أعيش في بؤرة من الخوف والأفكار والتخيلات.. ماذا أفعل؟

0 449

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 29 سنة من فلسطين، وبالتحديد مدينة القدس المحتلة، متزوج وأب لطفلين، بدأت معاناتي في سن المراهقة في عمر 15 سنة مع نوبات الفزع، والخوف من مواضيع الجن والشياطين حيث كنت أشاهدها على التلفزيون، وأسمع بها من الناس، فلم أخبر أهلي في الموضوع، فأخبرت صديقا لي في الموضوع، وأحضر لي ماء مقروءا عليه آيات من القرآن الكريم، وأعطاني بعض السور القرآنية لكي أقرئها كل يوم قبل النوم، وبعد قرابة شهرين تحسن وضعي، ولكن كنت أتجنب سماع كل هذه المواضيع كي لا أخاف مجددا، وتصيبني هذه النوبات مجددا.

في سن العشرين عندما أنهيت دراستي الثانوية بدأت هذه النوبات بالرجوع، ولكن في مواضيع أخرى أي أنني أخاف أن أعبر نقطة تفتيش، أو حواجز عسكرية، أو مواضيع الموت حيث إذا سمعت أن أحدا توفي في عمر صغير نتيجة جلطة، أو أي شيء كنت أخاف وأتأثر كثيرا، ولا أنام.

وأيضا كنت أخاف من الأمراض، فكنت أشعر أن قلبي سوف يتوقف عن الخفقان، وأنني سوف أموت في أي لحظة، ومع الوقت بدأت هذه الأعراض تخف تدريجيا حيث إنني في عمر 22 سنة.

بدأت أعمل في مجال الطباعة، وتجليد الكتب، وفي إحدى الأيام، وأنا جالس في مكان عملي أعمل أحسست بنوبة ذعر غير عادية، حيث إنني خفت من الواقع المحيط حولي، شعور لا أستطيع أن أصفه حيث شعرت أن شيئا اختلف عندي، وأنني أصبحت أخاف من مجرد النظر، وأني موجود أم لا، حتى أني أخاف من نفسي وأفكاري، وأني أخاف في أي مكان أتواجد فيه، أو فقدان الذاكرة، أو أني سأصاب بالجنون شعور غريب نوعا ما، وهنا قررت أن أذهب إلى طبيب نفسي، فذهبت إليه وسردت له معاناتي، فأعطاني حينها دواء السيروكسات مع جلسات علاجية مع أخصائية نفسية، وبعد أربعة أشهر من العلاج تحسنت حالتي كثيرا، فتوقفت عن الدواء، ولم أعد أشربه، فتزوجت وأنجبت طفلين، وكنت أشعر بأن حياتي مستقرة، وأني تخلصت من هذه الأفكار والتخيلات المزعجة.

قبل شهر، وبالتحديد في الليل استيقظت عند حوالي 3 صباحا، فشعرت لوهلة بالخوف الشديد، والتعرق، والرعشة في جسمي، والهلع الشديد لما أراه حولي، فاستيقظت زوجتي، وقامت بتهدئتي، وقراءة القرآن، ومن ثم نمت، واستيقظت في اليوم التالي مع نفس المخاوف والأعراض التي كنت أحسها في السابق، فأصابني الإحباط والاكتئاب مما حدث.

أشعر بأني أعيش في بؤرة من الخوف أذهب إلى عملي، وأمارس حياتي، لكن بدون راحة نفسية، وتأتي هذه الأفكار والتخيلات على مدار اليوم، وفقدت طعم النوم، فإذا نمت نوما عميقا أستيقظ مرعوبا لأول وهلة، وأحس أن ذهني مشوش، فتوجهت إلى طبيبة نفسية، وشرحت لها معاناتي، فوصفت لي دواء السيبرلكس 10مليجرام حبة واحدة في اليوم، وأنا أستعمل الدواء منذ 25 يوما، لكن دون تحسن كبير على حالتي.

أنا متردد، هل أخبر زوجتي بالأمر أم لا أخبرها لكي لا تهتز صورتي أمامها، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نوبات الخوف، أو الذعر، أو الهلع التي انتابتك أساسها ناتج من تفاعل العوامل المهيئة والمرسبة مع بعضها البعض، وهذه كانت بدايتها عندما كان عمرك خمسة عشر عاما كما ذكرت في رسالتك، فمواضيع الجن والشياطين حين يتم التحدث عنها أمام اليافعين يؤثر هذا على خلدهم وأفكارهم وتتولد لديهم فكرة المخاوف والذعر، هذا يحدث لحوالي ستين بالمائة ممن هم في عمرك حسب الأبحاث.

تعاملت أنت مع هذه النوبات التعامل الصحيح، وذلك أنك قابلت الطبيب وتناولت الزيروكسات، وتابعت الجلسات السلوكية، وتحسنت حالتك بصورة ممتازة، ومن ثم عاودتك النوبة، ولكن بعد مدة طويلة من الزمن، وهذا أمر جيد؛ لأن تباعد هذه النوبات مؤشر قوي على أنها - إن شاء الله تعالى – ليست خطيرة، وأنها سوف تزول.

أنت الآن بعد أن أتتك النوبة الأخيرة وصف لك الطبيب عقار سبرالكس، ولم تتحسن حتى الآن، الذي أراه أن التحسن سوف يأتي - إن شاء الله تعالى – وحين يصلك رد هذه الاستشارة سوف تكون أكملت شهرا تقريبا وأنت على الدواء، أقول لك هنا: أتى الوقت الذي ترفع فيه الجرعة وتجعلها عشرين مليجراما يوميا، هذه الجرعة العلاجية المفيدة، السبرالكس دواء مفيد جدا.

استمر على جرعة العشرين مليجراما بانتظام لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها عشرة مليجرام يوميا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذه هي الترتيبات المعقولة لتناول الدواء، ولا تنزعج، الدواء سوف يعمل - إن شاء الله تعالى – فقط اعطه الفرصة ليتم البناء الكيميائي بصورة واضحة.

في حالة أنك لم تتحسن وأنت على جرعة العشرين مليجراما بعد شهرين من بداية هذه الجرعة، هنا أقول لك أنه يجب أن تذهب إلى الطبيب النفسي، وتشاوره حول هذا الموضوع، وربما يكون من الأجدى أن يتم التوقف عن تناول السبرالكس، ويتم استبداله بالزيروكسات؛ لأن تجربتك السابقة إيجابية مع الزيروكسات، وهو في نفس الوقت دواء ممتازا جدا.

بالنسبة لموضوع ترددك حول هل تخبر زوجتك أم لا؟ أنا أرى أن تخبرها، فهي شهدت بأم عينها ما حدث لك، وهي التي قامت بتهدئتك وقراءة القرآن – جزاها الله خيرا – واشرح لها الموضوع ببساطة شديدة جدا طبيعة هذه الحالة، وأنها نوع من القلق الذي يسمى بنوبات الهرع، أو الفزع، وهي ليست حالة ذهانية، وليست دليلا على ضعف في شخصيتك أو قلة في إيمانك، إنما هي نوع من أنواع القلق المتباعد قد يأتي للإنسان من وقت لآخر، وأنك تتناول العلاج، وأنك - إن شاء الله تعالى – سوف تكون على خير.

هذا هو المفترض أن تقوم به، خاصة أن السبرالكس سوف يؤخر القذف المنوي لديك قليلا، وربما تشعر الزوجة بهذا الأمر، فمن الأفضل أن تخبرها أيها الفاضل الكريم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات