله تعالى سيكون علاجا مساعدا لك، خاصة إذا طبقت الإرشادات السلوكية البسيطة التي ذكرناها لك، فهي هامة وضرورية جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.