أحببت فتاة عبر النت ووعدتها بالزواج بعد التخرج، فما توجيهكم؟

0 314

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكم، وجزاكم خيرا على جهودكم الممتازة.

أنا عمري 19 سنة، هذه السنة تخرجت من الثانوية، -وبإذن الله- سأبدأ السنة المقبلة الدراسة الجامعية، قبل سنة وشهرين تقريبا تعرفت على بنت في النت وتراسلنا، كانت علاقتنا ببعض كصديقين فقط، لم يكن بيننا أي مبادلة، ولا حب، ولا أي شيء، كانت بيننا مجرد تساؤلات، حتى تعرف كل منا على الآخر، وعلمت أنها من عائلة طيبة لا بأس بها، وأنها متدينة كذلك -ولله الحمد-.

تعلق قلبي بها، كنا نتكلم معا كل يوم ساعتين وأكثر، وذلك عبر الرسائل فقط، طلبت منها صورة، وقلت أريد أن أراك، لم تعطني صورة من البداية، وأنا أيضا ما أحرجتها، وبعد ذلك أعطتني بعد طلب مني، وبعد ما يقارب 4 إلى 5 أشهر كنا نتراسل، وكنت أريد أن أقول لها: لا تتزوجي، أنا أريدك، وانتظريني، أعدك حتى إذا كملت الدراسة سأتزوجك، لكن لم أستطع، كنت أستحي، وأخاف أن ترفض؛ لأنها كانت -والله- لديها أخلاق عالية جدا.

في يوم من الأيام وبعد فترة، صارحتها وقلت لها: هل أستطيع أن أكون زوجك في المستقبل؟ هل أنت راضية بي؟ وبعد كلام طويل علمت أنها أيضا تحبني، واتفقنا، وإلى الآن لنا تقريبا 9 أشهر ونحن نتكلم معا، وتعلق قلب كل واحد بالآخر، وكل منا يعرف كل شيء عن الآخر، تكلمنا في كل شيء، لا تفعل شيئا إلا بإذني، ولا أفعل أي شيء إلا باستشارتي لها.

أنا أحبها كثيرا -والله إننا نقصد الزواج-، وهي كذلك تحبني كثيرا، وأنا عندي ثقة بها، وليس عندي شك في حبها لي، إنها تحبني بصدق، وكلانا نقصد الزواج، لكن ليس الآن؛ لأني -كما قلت- أمامي دراسة، وهي أيضا في عمري وتدرس، وتحب الدراسة، واتفقنا بأن الزواج سيحصل بيننا إذا كملت الدراسة، وقالت: سأنتظر، ولن أتزوج غيرك، وأنا أيضا لا أستطيع الزواج إلا بها -والله-، ندعو كلانا -كل يوم وفي كل وقت- أن يسهل الله أمرنا، ونتزوج ونعيش حياة طيبة معا.

هي في محافظة أخرى قريبة من محافظتنا، والطريق يأخذ حوالي ساعة فقط، والدراسة الجامعية لي ستكون خارج بلدي -بإذن الله-؛ لأني كنت متفوقا في الثانوية -والحمد لله-، إلى حد الآن لم نلتق معا، فقط رأيتها في الصور، وهي أيضا كذلك، وفي كل أسبوع ترسل لي وأرسل لها صورة جديدة تقريبا، أنا -في كل الأحوال- راض بها، وأحب أن تكون زوجة لي، وهي كذلك متفقة معي.

سؤالي: ما هي نصيحتكم لنا؟ وتعلمون أن زواجنا سيحصل بعد حوالي أربع سنوات -بإذن الله-، مع العلم أننا في كل يوم نتكلم معا عبر الرسائل فقط، تكلمنا عن التواصل بالهاتف، واتفقنا بأن نتكلم عبر الهاتف بعد المهر -إن شاء الله-، وليس الآن؛ لأنه حرام، نعلم -والله- أن التواصل حتى بالرسائل حرام، لكن تركها صعب جدا، وهو -والله أعلم- أهون من الهاتف، انصحونا ماذا نفعل؟ ومشكلتنا أيضا هي أنني إذا كنت أستطيع، وحان وقت الزواج، كيف أخبر أهلها؟ وكيف تخبرهم هي أيضا؟ لأن التعارف عبر النت عند مجتمعنا مذموم، وإذا سألوا: كيف تعرفتم على بعض؟ كيف حصل كل هذا؟! ماذا نقول لأهلنا؟ ما هو الحل؟

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

بخصوص ما ورد في رسالتك -ابني الكريم الفاضل- أمر -مع الأسف الشديد- يحدث كثيرا في هذه المرحلة السنية التي تمر بها؛ لأنك خرجت من مرحلة الطفولة المتأخرة إلى مرحلة الرجولة، ومرحلة الرجولة تفتح أمامك تحديات كبيرة لم تكن موجودة من قبل، ومنها على سبيل المثال: الرغبة في الارتباط بالطرف الآخر، والشعور بالسعادة معه، والرغبة أيضا في أن يكون للإنسان قلب طيب حنون عطوف يشعر معه بالأمن والأمان.

هذه مرحلة سنية -ولدي- تمر بها أنت وهذه الفتاة في هذه الفترة، وهذا الذي ذكرته في رسالتك شيء يتناسب مع مرحلتك السنية، إلا أن المشكلة في الجانب الشرعي، فالجانب الشرعي: أنت رجل مسلم تحب الله ورسوله، وهي أخت ملتزمة، وعلى قدر عال جدا من الالتزام –كما ذكرت–، وهي من أسرة طيبة، ولكن هذا الذي تفعله مما لا شك فيه أنها تفعله من وراء أسرتها، فهذه خيانة لله ولرسوله، وخيانة لوالديها، كذلك أنت نفس الشيء أيضا، هذه خيانة لله ولرسوله وخيانة لوالديك، وخيانة لأقاربك؛ لأنك لا ترضى أبدا –ولدي عبد الرحمن– أن يكون لأختك علاقة من أي نوع في هذه الفترة، وأنا أتمنى أن تحكم عقلك بكل تجرد، هل ترضى أن يكون لأختك علاقة مثل هذه العلاقة، وأن ترسل صورها لشاب أجنبي بعيد عنها ويتكلم معها في هذه المسائل؟! أنا واثق أنك ستقول: مستحيل أن أرضى.

ثانيا: هناك أمر مهم جدا، بعد أربع سنوات، الله أعلم هل ستظل تحبها أم لا؟ وهل ستكون الظروف مواتية أم لا؟ وفرضا أن أهلها رفضوك ولم يقبلوك زوجا لابنتهم ماذا ستصنع؟

لذا أرى -ولدي- أن تكون واقعيا، وأن تركز هدفك كله على أن تكون متميزا في دراستك، كما أكرمك الله بالتميز في المرحلة الثانوية، أتمنى أن يكون هذا التميز عندك أيضا في مرحلة الجامعة، بدلا من أن تتخرج من الكلية وأنت خريج عادي، لماذا لا تخطط لكي تكون أستاذا في الجامعة، ولكي تكون عالما من كبار علماء المسلمين ينفع الله بك البلاد والعباد، خطط –يا ولدي– لهذه الأشياء الجميلة الرائعة.

أما هذه الفتاة والذي يحدث بينكما كما ذكرت هو حرام، وأنت تعرف ذلك وهي تعرف ذلك، ولذلك اتفقتما على عدم الكلام في الهاتف، إلا أنكما تتواصلان بالرسائل، والرسائل ليست بعيدة عن التواصل بالهاتف، لذا أنصحك –بارك الله فيك– أن تأخذ أنت وهي قرارا بالتوقف نهائيا عن أي اتصال، أو أي علاقة بينكما حياء من الله وابتغاء مرضاة الله، واعلم أن من تعجل شيئا قبل أوانه عاقبه الله بحرمانه، واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.

أتمنى أن تفكر في هذه العبارات: (من تعجل شيئا قبل أوانه عاقبه الله بحرمانه، واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، ومن عف نفسه عن شيء حرام ناله في الحلال)، فإذا عليك –بارك الله فيك– أن تتوقف الآن عن التواصل معها، وأن تتفق معها ولا مانع من ذلك، اتفق معها على عدم التواصل والكلام، وأن تظل أنت وهي على هذا العهد وهذا الوعد حتى يتيسر أمركما -بإذن الله تعالى- في المستقبل.

اشتراطك عليها ألا تتزوج غيرك هذا شرط غير صحيح؛ لأن أهلها قد يجبرونها على أن تتزوج غيرك، ولذلك قل لها: نحن نترك الأمر لله -سبحانه وتعالى-، وإن قدر الله -تبارك وتعالى- لنا أن نكون أزواجا فسوف نكون؛ لأنه ينبغي أن تعلم –ولدي عبد الرحمن– أنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراده الله، وأن كل شيء بقضاء وقدر، وأن كل شيء مقسوم، وأن الله قسم الأرزاق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، فثق وتأكد أن الله لو قدرها لك وجعلها من نصيبك فسيصرف عنها أنظار كل الرجال، فلا ينظر إليها أحد ولا يهتم بها أحد؛ لأن الله خصصها لتكون زوجة لك، وإذا قدر الله أن تكون زوجة لغيرك فمهما حاولت لا يمكن أن تصل إليها؛ لأنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله.

أرى أن تتوقفا نهائيا أنت وهي ما دمتما تحبان الله ورسوله، وما دمتما حريصين على طاعة الله، فتوقفا حياء من الله وابتغاء مرضاة الله حتى لا يعاقبكما الله بالحرمان، قال تعالى: {...ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب...}، فقل لها: نترك الأمر لله -سبحانه وتعالى-، ومن الممكن أن يكون بيننا شيء أو اتفاق على أن نكون لبعض في المستقبل، إذا لم يقدر الله -تعالى- لنا أن نتفرق.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات