ما مفهوم الانشغال بالدنيا حال قيامنا بكل العبادات والأمور الأخرى في الدنيا؟

0 388

السؤال

السلام عليكم..

ما معنى الانشغال بالدنيا؟ أرجو توضيح ذلك المفهوم، فنحن نصلي بالدنيا، ونأكل بالدنيا، ونعمل بالدنيا، ونحن موجودون بالدنيا، أرجو أن توضحوا لي، فقد تعبت نفسيتي، ما معنى الانشغال بالدنيا؟ هل هي الأمور التي طرحتها؟

أرجو الرد بسرعة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابننا الفاضل-، ونشكر لك هذا السؤال الرائع، ونؤكد لك أن الدنيا هي مزرعتنا للآخرة، وهي مطيتنا إلى الآخرة، وأن الله تبارك وتعالى سخرها لنا، ولكن سخرها لعبادته، وخلقنا لعبادته، والله تبارك وتعالى سخر لنا ما في السموات وما في الأرض جميعا منه، أما مهمة هذا الإنسان فهي العبادة لله تبارك وتعالى، فالذي تشغله الدنيا هو الذي يشتغل بما أعطاه الله بعطايا، ويسهو وينسى المهمة التي خلق من أجلها، فإن الله قال: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون * إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} فالرزق مضمون ومقسوم من الله، وما علينا إلا أن نفعل الأسباب ثم نتوكل على الكريم الوهاب.

فالذي تشغله الدنيا هو صاحب المتجر الذي لا يذهب للصلاة، لأنه يخشى أن تضيع الأرزاق، هو صاحب العمل الذي يعمل ولا يؤدي العبادة، يقدم الأعمال الدنيوية على الطاعة التي خلق لأجلها، والدنيا مطلوب العمل فيها، فهي مزرعة – كما قلنا – للآخرة، ولكن لابد أن يكون ذلك باتزان ومقدار، وتأخذ حجمها، لأن الله قال: {ولا تنس نصيبك من الدنيا}، لكن لم يقل: تنغمس في الدنيا وتنسى رسالتك وتنسى مهمتك وتنسى الأمر الذي خلقت لأجله، فبعض الناس يصل به حب الدنيا إلى عبادتها، قال صلى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد الخميصة والخميلة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش)، وتوعد النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الأمة إذا تبعت أذناب البقر، ورضيت بالزرع، وتركت الجهاد في سبيل الله، أن ينزل الله عليها ذلا، يسلط عليها ذلا وهوانا، لا يرفعه منها حتى تراجع دينها، حتى تعود إلى الله تبارك وتعالى.

فإذن الانشغال بالدنيا هو أن تأخذ الدنيا في قلوب الناس أكبر من حجمها، هو ألا نستخدمها فيما يرضي الله، فالصحابة الذين جاءتهم الدنيا لم تسكن في قلوبهم، فشلت في الدخول إلى قلوبهم، كانت الدنيا في أيديهم، فقدموها ونالوا بها رضا الله تبارك وتعالى، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (والدنيا حلوة خضرة، والله مستخلفكم فيها)، ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: (فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء).

إذن الانغماس في الدنيا والانشغال للدنيا هو تقديمها على الآخرة، وأن تشغل حياة الإنسان، وأن تنسيه المهمة التي خلق لأجلها، هي أن تعطله عن الصلوات والطاعات والتقرب إلى رب الأرض والسموات.

نسأل الله أن يعيننا وإياك على الخير، وأن يلهمنا وإياك السداد والرشاد، وأن يعيننا على ألا ننسى الآخرة، ولا ننسى نصيبانا من الدنيا، وأن نتذكر المهمة التي خلقنا لأجلها، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، ونشكر لك هذا السؤال الرائع.

مواد ذات صلة

الاستشارات