أشعر مؤخرا بفتور في الرغبة في الدراسة واستغلال وقتي فيما يفيد

0 413

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكر لكم جهودكم الطيبة، وجزاكم الله عن أمة حبيبه خير الجزاء.

أريد أن أعرض أمرين يتعلقان بشخصيتي قبل عرض مشكلتي الحالية:

1- توفرت لي منذ صغري أسباب الالتزام بالدين -بفضل الله تعالى-، نشأت على حب دروس العلم، واستمعت إلى الكثير من المحاضرات وحفظت أجزاء من القرآن، ومن الله علي بأداء الصلاة على وقتها، وارتديت النقاب، وتدرجت على مر الأعوام في إلزام نفسي بالسنن.

2- وهبني الله قدرة على تنظيم وقتي، في بعض الأحيان ما كانت تمر ثانية بيومي إلا وأنا أعلم فيم مضت، كما رزقني القدرة على تنظيم المذاكرة وإنجازها على نحو متقن، وكنت من شدة حرصي على وقتي أرفض التنزه مع زميلاتي، لأني أراه إضاعة لوقت المذاكرة أولى بها.

كان من خير ما من الله علي به كذلك كليتي، فأنا أحب مجالها، وهي معروفة بصعوبة مناهجها حتى إن بعض الطلاب يفرون من الالتحاق بها، وكان من فضل الله علي أن كنت الأولى على فرقتي بالسنة الأولى.

مشكلتي متعلقة بهذين الأمرين -أغلى ما أملك- أشعر أنني أفقدهما، بدأت مشكلتي الدراسية، مع بداية العام الدراسي لي بالفرقة الثانية، كنت أصاب بنوبات ضيق وفزع شديدين بغير سبب أشعر معها أحيانا بأن جسدي كله سينهار، ومع تزايد الخوف ترتعش يداي، وفي تلك الفترة أيضا رأيت كثيرا من زميلاتي يخطبن، وتمنيتها لي في قرارة نفسي بشدة دون إفصاح، وصرت أدعو الله بعد كل صلاة أن يرزقني عاجلا بالزوج الصالح وأن يقيني الفتنة، واعتمرت مرة وألححت على هذا الدعاء، وكنت أسأله أحيانا بأني لم أستجب لشاب ألح علي عاما كاملا لأخاطبه عبر شبكة الإنترنت، ولم يتقدم لي في هذا العام إلا رجل يدرس معي في فرقتي عن طريق إحدى استاذاتي، لهذا الرجل ظرف خاص فقدماه مشلولتان -شافاه الله ومرضى المسلمين- ولكني يوم رفضته كان لكراهيتي خلقه وطباعه، وبقيت على دعائي الله حتى سألته في يوم أن يعجل لي بالزوج الصالح، أو يرزقني ما يلهيني عن رغبتي تلك فلا أذكرها، وأتمنى لو يبين لي سبب تأخر إجابة دعائي هذا.

في شيء من الانطواء، أقتصر غالبا على مصادقة القليل من الفتيات في كل مكان أذهب إليه، كنت قد قررت منذ زمن ألا أحاول أن أصادق من أقربها مني فتكون بمثابة الخليلة، لأني فشلت وصدمت عندما جربت ذلك، ولكني رزقت بها العام الماضي، وشعرت أن هذا إجابة دعائي، ولكن طبقا لما كنت أعتقده سابقا فما أنفق من وقت لقاء هذه الصداقة كان ممنوعا قبلها، وكنت أراه وقتا لا يصح لي إضاعته، ولكني -إلى حد ما- تخلصت من نوبات الضيق والفزع تلك، مع خسارتي الشيء الكثير من وقتي الذي كنت أحرص عليه أشد الحرص، فهل أخطأت؟ هل أسلوبي الأول أصح؟ ومع هذا فأنا لا أحب أن أخسر صداقتي تلك فهي من أغلى ما منحت.

بعد أن كنت الأولى أصبحت الثالثة على مستوى الفرقة في العام الثاني، وفي الفصل الدراسي من الفرقة الثالثة أعلم أني لم أبل حسنا في امتحاناتي رغم أن النتيجة لم تظهر بعد، أشعر بالإرهاق معظم الوقت، لا أجد همتي الأولى التي كانت تدفعني للمذاكرة طوال الوقت، ظننت أن بي حسدا فرقيت نفسي ورقاني بعض أهلي، في بداية هذا العام حدثت معي بعض المشاكل المتعلقة بالسكن الجامعي عطلتني، وأخذت من وقتي الكثير لمدة اقتربت من الشهر.

ومشكلتي الإيمانية: تتملكني بعض الأفكار التي تحبطني كثيرا، ولكني لا أجدني قادرة على صرفها دائما، منها:

بدأت ذنوبي تتزايد في الفترة الأخيرة، وصرت أنساق إلى أشياء لم أكن أفعلها، مثلا كنت أرفض الاستماع إلى النشيد الديني إن صاحبته الموسيقى، وأراني الآن أتساهل في هذا، وأنا أعي معني سلوك طريق التنازل والتساهل هذا سيقودني حتما إلى التساهل مع ذنوب أكبر، وقد وقع هذا بالفعل، ارتكبت ذنبا أخشاه بشدة وتبت منه، ولكني لا أدري أيغفر الله لي؟

من أشد ما يؤرقني ما ورد في الحديث الصحيح من أن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، فصرت أظن أني من هؤلاء، وخاصة أني سمعت أكثر من قصة عمن عاشوا على الطاعة وفتنوا في أيامهم الأخيرة فهلكوا، وهذه الفكرة تكاد تودي بي، أخشى أن يحدث لي مثل هذا، فعندما سمعت شيخا يقول في محاضرة مرة أن الصلاة تحفظ صاحبها، صرت أفكر في شأني كيف تحولت إلى هذا و أنا لم أهمل صلاتي -بفضل الله- من قبل؟

لم أعد شغوفة بدروس العلم كالسابق، يوسوس لي الشيطان بأني لن أسمع شيئا جديدا، فكل ما قيل سيعاد لأني سمعت الكثير من المحاضرات من قبل، لست مقتنعة بالفكرة ولكن الشيطان يصدني بها كثيرا، عندما تأملت حال الأولياء يوما بكيت بكاء شديدا، تمنيت لو تقربت إلى الله إلى هذا الحد، ولكن كيف؟ ما الذي يفعله هؤلاء؟ كلما حاولت إصلاح نفسي ذكرني الشيطان بما كنت عليه من نجاح وتمكن سابقا، رغم هذا لم أستطع معه بلوغ كل ما أردت، فصرت أحس بأن لا حيلة لي، أي شيء أستطيع فعله بعد كل ما فعلت، ليس في طاقتي أن أبذل أكثر منه لأن هذا مبلغ جهدي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ r.k حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونعبر عن سعادتنا بحسن العرض لهذه الاستشارة، ونشيد بهذا التميز الذي نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على المحافظة عليه، ونؤكد لك أنك على خير، فتعوذي بالله من الشيطان الذي همه أن يحزن أهل الإيمان، وليس بضارهم شيئا إلا بما قدره مالك الأكوان، فكوني مع الله، واستمري في الطريق الذي أنت عليه، ونسأل الله تبارك وتعالى لك السداد والثبات.

ونحب أن نؤكد لك أن الحديث الذي ذكر من أن الإنسان يعمل بعمل أهل الجنة حتى يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، إلى آخر الحديث، هذا الحديث في رواياته هناك إضافة مهمة وهو (فيما يظهر للناس) وهذه إشارة مهمة جدا، لأن هذا الذي كان يعمل بعمل أهل الجنة لم يكن لله، ولذلك يخذل في آخر اللحظات لأنه لم يكن مخلصا لله تبارك وتعالى.

لذلك نحن نتمنى ونسأل الله أن يرزقنا وإياك الإخلاص في أقوالنا وأفعالنا وأحوالنا، ونؤكد لك أن ما تقومين به من طاعات -بإذن الله- وفضله ومنه دليل على أنك ولله الحمد متميزة، وندعوك إلى المحافظة على الأذكار وقراءة الرقية الشرعية على نفسك، والازدياد من العلم والاستمرار عليه، لأن العلم ليس له حد، والعلماء -ما شاء الله- لهم إبداعات، والفهم أيضا يتجلى ويتجدد في عقولهم -بفضل ربنا تبارك وتعالى- لهذه الشريعة العظيمة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.

ونحب أن نؤكد لك أن وجود معصية، أو وجود مخالفة عند الإنسان ليست دليلا على أنه أصبح سيئا، ولذلك قال الله:{ إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}، يعني الفرق هو سرعة الرجوع والندم واستعظام الذنب والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، والإكثار من الحسنات الماحية، لكن لم يقل الأولياء أو الأتقياء عندهم عصمة من الذنوب، فالمعصوم هو الرسول -عليه صلاة الله وسلامه- ولكن كلنا بشر، وكلنا خطاء، وخير الخطائين التوابون.

فعجلي بالتوبة والرجوع إلى الله عند كل ذنب، واستمري على ما أنت عليه من الطاعة، واعلمي أن أمر الزواج أمر يقدره القدير سبحانه وتعالى، واجتهدي الآن في دراستك، وحافظي على هذا التفوق، ليس من الضروري أن تكوني الأولى أو الثانية أو الثالثة، ولكن المهم أن تكوني متفوقة حتى تخرجي بدرجات عالية وتفوق، ونحن نشيد بهذا الاهتمام بالدراسة، وندعوك أيضا إلى تنظيم الوقت، وفي تنظيم الوقت ينبغي أن يكون للنفس حظ وحق، حقها في الراحة، حظها في الترويح، الجلوس مع صديقة صالحة، تذكرك بالله إذا نسيت، تعينك على طاعة الله إذ ذكرت، هذه أيضا أمور هي عون على الدراسة، وعون على النجاح، وعون على الاستمرار في هذا الطريق.

نكرر إعجابنا بهذا الطريق الذي تسيرين عليه، ونسعد باستمرار التواصل مع الموقع، ونتمنى أن نسمع عنك الخير، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات