بعد قراءتي في التنمية البشرية أشعرُ بضعفٍ كبيرٍ في شخصيتي!

0 312

السؤال

السلام علىكم ورحمة الله وبركاته

أرجو أن يكون أساتذتي وشيوخنا الكرام القائمين على هذا الموقع بخير حال، أسال الله تعالي أن يعطيكم الصحة والعافية، وأن يجازيكم على هذا الموقع خير الجزاء، وأن يكون شافعا لكم يوم القيامة.

عمري 20 سنة، أدرس في السنة الثانية كلية التجارة، ملتحي، استشارتي -إن سمحتم لي- إلى حد كبير تخص علم النفس والتنمية البشرية، خصوصا أني منذ دخولي الكلية وأنا أقرأ في التنمية البشرية، وعن تكوين الشخصية؛ لأني في الحقيقة كنت أشعر بنقص كبير في شخصيتي من غياب الثقة في النفس والإحراج، وقررت أن أتخلص من هذه الأشياء وبفضل الله تعالجت بعضها، لكني لا زلت أشكو من بعض الأشياء أسال الله أن يوفقكم في مساعدتي.

أولا: كلام الناس لي من المشكلات الكبيرة جدا في حياتي وكلام الأسرة يؤثر كثيرا جدا في سلوكي حتى لو كان سلوكي صحيحا، والناس غير راضين، فرد فعل الناس يسيب لي أثرا كبيرا في نفسي لدرجة أني أصبحت أتمنى أن أرى هذا اليوم، وأنا لا أبالي بكلام الناس، خصوصا أني أعيش في مجتمع مفتوح، الناس كلها تعرف بعضها، وربما تضايقني كثيرا أي كلمة تقال عني، وخصوصا أن والدي دائما يتواجد في الجلسات العرفية، ويتحمل أمانات الناس، وهو من المعروفين في القرية.

وهذا يجعل إخراج أي إشاعة أمرا ممكنا، وهذا يضايقني، وأحيانا أخاف أن نعمل شيئا معينا فيتقول الناس ويشكون بنا، يعني أخاف من الكلام قبل أن يقال، وباختصار وجهة نظر الناس تؤثر بي كثيرا جدا.

ثانيا: أنا غيور جدا، فمثلا أنا أرفض أن والدتي تكشف عند دكتور، ومنذ يومين بالضبط عندما عرفت أن والدتي ولدتني عند دكتور، ووالدتي تقول هذا غلط، وأنا لا أعرف هل فعلي هذا صحيح أم فعل أمي هو الصواب؟

ثالثا: دائما أفترض الأسوأ، والذي لن يحصل، فهل هذا وسواس قهري؟ فمثلا والدي لو ذهب ليلعب كرة مع أناس في سنه، أخاف أن يتخاصم مع شاب من المتفرجين، فأترك مذاكرتي، وأذهب للملعب، وكذلك أي موقف لأمي أخاف أن تتعامل فيه بخطأ، وأخي الصغير لو خرج مع أصحابه أخاف أن يتخاصم مع أحد، فأكون على أعصابي.
أحيانا فعلا أشعر أن عندي وسواس قهري، وأحيانا أندم على عدم فعلي بعض الأشياء، فمثلا: لو واحد يعرفني ومشى من أمام البيت، أرد عليه السلام، وبعد أن يمشي أقول كان المفروض أن أدعوه للبيت.

رابعا: أعاني من الارتباك والتوتر في مواجهة الناس، أو عندما أعرف أن أحدا رآني، وأتعرق كثيرا جدا لدرجة أني اشتهرت بموضوع التعرق هذا.

خامسا: لست سريع البديهة إن صح التعبير، يعني ممكن أتكلم مع أحد في موضوع، فأنسى وأضطرب، وبعد ذهابه أكتشف أني أعرف تفاصيل أكثر عن هذا الموضوع، وأحيانا يتعلق الأمر بالتفريط في حقي، يعني يمكن أتغاضى عن حقي نتيجة أني أعرف أنه حقي أصلا، ثم يحصل لي بعدها الندم.

سادسا: لدي أحلام اليقظة منذ 8 سنين تقريبا، وأنا أحلم يقظة عند الجري وعند سماعي أي شيء، وأحيانا تحصل هذه الأحلام وأحيانا لا تحصل، وأحاول أن أنتهي من أعمالي حتى أنعم بأحلام اليقظة، وهذا يمكن أن يسبب لي حالة من التوهان.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohamad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

النقاط الست التي أوردتها، وما وصفته من سمات وسلوكيات متعلقة بشخصيتك هي قطعا تحمل الطابع القلقي الوسواسي، والقلق والوساوس إذا كانت بدرجة معقولة نعتبرها طاقة نفسية إيجابية تحسن من دافعية الإنسان.

بالنسبة لاطلاعاتك حول التنمية البشرية وعلم النفس: نحن لا ندعو الناس إلى ألا تطلع، على العكس تماما، لكن بالنسبة للأشخاص الذين لديهم استعداد للقلق النفسي الوسواسي كثيرا ما تؤثر عليهم هذه الاطلاعات بصورة سلبية؛ نسبة للتدقق والتمحص المصاحب لشخصياتهم، فتجدهم يريدون أن يطبقوا كل ما يذكر نظريا في علم النفس أو في التنمية البشرية على ذواتهم، وهذا من وجهة نظري مردوده سلبي جدا.

الذي أنصح به أيها الفاضل الكريم في حالتك هو: أنه ليس كل ما تقرأه حول التنمية البشرية صحيح أو دقيق، أو يمكن تطبيقه، هنالك أشياء كثيرة جدا تكتب لا يمكن أن تنزل إلى أرض الواقع.

أيها الفاضل الكريم: أنا أريد الناس دائما أن يرجعوا إلى فطرتهم وإلى سجيتهم السليمة، وأن يطوروا ذواتهم من خلال تنظيم أفكارهم، وتنظيم أوقاتهم، والتطلع الإيجابي، وتحصيل العلم من مصادره السليمة والرصينة، والحرص على أمور الدين والتواصل الاجتماعي، هذه هي الأمور المطلوبة، هذه هي التنمية البشرية.

أما أن نبحث هنا ونقرأ هناك حول كل ما كتب عن التنمية البشرية، لا أراه أمرا جيدا ومفيدا أبدا لبعض الناس، على العكس تماما قد يؤدي إلى سلبيات كثيرة.

أنت سوف تستفيد كثيرا من النماذج الطيبة في الحياة، اجعل صداقاتك ورفقتك وخلتك من الصالحين من الشباب الناجحين المثابرين المنضبطين المتطلعين، ومن المفترض أن تجعل حياتك تنزل إلى هذه المقامات العملية، أنزل بنفسك إلى هذه الأسس العلمية والعملية التطبيقية، وسوف تجد أن نفسك قد ارتقت وتطورت ونمت بصورة إيجابية جدا.

هذه هي الخطوات العملية التي يجب أن تتبعها: أن تبتعد عن الإكثار في الاطلاعات حول ما يسمى بعلوم التنمية البشرية، وأن تلجأ إلى التطبيقات العملية، وأن تنظم وقتك بصورة صحيحة، وأن تكون لك أهداف آنية وأهداف مستقبلية، وتضع الآليات التي توصلك إليها بأمان وسلام -إن شاء الله تعالى-.

أشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات