كيف أتخلص من حالة قلق المخاوف الوسواسي؟

0 322

السؤال

أولا: أود أن أشكركم جزيل الشكر على كل ما تقدمونه من خدمات لصالح المسلمين, أسال الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم, ويجزيكم عنا خير الجزاء.

أما بعد: عمري 26 عاما, أعاني من حالة نفسية منذ سنتين بالضبط, حيث بدأت في فترة كنت أتعرض فيها لضغوط نفسية شديدة لأسباب عاطفية, ومادية, ومهنية, وفي لحظة ما شعرت بفزع شديد جدا, وكدت أنهار, أو أفقد عقلي, وبعد أن هدأت قليلا بدأت تنتابني ضغوط نفسية, ووساوس, وقلق شديد, وكنت شديد الخوف من السفر, أو من أي شيء يجعلني مقيدا في مكان ما, مثل الذهاب للحلاق, أو حتى المسجد.

كما أن التواصل مع الآخرين أصبح قليلا جدا, وقد حاولت العلاج بالرقية؛ ولحد الآن لست متأكدا إن كانت الحالة التي أعاني منها سحرا, أو عينا, أو اكتئابا, ورغم كل هذا إلا أنه في أغلب الأحيان كانت لدي الإرادة للخروج من هذه الحالة, والعودة للحياة الطبيعية.

بذلت كل ما بوسعي, ونجحت في الخروج من الانطواء, وأنا أتواصل مع الآخرين الآن بشكل عادي, وأمارس الرياضات الجماعية, ولكن يبقى لدي هذا الرهاب من السفر, وركوب السيارة, والذهاب إلى المسجد مبكرا, حيث إني أخرج مع وقت الصلاة مباشرة.

كما أني أجد صعوبة ومللا في قضاء أموري الشخصية, ولم أستطع التقدم للعمل الذي يناسب إمكاناتي, رغم الفرص الكثيرة الموجودة, وذلك بسبب الخوف الذي يرتابني.

أنا الآن أعمل في مكان أقل من المستوى الذي أستحقه, حيث إن هذا العمل لا يتطلب الحضور الإجباري, ولكن قد ساعدني على الخروج من الانطواء, والقضاء على الفراغ بدل الانترنت والتلفاز, لم أذهب إلى الطبيب النفسي؛ لأني متخوف من الفكرة بسبب النظرة السلبية للمجتمع.

أريد الخروج من هذا النفق المظلم, والعودة للحياة الطبيعية, وقد حاولت جاهدا أن ألخص كل ما حدث لي في هذه الفترة الطويلة, وإن كان هناك أي استفسارات فسأكون سعيدا جدا بالإجابة عنها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حالتك هذه وما تحمله من أعراض وما مر بك من ظروف نفسية تسمى هذه الحالة بقلق المخاوف الوسواسي، هنالك قلق، هنالك مخاوف، هنالك وساوس، وكل هذا قطعا يؤدي إلى انخفاض كبير جدا في المزاج المعنوي، ويؤدي إلى عسر كبير في المزاج، وهذا هو الذي حدث لك أيها الأخ الفاضل.

من المهم جدا أن تتجاهل هذه الأعراض بقدر المستطاع، أعرف أنها ملحة ومسيطرة، لكن تحقيرها والاستخفاف، وعدم الاهتمام بها، هو من متطلبات العلاج السلوكي الضروري جدا.

أنت الحمد لله تعالى شاب, ولديك طاقات نفسية وجسدية (وقطعا) اجتماعية, يجب أن تستفيد منها, وذلك من خلال الإكثار من التواصل الاجتماعي, وحسن إدارة الوقت، وممارسة الرياضة، وأريدك أن تكون حريصا على عملك، أيها الفاضل الكريم: هذا فيه تأهيل اجتماعي، ومهني ووظائفي كبير جدا.

صلاة الجماعة في المسجد –أخي الكريم– تحسن الروابط الداخلية لدى الإنسان مع ذاته، وتعطيه القوة والدافعية للتمازج والتفاعل مع الآخرين دون خوف أو رهبة، وذلك قطعا بجانب اكتساب الأجر العظيم بإذن الله تعالى.

أخي الكريم: قطعا الاستفادة القصوى سوف تكون من خلال ذهابك إلى الطبيب النفسي، لا تلتفت إلى النظرة السلبية للمجتمع، وأنا أؤكد لك أن هذه النظرة الآن أصبحت متغيرة في كثير من الدول، يأتينا الناس بأعداد كبيرة جدا، العيادات مزدحمة –الحمد لله– الناس أصبحت تتفهم الطب النفسي بصورة جيدة، والطب النفسي نفسه أصبح يقدم الكثير من الفوائد، أصبحت هنالك أدوية فعالة، هنالك وسائل علاجية ممتازة وصحيحة ومقننة، وتقوم على أسس علمية.

فيا أخي الكريم: أرجو الذهاب إلى الطبيب، وتحتاج لبعض الدعم المعنوي على نفس النمط الذي ذكرته لك، وفي نفس الوقت أنت محتاج لأحد الأدوية المضادة للقلق المخاوف الوسواسي، ومن أفضلها عقار يعرف باسم (سبرالكس) ويسمى علميا (إستالوبرام) هذا الدواء مفيد ومفيد جدا، وإن شاء الله تعالى سوف تجد فيه خيرا كثيرا، علما بأنه لا يسبب الإدمان، وهذا أيضا ميزة كبيرة جدا، له آثار جانبية بسيطة مثل بقية الأدوية، لكن في نهاية المطاف هو من الأدوية الممتازة.

هنالك أدوية أخرى كثيرة إذا رأى الطبيب أن يعطيك أحدها فلا بأس في ذلك، المهم هو أن تمازج ما بين العلاج الدوائي والعلاج النفسي على الأسس التي ذكرتها لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات