أشكو من وسواس الطهارة في باب النجاسات.. فأنقذوني!

0 343

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أعاني من وسواس الطهارة، وتحديدا باب النجاسات؛ فعندما أستنجي بالماء يدخل ماء قليل إلى الذكر، وقيل لي أن هذا الماء نجس؛ فعندها أتعب كثيرا في تطهيره لأني أجلب منديلا وأمسح الذكر، وأحس أن المنديل تنجس والذكر أيضا تنجس؛ ومن ثم أرجع إلى غسل الذكر. وعندما ألبس ثوبا جديدا -فورا- يأتي إلي الوسواس بأي فكرة ويقول لي أن ثيابي نجسة، وأن صلاتي غير صحيحة!

عموما: هذا هو الوسواس الذي بي. وأعاني الخوف من عدم صحة الصلاة،
لأني -والله- كنت في الماضي أصلي وأنا مرتاح القلب والإيمان يملأ قلبي، ولكن الآن -والله- لا أجد حلاوة للصلاة أبدا أبدا؛ بسبب الوسواس الذي دمرني!

أرجوكم! أريد حلا لأني والله أريد أن أحس بطعم الصلاة مثل الماضي، ولا أستطيع تناول الأدوية لأننا في العراق والوضع ليس بالطبيعي.

أتمنى أن تجيبوني بسرعة ، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك - أيها الولد الحبيب – في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله بأسمائه وصفاته أن يصرف عنك كل مكروه، وأن يعافيك من داء الوسوسة عاجلا غير آجل.

نحن نتفهم - أيها الحبيب – المعاناة التي تعيشها بسبب هذه الوساوس، والوساوس شر عظيم وداء مستطير، إذا تسلطت على الإنسان أفسدت عليه حياته وبغضت إليه العبادات، وهذا ما توصلت أنت إلى بعضه، نسأل الله تعالى أن يصرفه عنك عن قريب.

وسبب هذا كله - أيها الحبيب – هو خطأك في التعامل مع هذه الوساوس، فإن الوسوسة لا علاج لها أحسن وأمثل من الإعراض عنها بالكلية، بحيث لا يسترسل الإنسان معها ولا يعمل بمقتضاها، فإذا وسوس لك الشيطان بأنه قد خرج من ذكرك شيء لا تلتفت إلى هذا الوسواس، ولا تبحث عن هذا الخارج، وافعل ما أرشد إليه رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- من نضح فرجك وثيابك بشيء من الماء، حتى إذا حاول الشيطان أن يوسوس إليك بأنه خرج منك شيء قلت بأن (هذا هو الماء الذي رششته أنا على المحل) وهكذا.

إذا ثبت على هذا الطريق بأن أعرضت عن الوساوس؛ فإنها ستذهب عن قريب -بإذن الله تعالى- والشيطان يحاول أن يجربك، فإذا رأى منك الصبر والثبات على هذا الطريق أيس منك وانصرف إلى غيرك.

ومما يعينك على هذا: أن تعلم علم اليقين أن الله تعالى لا يحب منك أن تتابع هذه الوسوسة، فإنه يكره منك أن تتابع الشيطان، وقد نهاك عن تتبع خطواته، كما قال سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان} فلا يحاول الشيطان أن يزين لك بأن هذا من الاحتياط للدين، والاحتياط للطهارة، والاهتمام بأمر الصلاة، فهذا كله تزيين وإغواء من الشيطان ليجرك إلى هذه الحال التي وصلت إليها، وإن لم تتدارك نفسك وتعمل بهذه الوصايا التي أوصيناك؛ فإنه سيجرك إلى ما هو أشد وأنكى.

من رحمة الله تعالى بك - أيها الحبيب – أنه شرع لك ألا تلتفت إلى الشكوك والأوهام، ولا تبني عباداتك إلا على اليقين، فلا تعد الوضوء، ولا تعد الاستنجاء، إلا إذا تيقنت يقينا جازما كتيقنك بوجود الشمس في النهار، أما ما عدا ذلك لا تلتفت، وهذا هو الحل والعلاج للوسوسة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن شكى إليه الوساوس: (فليستعذ بالله ولينته) فاستعذ بالله تعالى، واصرف ذهنك عن الاسترسال معها، ستذهب عنك عن قريب، وستعود إلى ما كنت عليه من راحة القلب واطمئنانه، وانشراح الصدر للعبادة، وستجد حلاوة الطاعة.

نسأل الله تعالى أن يأخذ بيدك إلى كل خير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
وتليها إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الأمراض النفسية وطب الإدمان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا شك أن هذه أفكار وسواسية، وكما ترى فإن الوسواس الأول يولد وساوس تأتي فيما بعده، وهكذا تكتمل دائرة الوسواس، ولذا لا بد أن تكسر هذه الدائرة وهذه الحلقة من أجل العلاج الصحيح، وأفضل طريقة هي أن تقاوم الوسواس، وأن تحقره، وألا تعيره اهتماما، وألا تسرف في تحليله ومحاولة إخضاعه للمنطق، هذا يزيد من الوساوس أيها الفاضل الكريم.

إذا، منهجيتك هي المقاومة، الإصرار على ما هو صحيح ومعقول، وعدم اتباع الوسواس، هذا قد يسبب لك الكثير من المضايقة في بداية الأمر، لكن بعد ذلك تجد أن الأمور قد أصبحت سهلة جدا.

أيها الفاضل الكريم: خطوة عملية ناجحة ومجربة، وهي أن تحدد كمية الماء عند الاستنجاء أو عند الطهارة أو عند الوضوء، لا تستعمل ماء الحنفية أو ماء الصنبور، في حالتك هذا لا يفيد، بل على العكس تماما، سوف تستمر الآليات الوسواسية من هنا وهناك، لكن حين تحدد كمية الماء وتضعه في إناء – في إبريق مثلا – وتصر أن هذا هو الماء الذي سوف تستنجي به ولن تزيد عليه، وهو الماء الموجود، وهكذا بالنسبة للوضوء وغسل الجنابة وكل ما يتعلق بالطهارة وديننا الإسلامي الحنيف؛ حيث العبادة.

هذا علاج مجرب وعلاج ممتاز، ويجب أن تقاوم وتصر على هذه الأمور.

الخطوة العلاجية الأخرى هي أن تتناول أحد الأدوية، وبفضل الله تعالى الآن أمامنا أدوية ممتازة جدا، يصعب الآن التخلص من الوساوس دون استعمال أدوية، لأن الأدوية تسهل العلاجات السلوكية.

أنا أفضل أن تذهب وتقابل طبيبا نفسيا، هذا هو الأفضل، وإن لم تستطع شاور أسرتك حول الدواء، ومن أفضل الأدوية التي يمكنك أن تتناولها عقار يعرف تجاريا باسم (بروزاك) ويسمى علميا باسم (فلوكستين)، وهو من الأدوية الممتازة جدا، والجرعة في حالتك هي كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهر، يتم تناول الدواء بعد الأكل، وبعد هذه المدة اجعل الجرعة كبسولتين في اليوم، تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعل الجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هنالك برنامج نسميه برنامج صرف الانتباه، أي صرف الانتباه عن الوسواس، وذلك من خلال: عدم ترك أي فراغات زمنية أو ذهنية، تشغل نفسك فيما هو مفيد، تقرأ وتطلع، وتتواصل اجتماعيا، والحمد لله تعالى أنت من الملتزمين على عباداتهم، وهذا يخلصك من الفراغ تماما، لكن لا تدخل الطقوس الوسواسية في عباداتك أبدا.

تمارين الاسترخاء أيضا هي تمارين ذات فائدة كبيرة، لأن الاسترخاء يقضي على القلق، والوسواس يعرف عنه أن المكون القلقي فيه موجود، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم: (2136015) أرجو الاستفادة منها لتطبيق تمارين الاسترخاء.

أسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات