لا أبكي عند سماعي لوفاة أحد أعرفه.. هل هو بسبب حيائي من الناس؟

1 335

السؤال

السلام عليكم

جزاكم الله خيرا على كل ما تبذلونه، عندي سؤال:
أنا إذا مات أحد أعرفه لا تنزل دمعتي مثل باقي الناس، أتضايق قليلا وينتهي الأمر، قبل فترة توفيت جدتي مع أني أحبها، لكن ما نزلت دمعتي، وفي نفس الوقت أوقات أرى مقاطع محزنة وأحس أن دمعتي تنزل، علما أني من الناس الذين أحسب للناس حسابا أن يروني وأنا أبكي، أو شيئا مثل هذا، هل يمكن هذا له علاقة، أحببت أن أسألكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك ابننا الفاضل، ونشكر لك هذا السؤال الرائع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا وإياك على خشوع القلوب، وأن يلين قلوبنا بهذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى، والذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

ونتمنى أن تدرب نفسك على الخشوع والتأثر، خاصة عند تلاوة القرآن، وتتأثر كذلك عند هذه المواقف، وما يحصل معك - إن شاء الله – ليس عليك فيه إثم، ولكن نحن نريد أن تكون هناك تربية مشاعرية، وأن يشعر الإنسان بجراح الآخرين، وأن يرحم من يستحق الرحمة، بل يرحم كل ضعيف؛ لأن الرحمة العامة هي المطلوبة، أن يرحم الناس، ويرحم الحيوان، ويكون عنده هذا العطف لكل من حوله؛ لأن الدمع أيضا، وهذا الخشوع والتأثر رحمة جعلها الله في قلوب من شاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء.

فإذا كنت تتأثر لموت الجد فلا تجامل في الدمعة، ودعها تخرج، مهما نظر الناس، ومهما كان أمر الناس؛ لأن من الخطأ الذي عندنا في المجتمعات أن الإنسان إذا مات له إنسان يقال له (لا تبك) لا، عليه أن يبكي وتدمع عينيه، لكن بلا صوت، بلا اعتراض، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم – وقد دمعت عيناه: (إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزنون) يقصد ابنه إبراهيم.

ووجود الدمعة في بعض الأحيان دليل على أن الأمر - إن شاء الله – شبه طبيعي، فقط ينبغي أن تتحرر من هذه القيود الاجتماعية، والنظر إلى الناس؛ لأن المجاملة في مثل هذه الأمور تضر الإنسان، فإذا قلنا لإنسان (لا تبك) في موطن الحزن، فإن هذا الكبت قد يضره مستقبلا، بل قد يتحول إلى حالة أو مرض نفسي – عياذا بالله – ولذلك الإنسان يفرح ويحزن ويضحك ويبكي، لا بد أن يمارس حياته بطريقة طبيعية، والحمد لله ثبت أن كل ذلك له فوائد من الناحية الصحية، وله ثمار، وكان هذا هديا لرسولنا – عليه صلاة الله وسلامه – الذي رفع إليه الصبي ونفسه تقعقع فدمعت عينا النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال عبد الرحمن بن عوف: (وأنت يا رسول الله) فقال: (هذه رحمة جعلها الله في قلوب من شاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء).

وفي القرآن الإنسان يحاول أن يتباكى ويحاول أن يتكلف الخشوع حتى يصبح له سجية، ليس هذا من باب النفاق، لكن يتدرب أن يخشع، وأن يتأثر؛ لأن الذين آمنوا تقشعر جلودهم وتلين قلوبهم وجلودهم لذكر الله، ويتأثروا بمثل هذه المواقف، وينبغي للإنسان كذلك – كما قلنا – أن يرحم والديه عند الكبر، أن يرحم الصغير، أن يرحم من حوله، أن يكون رحيما ليفوز برحمة الرحيم سبحانه وتعالى.

ليس هناك داعي للانزعاج، ولكن ينبغي أن تطلق لمشاعرك العنان، ولا تنظر إلى الناس، ولا تلتفت إلى تعليقاتهم؛ لأن هذا يؤثر فعلا في هذه المسألة، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات