حاولت الانتحار لأنني كرهت الحياة ويئست منها، فما المخرج؟

0 411

السؤال

السلام عليكم
فضيلة الشيخ: موافي عزاب:

لقد يئست كثيرا من حال الحياة، وأفكر جدا بالانتحار، وقد فعلتها لكن تم إنقاذي، أكره الحياة جدا، فكيف أتفاءل وأكون إنسانا رائعا وناجحا ومحبوبا، وأحب الحياة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو ياسر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

رسالتك موجهة لشيخنا الفاضل موافي عزب، وقطعا سوف يفيدك، وارتأى الأخوة في إسلام ويب أن أوجه لك أيضا بعض الإرشاد الذي يقوم على أسس علمية، وذلك من المنظور النفسي.

أيها الفاضل الكريم: قال تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}، وقال تعالى: {لا تقنطوا من رحمة الله} ،وقال تعالى: {ولا تيأسوا من روح الله}، وقال تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة} فالحياة فيها ما هو مر وفيها ابتلاءات، والابتلاءات ومرارة الحياة هي الدوافع التي تجعلنا إيجابيين ومثابرين، هذه حقيقة أيها الفاضل الكريم، وكل ما يواجهك من صعوبات يجب ألا يقودك لأن تكره الحياة، إنما يقودك أن تقبل التحديات، وهكذا أيها الفاضل الكريم.

ضع في خاطرك وفي وجدانك وخلدك فكرة واحدة، وهي أنه يجب أن تكون نافعا لنفسك ولغيرك، هذا يجعلك إنسانا رائعا، إنسانا نجاحا، إنسانا محبوبا، وكل إنسان له ظروفه التي من خلالها يستطيع أن ينفع الناس وينفع نفسه، وأنا أؤكد لك أن سلاحي العلم والدين ليس هنالك ما هو أفضل منهما ليقي الإنسان من شرور الحياة وصعوباتها.

أيها الفاضل الكريم: أنت ذكرت أنك لا تعمل، ولكن في مثل عمرك لا بد أن تدرس، وإن لم تكن هنالك وسيلة لمواصلة دراستك فيجب أن تعمل حتى تشعر بقيمة نفسك.

أنصحك – أيها الفاضل الكريم – أن تتخذ رفقة صالحة من الشباب، أنا متأكد أنك سوف تجد من يأخذ بيدك، وأنصحك نصيحة علمية مهمة، وهي أن تحرص على بر والديك؛ لأن بر الوالدين سوف يشعرك بجمال الحياة وروعتها، وتكون -إن شاء الله تعالى- من النجاحين.

لا تأخذ كلامي هذا بشيء من التجاهل أو عدم الجدية، ما أقوله لك مبني على أبحاث وثوابت.

مارس الرياضة، الرياضة فيها خير عظيم للإنسان، فهي تزيل كل الطاقات السلبية.

حاول ألا تسهر، ونم نوما مبكرا؛ لأن النوم المبكر يؤدي إلى ترميم وإنعاش خلايا الدماغ مما يجعل الإنسان يفكر بصورة جيدة وصحيحة ويزيل عنه -إن شاء الله تعالى- الاكتئاب والحزن.

فلا تمسك بالجانب السوداوي في الحياة، لا يأس أبدا مع الحياة، وأنا أحزن كثيرا ويؤلمني ذلك لما أسمع أن أحدا من شباب المسلمين يريد أن ينتحر، هذا أمر غير مقبول عندنا كمسلمين؛ لأننا لنا ثوابت، ونعلم أن هناك آخرة، وأن هناك جنة ونارا، وأن كل واحد سيأتي ربه فردا، وأنه سوف يحاسب حسابا يسيرا، أو عسيرا، وأن الحياة هي هبة الله، هو المعطي وهو الآخذ، ومآل المنتحر لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

أنا أعرف أنك لن تنتحر، هي لحظة ضعف وضيق أتتك، وأسأل الله تعالى أن يفرج عنك، وعش حياتك بكل قوة.

كثيرا ما يخاف الناس من المستقبل، لذا يفكرون في الانتحار، أو تأتيهم شوائب فكرية عن الماضي، وينظرون إليه نظرة سلبية، لا، ماضيك -إن شاء الله تعالى- طيب، وحتى إن لم يكن طيبا فقد انتهى، والمستقبل -إن شاء الله تعالى- جميل وصحيح، انظر إليه بأمل ورجاء، وعش الحاضر بكل قوة، حتى إن أردت أن تشغل نفسك كثيرا بالمستقبل هذا أيضا مقبول، فقط اسع واجعل لحياتك معنى.

كلمة واحدة فيها العلاج كله: كثرة ذكر الله تعالى تغنيك عن ذلك كله، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
وتليها إجابة الشيخ موافي عزب مستشار الشؤون الأسرية والتربوية:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فإنه ليسرنا أن نرحب بك – مرة أخرى – في استشارات إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم الفاضل – اسمح لي أن أقول لك: إني تعجبت من إقبالك على فكرة الانتحار وتفكيرك فيها بهذه الجدية؛ لأن هذا أمر كنت أستبعد حقيقة أن تفكر فيه، لما أعرفه عنك من رجاحة العقل، ولما أعرفه عنك – كذلك أيضا – من أنك تحب الله ورسوله، وهذا التفكير تفكير شيطاني حقا؛ لأنك تعلم أنك عندما تفكر هذا التفكير إنما تعتدي على شيء لا تملكه، فأعتقد أنه لا يخفى عليك بأن هذا الجسد الذي أكرمك الله به إنما هو من الله تبارك وتعالى، وهو أمانة عندك، والدليل على ذلك أن الله تبارك وتعالى قال: {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك عنه مسؤولا}.

فليس من حقك أن تفكر هذا التفكير يا ولدي؛ لأنك بذلك ترتكب حماقات لا يفكر فيها المسلم أبدا، ولعلك لو نظرت حولك لوجدت أن المسلم لا يفكر مطلقا بهذه الطريقة، وإنما هذا في بلاد الكفر، حيث إن الناس لا يعرفون لهم ربا ولا خالقا، ويعلمون أن الدنيا إنما هي كما قال من سبقوهم: {إنما نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر} ويعلمون أن الدنيا هي نهاية أمرهم، وهي غاية أمرهم، ولذلك إذا وجدوا فيها بعض المشقة فإنهم غالبا ما يفكرون في التخلص منها، وهذا الذي أدى إلى ارتفاع نسبة الانتحار في بلاد الغرب على وجه الخصوص.

أما المسلم فهو يعلم أن الله تبارك وتعالى رحيم، وأن الله تبارك وتعالى كريم، وأن الله تبارك وتعالى إذا كان قد ابتلاهم ببعض الابتلاءات فهو لا يبتليهم إلا ليرفع من درجتهم ويكفر من سيئاتهم، كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم -: (لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة حتى يمشي على الأرض وليست عليه من خطيئة)، والمسلم يعلم أن هناك آخرة، وأن هناك حسابا وجنة ونارا، وأنه من عمل صالحا فلنفسه، ومن أساء فعلى نفسه.

وكنت أتمنى ألا تفكر بهذه الطريقة – ولدي الكريم –؛ لأنك بذلك تجعلنا نفقد الأمل في شباب الأمة، هل من المعقول أن كل واحد عندما يتعرض لمحنة أو مشكلة لا بد أن يفكر في التخلص من الحياة؟ هذا تفكير سطحي جدا – يا ولدي -.

ثانيا: المشكلات التي تعاني أنت منها لو قارنتها بغيرك لوجدتها صغيرة، فتصور أنت الآن حال المعاق الذي لا يستطيع أن يحرك يدا ولا قدما، أما سمعت عن معاق إعاقة كاملة ورغم ذلك تجده حريصا على الطاعة، وتجده حريصا على الذهاب إلى المسجد، والله لقد رأيت صورا في غاية العجب، حتى في الحج، يأتي رجل يأتي من آخر الدنيا، وهو يمشي على عصى ويتكئ على الناس، وهذا الشخص الأعمى الذي لا يجد من يقوده، يفكر في خدمة دين الله تعالى، فتجده يقوم بالدعوة، وتجده مملوئا حيوية، وكذلك أيضا بعض الناس الذين فقدوا بعض أعضائهم الأساسية، عندما تقابلهم تجد البشاشة وتجد حسن الظن بالله تعالى، ولم يفكروا أبدا في أن يأخذوا حياتهم عنوة ويتخلصوا من أنفسهم التي لا يملكونها، وأنت رجل لم تبتل بهذه الابتلاءات – ولدي أبا ياسر –.

هل معقول لمجرد بعض المشكلات المادية، أو عدم التفاهم مع الأسرة، أو عدم تحقيق رغبات دنيوية يقتل الإنسان نفسه، ولعلها تكون مرحلة وقت بالنسبة لك، فكثير من الناس قد يبدؤون حياتهم في نوع من الضنك، ومن قلة ذات اليد، ومن الفقر المدقع، إلا أن الله تبارك وتعالى يمن عليهم ويصبحوا من الأغنياء بعد ذلك.

أما فكرت في أن المنتحر يظل يعذب في قبره منذ أن ينتحر إلى يوم القيامة، ومتى تقوم القيامة؟ بمعنى أنه لو أن بيننا وبين القيامة مليون سنة فسيظل يعذب مليون سنة، بالله عليك عمرك ثمانية عشر عاما وتظل تعذب مليون عاما في قعر جهنم يا رجل؟! هل هذا تفكير عاقل؟ هل هذا تفكير إنسان واع مدرك؟ بدلا من ذلك حاول أن تعلم أن الدنيا دار ابتلاء وامتحان واختبار، ولو نظرت لغيرك لوجدت نفسك أحسن بملايين المرات، وذكرت لك أمثلة للمعاقين الذين يعيشون حياة كريمة رغم أنهم يعانون، لا يستطيعون أن يغسلوا أنفسهم إذا قضوا حاجتهم، ولا يستطيعون أن يرفعوا لقمة العيش إلى أفواههم، ولا يستطيعون أن يفعلوا لأنفسهم أو يقدموا لأنفسهم ما تحتاجه من ملبس ومشرب ومطعم وقضاء حاجة ونوم، وغير ذلك إلا بمساعدة الآخرين.

ولذا عليك بارك الله فيك بقراءة الأمور التي تؤدي إلى الثقة من الإنترنت ومن غيره، وأن تقرأ في كتب العقيدة والدين، وانظر للفائدة حكم الانتحار أو التفكير فيه: (262983 - 110695 - 262353 - 230518).

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات