عندما أتذكر صفة لله يأتي على ذهني التشبيه، ما المخرج؟

0 232

السؤال

السلام عليكم.

عياذا بالله، لا أعلم ما السبب الذي يجعلني عندما أقول: يد الله كأني اتخيل يدا، وكذلك في صفة الأصابع، تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا، وفي مسألة العلو، فالله (ليس كمثله شيء) علوه ليس كعلو مخلوقاته، عز وجل، فعندما أقول: سبحان ربي الأعلى عياذا بالله أتخيل أمر كهذا، وكذلك عندما أقول: الله أكبر.
هل هذا دليل على فساد العقيدة؟ وما الوسيلة الصحيحة في دراسة العقيدة إن لم يتوفر أمامي شيخ أدرسها على يديه بإذن الله.

عندما أتجه للكعبة في الصلاة فأنا أشعر -عياذا بالله- أني أصلي للكعبة، أليس نحن نستشعر أن الصلاة تكون للأعلى لله، ولكن باتجاه الكعبة المكرمة، فهل هذه الأسئلة تدل على فساد العبادة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

بخصوص ما ورد برسالتك -ابني الكريم الفاضل- فإنه مما لا شك فيه أن الله تبارك وتعالى منزه عن مشابهة خلقه، كما قال سبحانه وتعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع العليم} وقال: {ولم يكن له كفوا أحد} فالله تبارك وتعالى جل جلاله منزه في ذاته وصفاته وأفعاله على أن يشبه أحدا من خلقه، سواء كان ذلك من عالم الإنس أو عالم الجن أو عالم الملائكة أو غير ذلك، فكل ما خطر ببالك فمولاك جل جلاله على خلاف ذلك.

لذلك عندما سأل رجل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الاستواء فقال: كيف استوى؟ قال له: (قل لي من أي شيء هو أقول لك كيف استوى)؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو سيد العالم، وهو المخلوق الوحيد الذي وصل إلى درجة من الرفعة والسمو والمكانة – لم يصل إليها حتى جبريل عليه السلام – عندما سئل: هل رأيت ربك؟ قال: (نور أنى أراه).

من هنا فإني أقول لك: إن هذه الأفكار التي عندك هي أفكار كلها من الشيطان، وهي -بإذن الله تعالى- لا تؤثر في صحة العقيدة، بمعنى أنه ليس معناها أنك فاسد العقيدة والعياذ بالله تعالى، وإنما هي نوع من الحرب القذرة التي يشنها الشيطان على قلبك، لأن الشيطان يريد أن يفسد علاقتك مع الله تعالى، فيجعلك تقع في هذه الشبهات، لأن الشيطان – كما تعلم – يستعمل وسيلتين لإفساد المسلم: حرب تسمى بحرب الشهوات، وحرب تسمى بحرب الشبهات.

هذه الأفكار التي ذكرتها تدل على أنك في حرب الشبهات، الشيطان يشن عليك هذه الحرب ليفسد علاقتك مع الله تعالى، وأنت - ولله الحمد والمنة – كلامك كلام موزون وكلام عاقل، وأنت لا تقره، وإنما أنت تريد أن تتخلص من هذه الأفكار السلبية حتى تكون موحدا خالص التوحيد لله رب العالمين، وهذا في حد ذاته يعتبر إنجازا من فضل الله تعالى ورحمته، وأنك على الخير.

أقول: عليك بارك الله فيك، دائما كلما تأتيك هذه الأفكار أن تقرأ قوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} تكرر هذه الآية كأنك تصفع الشيطان بالنعل على وجهه، لأنك تنزه الله تبارك وتعالى التنزيه اللائق به، وتثبت لله تبارك وتعالى ما أثبته لنفسه، وتنفي عنه ما نفاه عن نفسه.

إذا كانت لديك فرصة من الممكن أن تقرأ كتابا ككتاب (لمعة الاعتقاد) للإمام المقدسي، وهو يتكلم فقط عن الأسماء والصفات، تعمق لديك هذه المفاهم. أو كتاب (معارج القبول في شرح سلم الوصول) فهو أيضا من الكتب التي تتكلم عن الأسماء والصفات بنوع من التوسع.

عموما هذه الأفكار كلها لا تلقي لها بالا، ولا تشغل بالك بها، وكلما جاء الشيطان ليوقعك في التشبيه أو التمثيل استعذ بالله عز وجل وقل: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم) كثيرا، واقرأ سورة الإخلاص، ( قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد *) واتفل على يسارك ثلاث مرات، وقل: {ليس كمثله شيء}، {ليس كمثله شيء}، {ليس كمثله شيء}، وبإذن الله تعالى سوف تتخلص من هذا في القريب العاجل.

عليك أيضا بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يعافيك الله تعالى من هذه الوساوس وتلك الأفكار، لأنها كلها أفكار شيطانية لا تمت إلى دينك وعقيدتك بصلة، وإنما كما ذكرت هي شبه يقذفها الشيطان في قلبك حتى يصرفك عن طاعة ربك ومولاك؛ لأن الشيطان يحقد عليك بأنك شاب مستقيم فيريد أن يفسد عليك هذه الاستقامة، فأنت تصفعه على وجهه بهذا الكلام الذي أشرت إليك، {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} وقل: (آمنت بالله) ثم انته، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، واتفل على يسارك ثلاث مرات، كلما جاءتك هذه الأفكار استعذ بالله، وعليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن الله يصرف عنك هذه الوساوس وتلك الأفكار الشيطانية.

كما ذكرت إذا كان لديك وقت من الممكن أن تقرأ الكتب التي أشرت إليها، فإنها فيها بيان وتفصيل لحقيقة الأسماء والصفات، لعل الله أن ينفعك بذلك، وأسأل الله يصرف عنك كيد الشيطان، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات