أعاني من الخوف والرهبة عند المواجهة ونظرة الناس الغريبة لي، ماذا أعمل؟ وما العلاج؟

0 323

السؤال

السلام عليكم..

في البداية أقول لكم: إنني أشعر بالخوف والرهبة عند مواجهة المجتمع، والمواقف الاجتماعية، ومن المناسبات الاجتماعية، وأحسب لها ألف حساب عند دعوتي لمناسبة معينة، وأحس من قبل سنة من الآن أن من حولي أصبحوا ينظرون إلي نظرة غريبة على أنني غريب الأطوار، وغير اجتماعي، بينما أنا في داخلي عكس ذلك تماما، أي أني أحب الاختلاط والعلاقات الاجتماعية، واللقاءات، ولكن المشكلة أني لا أستطيع التعبير عن ما بداخلي من مشاعر تجاه الآخرين.

أحس بأن هناك جبلا جاثما على صدري، ولا أستطيع التعبير عن شعوري، وكلما حاولت أن أبادر لفتح موضوع معين مع زميل، سواء كان ذلك في الدراسة سابقا أم في العمل الآن؛ حيث انعدمت عندي روح المبادرة، وأنتظر من الآخرين أن يبادروني بعمل معين، أو فتح حديث مثلا، وهذه الأمور لم تحدث لي الآن، بل منذ أن كنت صغيرا في المرحلة الابتدائية، يقول لي أهلي: إني كنت خجولا جدا، ولكن تبعات هذا الخجل والخوف الاجتماعي، وآثاره السيئة بدأت أحس بها بعد دخولي الحياة الاجتماعية، ودخولي الحياة المهنية وتوظفت.

الخلاصة: أشعر الآن أن المحيطين بي سواء في العمل أو حتى المعارف أحس أنهم بدؤوا ينفرون مني على أنني معقد ومثير للشكوك بسبب تصرفاتي اللاإرادية، وحتى في بعض الأحيان هناك من يستغل وضعي بلفظ كلمات جارحة أو حتى الاستهزاء؛ لأنهم يعلمون أنني لا أستطيع الرد عليهم، فماذا أعمل؟ وكيف أرجع ثقة الناس بي والعلاقات التي خسرتها؟ هل يوجد علاج دوائي لمواجهة المواقف على أقل تقدير؟ وهل يوجد علاج دائم لحل مشكلة الرهاب؟

شكرا لكم وآسف على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأنت لديك درجة بسيطة من الرهاب الاجتماعي الظرفي، لكن مشكلتك الأساسية هي شكوكك حول مقاصد الآخرين نحوك، وبدأت تلجأ لسوء التأويل بعض الشيء، وهذا لا أريدك أن تستمر عليه، لا بد أن تحسن الظن بالناس، لا تكن حساسا حول التعامل معهم، وأنا أؤكد لك أن ما يأتيك من شعور داخلي من خوف ووجل عند المواجهات الاجتماعية هو شعور خاص بك أنت، وغير مكشوف للآخرين، لا أحد يعرف مستوى نبضات قلبك أو رعشتك، أو تلعثمك، لأن هذه الأعراض أصلا ليست ظاهرة، إنما يهيأ لك، وتتحسسها بصورة مبالغ فيها، فهذا -يا أخي الكريم- مهم جدا، وهذا نسميه بتصحيح المفاهيم.

الخطوة العلاجية الثانية: تلجأ للتعريض وتتجنب التجنب، وهذا أقصد به أن تعرض نفسك للجماعات والمجموعات، واجعل هذا التعرض في الخيال، تصور أنك في وسط احتفال (عرس) أو أي مناسبة، وأنك تستقبل الضيوف وشيء من هذا القبيل أو تصور أنك في المسجد وطلب منك أن تصلي بالناس. هذه يا أخي كلها مواقف قد تحدث في الحياة، فالإنسان لا بد أن يعد نفسه ويتهيأ لهذه المواقف.

ثم ادخل في التطبيق العملي، وأفضل سبل للتطبع الاجتماعي وللتخلص من الرهاب الاجتماعي هو الصلاة مع الجماعة في المسجد وفي الصف الأول، هذه وجدناها مفيدة جدا للأخوة الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي، ولك -إن شاء الله تعالى- أجر عظيم في ذلك.

نشاط آخر هو: ممارسة رياضة جماعية مع بعض أصدقائك من أبناء الحي أو في مكان العمل، إذا لعبتم مثلا كرة القدم مرتين في الأسبوع لمدة ساعة أو ساعتين، هذا أيضا نوع من التمازج الممتاز جدا الذي يقهر المخاوف الاجتماعية.

احرص على زيارة المرضى في المستشفيات، هذا أيضا وجدناه مفيدا جدا لعلاج الرهاب الاجتماعي. صل رحمك، جيرانك، إخوتك، انخرط في أي عمل اجتماعي تساعد وتساند فيه الآخرين.

هذه كلها دفعات نفسية إيجابية عظيمة، وفي ذات الوقت هي أنشطة فيها الكثير من الخير.

وأريدك –أيها الفاضل– أيضا أن تكثر من اطلاعاتك، قراءاتك، كن ماهرا في اكتساب المعلومات، هذا يجعلك مفوها ومقتدرا على الحوار والنقاش وأخذ المبادرات الكلامية.

النقطة الأخيرة هي: أن تتناول أحد الأدوية المعروف أنها فعالة في علاج الخوف الاجتماعي، الدواء يعرف تجاريا باسم (زولفت) ويسمى علميا باسم (سيرترالين) ويسمى تجاريا أيضا (لسترال)، ابدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلا – قوة الحبة خمسون مليجراما – استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين ليلا، استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها حبة ليلا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

وأريدك أن تدعم الزولفت بدواء آخر بسيط جدا يعرف باسم (إندرال)، هذا الدواء يتحكم في الأعراض الفسيولوجية المصاحبة للخوف الاجتماعي، لكن الإندرال لا يسمح باستعماله بالنسبة للذين يعانون من الربو، جرعة الإندرال هي عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام صباحا لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات