الشعور بالموت يلاحقني باستمرار، فما الحل للتخلص منه؟

0 682

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي: قبل 11 شهرا، كنت قد رجعت من سهرة مع البنات، جلست أتصفح الجوال ولم أحس بأي شيء من ألم أو ما شابه، وفجأة شعرت بشيء غريب لا أعرف ما هو ولا أستطيع وصفه، طلبت من أختي أن تنادي أمي، وأنا أتكلم شعرت بشيء يخبرني أنني سوف أموت الآن، أحسست بالموت، فركضت إلى أمي وأنا أبكي، أحس بسكرات الموت، أشعر أن عيوني تنقلع، ويدي معكوفة لا أستطيع تحريكها، كانت حركة بطيئة.

ذهبت إلى المستشفى، فأخبروني أنني لا أشتكي من شيء، وأنني بخير، فقلت لهم: إنني أشعر بالموت، جلست حوالي ساعة وأنا بهذا الوضع، حتى بدأت أكلم نفسي، وأقول: هذا أمر عادي، وإنه من الشيطان، وهكذا إلى أن خفت الحالة.

صارت نظرتي للدنيا سلبية، أقول: لماذا ندرس ونحن سوف نموت؟ أرى الناس يستأجرون استراحات لآخر الأسبوع، فأقول: هل هم يضمنون الحياة؟ سافرنا، فعجزت أن أخرج من البيت، أبكي وأنا أشاهد غرفتي وكأنني لن أعود إليها مرة أخرى.

خفت الحالة، وأصبحت أقاومها كلما رجعت، لكن الضيقة ما زالت موجودة، وتغيرت شخصيتي كثيرا، وصار الوسواس يأتيني بأشكال كثيرة، ثم أصبحت أخاف أن يموت أحد من أهلي، إذا خرج أحد منهم من البيت أكون متوترة أنتظره، أخاف أن يصيبه شيء، أصبحت نكدية جدا، وإذا جلست مع الناس من غير أهلي يضيق صدري، أريد فقط أن أبقى مع أهلي، أخاف أن لا أراهم، أحاول أن أغير ذلك لكنني عجزت، فقدت لذة الحياة، أحس أنني شخصيتان، كنت لا أخاف من شيء، والآن أي شيء يخيفني، كنت قليلة البكاء، والآن أبكي لأقل سبب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الجوهرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

الخوف من الموت حالة من حالات المخاوف المرضية، ويعاني منها الكثير من الناس، وقد تسيطر على الشخص بصورة قوية، وتصبح مثل نوبات الهلع التي تظهر أعراضها بالشكل الذي ذكرتيه، فنقول لك -أختي الكريمة-:

أولا: لا بد من التذكير بركن من أركان الإيمان ألا وهو الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره، فما كان مقدرا من الله -تعالى- لا بد أن يحدث، وما لم يكن مقدرا فلا تحدثه توقعاتنا وتصوراتنا، لذلك لا داعي أن نعيش في خوف أو قلق مستمر يمنعنا من العيش بصورة مستقرة في هذه الحياة، ويبعد عنا السعادة والاستمتاع بما هو مباح من النعم، لأن شدة توقع الشيء أحيانا تكون أمر من وقوع الشيء نفسه، فكم من أناس بسبب الخوف من الموت أضاعوا حياتهم ولم يستفيدوا من وجودهم في هذه الحياة، لا لدنياهم ولا لآخرتهم!

ثانيا: -أختي الفاضلة- الحذر الشديد والتشاؤم المستمر قد يكونان من العوامل التي تؤدي إلى نقصان السعادة، فكوني متفائلة، واعملي ما يرضي الله -تعالى-، وتوكلي عليه، فإنه يحب المتوكلين، واعلمي أن الآجال محددة وحتمية، فكم من مريض عاش طولا من الدهر، وكم من صحيح أكفانه تنسج وهو لا يدري، والمؤمن لا بد أن يتذكر الموت ويعلم أن هذه الحياة فانية، لكي يكثر من الصالحات، ويتجنب المنكرات، والإنسان خلق ليعبد الله في هذه الدنيا وليعمر هذه الأرض، فإذا توقعنا وتصورنا المرض والموت -بالصورة المرضية كما تتصورينه أنت-، لتوقفت كل النشاطات التي نمارسها في الحياة، فلا تعليم ولا عمل ولا زواج ولا إنجاب، فقط نكون في انتظار المرض والموت، والمؤمن ينبغي عليه أن يسخر كل عاداته ونشاطاته وممارساته الحياتية في خدمة الدين، فتصبح العادة عبادة.

ثالثا: من الناحية النفسية لا تركزي على هذه الوساوس، وتشغلي بها بالك أكثر من اللازم، حتى لا تصل إلى درجة توهم المرض أو الوسوسة المرضية؛ لأن تلك في حد ذاتها أمراض، بل تغافلي وأشغلي نفسك بما هو مفيد لحياتك، وضعي لك أهدافا واضحة في حياتك، وابحثي عن وسائل لتحقيقها، فأنت ما زلت في مقتبل العمر، وأمامك مستقبل زاهر -إن شاء الله-، فلا تحطمي نفسك بالأفكار السلبية، وانظري إلى أصحاب الأمراض المزمنة وأصحاب الإعاقات كيف استطاعوا التعايش مع حالاتهم، ولم يثنيهم المرض عن التخطيط للمستقبل، والعمل لإنجاز أهدافهم وتحقيق طموحاتهم، بل منهم من صار من المبدعين والمخترعين.

فنريدك أن تتحدي وتتفاءلي ولا تستسلمي وقاومي حتى النصر بعون الله وتوفيقه، واعتبري أن الذي تمرين به الآن هو امتحان لك في حياتك، ولا بد من اجتيازه ليزيدك النجاح قوة ومنعة، تستطيعين بها مجابهة المشاكل والمحن في المستقبل، فالإنسان خلق في كبد، والمؤمن مصاب وأمره كله خير -إن شاء الله-، وعليك بالدعاء فإنه يصارع البلاء، واحمدي الله على نعمة الصحة والعافية.

متعك الله بالصحة والعافية.

مواد ذات صلة

الاستشارات