أنا كثير القلق والتفكير والتوتر والانطواء، أريد علاجا وليس مهدئات.

0 355

السؤال

السلام عليكم

قبل ثلاث سنوات تعرضت لدوخة وتخيلات بأني سوف يغمي علي، وهذه بداية زيارتي للعيادة النفسية منذ ذلك الوقت وإلى هذه الساعة وأنا أتعالج.

أنا كثير القلق والتفكير والتوتر، وأحب الانطواء، وأعاني من صعوبة في التركيز، وتشتت في التفكير، ولا أتذكر شيئا من السنوات الماضية، بي خوف من الأماكن العامة وتجمع الناس، وزيادة دقات قلبي، وتشد أعصابي، وبي خوف من الحياة، لقد حملت المسؤولية وأنا في صغري، وكنت خجولا وكتوما.

الدكتور صرف لي سبريلاكس 10 ملجم، ورجعت بكامل قواي وتركيزي، وتعافيت من كل شيء، وبعد 6 أشهر رجعت لي الدوخة وصرف لي 15 ملجم وتحسنت حالتي، ثم بعد 10 أشهر انتكست حالتي من جديد، وأصابني الذعر، وذهبت لدكتور آخر، وأعطاني سبريلاكس 10، وجنبريد 200 ملم، وتعافيت من جديد.

رجعت لدكتوري القديم وأبلغته أني تعبت من الجنبريد، وحاليا أحاول أن أتركه وأن أستمر على سبريلاكس ،10 والدكتور كلما ساءت حالتي سوف يرفع قيمة علاج سبريلاكس لأكثر من 10، لأن ذلك هو الحل فإلى متى؟!

لي طفل، والسؤال: هل الاكتئاب وراثي، أي يتوارث لمن بعدي -لا قدر الله-؟!

دكتور أرجوك أريد علاجا لذلك وليس مهدئات.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كثيرا من الأمراض النفسية مثلها مثل الأمراض العضوية لا اختلاف بين الاثنين أبدا، فالأمراض النفسية قد تكون متعددة الأسباب، لذا نرى أنه يجب أن تكون متعددة العلاجات.

العلاج الدوائي يساهم مساهمة كبيرة في علاج كثير من الأمراض النفسية، خاصة الاكتئاب النفسي والقلق والتوتر والوساوس والمخاوف، لكن الآليات العلاجية الأخرى مطلوبة ومطلوبة جدا حتى تكتمل الصورة العلاجية، فهنالك العلاج التأهيلي، وهنالك العلاج السلوكي، العلاج الاجتماعي، والعلاج المعرفي.

هذه كلها علاجات وعلاجات ضرورية جدا، ويقع الكثير من الإخوة والأخوات الذين يعانون من بعض الأمراض النفسية لأنهم يأخذون العلاج الدوائي فقط، أو تجد البعض على العكس تماما يقول لك: أنا سوف آخذ العلاج السلوكي فقط، دون أن يطبقه بصورة صحيحة.

أيها الفاضل الكريم: السبرالكس ليس من المهدئات أبدا، هو دواء ممتاز وفاعل ويعمل على تنظيم إيقاع كيمياء الدماغ، فهو يجعل مادة السيروتونين تسير في مساراتها الصحيحة، وهذه المادة المتهمة بأنها هي التي تسبب الكثير من الصعوبات النفسية حين يحصل فيها خلل أو اضطراب أو عدم انتظام.

أيها الفاضل الكريم: حين ذكرت لك أن بعض الأمراض النفسية مثلها مثل الأمراض العضوية، الاكتئاب هو أحد هذه الأمراض النفسية، وقد يكون مثله مثل مرض السكر، مثلا مرض السكر قد يظل مع الإنسان – وسوف يظل مع الإنسان – لكن الإنسان يتعايش معه ويعالجه من خلال التنظيم الغذائي، وممارسة الرياضة، وتناول الأدوية، وهكذا الاكتئاب، وهذا المفهوم يجب ألا يؤدي إلى أي نوع من التشاؤم، بل يجب أن يحسن من إدراكك ووعيك ودافعيتك نحو العلاج والتعافي - إن شاء الله تعالى -.

فيا أخي الكريم: واصل علاجك، وأريد أن أؤكد لك أن العلاج الدوائي ينقسم إلى ثلاثة أقسام، أو ثلاث مراحل، فهنالك مرحلة العلاج التمهيدي، وهي الجرعة الأولية، ثم الجرعة العلاجية، ثم الجرعة الوقائية، وهذه قد تستمر لسنين في بعض الأحيان.

هذا الترتيب العلمي والنسقي المتفق عليه هو الذي يجب أن يتبع، وأعتقد أن ذلك سوف يوضح لك الصورة.

أيها الفاضل الكريم: أنت - إن شاء الله تعالى – سوف تتعافى، وتتوائم مع مرضك هذا، لا تتخوف من تناول العلاج، فهو ليس مهدئا، لكن تناول أقل جرعة مفيدة، وكن متابعا مع طبيبك، وطبق الآليات العلاجية الأخرى.

بالنسبة لسؤالك هل الاكتئاب وراثي – أي يتوارث لمن بعدك لا سمح الله -؟ كما ذكرت لك أسباب الاكتئاب متعددة، وأحد أسبابه العوامل الوراثية، نعم الوراثة لها دور في تسبيب الاكتئاب، لكن دوره ضعيف، والذي يورث ليس المرض ذاته مباشرة إنما الاستعداد له، إذا تهيأت الظروف الأخرى.

لا تخف على ابنك، فهو في حفظ الله وكنفه، اسع فقط لتنشئته التنشئة الصحيحة، وإن شاء الله تعالى لن يصاب بمكروه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات