أنا مصاب بالرهاب الاجتماعي منذ الطفولة، أرجوكم ساعدوني

0 385

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية أود أن أشكركم حقيقة على ما تفعلونه للإسلام والمسلمين، سائلا المولى عز وجل أن يجعله في موازين حسناتكم، وأن يجعلكم مباركين أينما كنتم.

أنا شاب أبلغ من العمر 25عاما، وبعد الاطلاع والقراءة في الإنترنت وجدت أني مصاب بالرهاب الاجتماعي, فحينما أستذكر طفولتي وبعض تفاصيلها، أستنتج أن الرهاب الاجتماعي كان حاضرا معي منذ الطفولة، حيث إني كنت لا أحب الوقوف أمام الطلاب والإلقاء، وأتضايق جدا متى طلب مني ذلك.

كنت -أيضا- لا أحب المشاركة مع المدرس؛ خوفا من الوقوع في أمر محرج والخطأ، أو أن أكون مصدر الانتباه, ولكن بعد مرور الزمن، وبعدما كبرت والتحقت بالجامعة بدأت أحس بأنه لدي بالفعل مشكلة، حيث إني حينما كنت طالبا جامعيا كنت أتخوف من مسألة الوقوف والإلقاء أمام الطلاب، أو المحاورة أمام قاعة مليئة بالطلاب، وكنت أتعمد الغياب متى ما طلب مني إلقاء درس أو موضوع أمام الطلاب.

تطورت مشكلتي مع الرهاب، حيث إني بدأت من باب التخوف أبتعد عن أي شيء قد يسبب لي خوفا أو إحراجا مثل: الذهاب إلى المناسبات، أو التحدث مع الأصدقاء، أو الأكل أمام الناس، أو الذهاب إلى الأماكن المزدحمة، بدأت بعدها أحس أن هذه التخوفات بدأت تشكل عائقا أمام تحقيق أحلامي.

ومن هنا بدأت رحلتي في القراءة عن المشكلة، وكيفية علاجها، وكوني مجيدا للغة الإنجليزية بدأت أقرأ مقالات واستشارات لأطباء، وانغمست فيها، وبدأت تدريجيا علاجها عن طريق تعريض نفسي كالذهاب إلى المناسبات، والمحافظة على صلاة الجماعة في المسجد، والتحدث مع الأصدقاء, وبفضل من الله تخلصت من أكثرها، ولكن لا تزال هناك تخوفات بسيطة تحصل لي -كوني تعينت -ولله الحمد- معلما- مثل: الخوف من الشرح أمام الطلاب، أو أن شرحي غير مفهوم، وأني غير كفؤ للتدريس، ومثل التخوف من إكمال دراساتي العليا؛ خوفا من المناقشات المطولة، وغير ذلك بالرغم إني -وبفضل من الله- تخرجت بامتياز حاصلا على مرتبة الشرف الثانية.

فـأرجو من الله أولا، ومن ثم منكم أن تساعدوني في حل هذه المشكلة التي سببت لي مشاكل في حياتي، ولكم مني الدعاء, وأرجو -أيضا- ألا يكون علاجها هو الذهاب للطبيب النفسي؛ فحالتي الاجتماعية معقدة، ولا تسمح بذلك.

أخيرا أسأل المولى عز وجل أن يبارك فيكم، ويجعلكم ممن قال الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- عنهم: (من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة).

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Fahad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أيها الفاضل الكريم- في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية، ونشكرك على كلماتك الطيبة، ونسأل الله تعالى أن يفرج كرب المسلمين جميعا.

أيها الفاضل الكريم: كما سردت في رسالتك يظهر أنك كنت محاطا بشيء من المخاوف، والمخاوف في فترة الطفولة المبكرة قد تكون أمرا عاديا، لكن إذا استمرت حتى الطفولة المتأخرة هنا ربما تأخذ صيغة مرضية، وفي الوقت الراهن أرى أن لديك بعض مؤشرات الرهاب الاجتماعي، لكن لا أراه متأصلا أو مطبقا أو قويا، وأعتقد بشيء من التدابير البسيطة والمعقولة جدا تستطيع أن تتخلص منه، خاصة أنك إنسان متميز وأكملت دراستك، والآن لك آمال مستقبلية حول المزيد من التميز الأكاديمي، والحصول على درجات عليا، حياتك -الحمد لله- طيبة ومستقرة، ويجب أن تفكر على هذا النمط؛ لأن التفكير السلبي حول الذات ومقدراتها وعدم تقدير إمكاناتها، هذا في حد ذاته يمثل علة كبيرة معيقة جدا للإنسان من الناحية النفسية والاجتماعية.

أعتقد أنك إذا تجاهلت المخاوف بتحقيرها وعدم الاهتمام بها، وتصحيح المفاهيم حول الخوف، وأهم شيء تصححه هو أنك لست مراقبا من قبل الآخرين، أنك لست أقل منهم في شيء، وما يأتيك من مشاعر وخوف ورهبة هي تجربة خاصة بك أنت لا يطلع عليها أحد، فلذا يجب أن تقتحم، يجب أن تتفاعل، وهنالك أنواع من التفاعلات الاجتماعية التي وجدناها مفيدة جدا إذا حرص عليها الإنسان.

أهم تفاعل اجتماعي وإن كان له قيمة أعلى من ذلك هو الصلاة مع الجماعة في المسجد، والحرص على الصفوف الأولى؛ تبعث في الإنسان طمأنينة كبيرة جدا وشعورا بالرضا، والشعور بالرضا أفضل من السعادة؛ لأن السعادة وقتية، لكن الرضا هو الأفضل والأدوم والأحسن {ولسوف يعطيك ربك فترضى}.

عليك أيضا أن تمارس الرياضة الجماعية، أن تكثر من زيارة المرضى، الانخراط في عمل اجتماعي، زيارة الأصدقاء، الخروج معهم، هذه -أيها الفاضل الكريم- كلها تجعلك تتدرب تلقائيا وداخليا على كيفية تجاوز مخاوفك.

النقطة الأخرى هي العلاج الدوائي، أنا أعتقد أنه لا بأس من تناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، وهنالك عقار يعرف باسم (برستيج Prestige.)، واسمه العلمي (ديفلافاكسين desfenlafaxine) يمكن أن تتناوله بجرعة حبة واحدة، وقوة الحبة هي خمسون مليجراما، استمر عليه لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، وتوجد أدوية بديلة أخرى مثل (الزيروكسات)، (الزولفت)، لكن البرستيك نفسه أيضا من الأدوية الجيدة.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات