تعرضت لتجارب سابقة فولّدتْ عندي الخوف من الآخرين وضعف الثقة.. فما العلاج؟

0 334

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حقيقة أود أشكركم على هذا الموقع، وجعله الله في ميزان حسناتكم.

أنا أبلغ من العمر 23 سنة، ولي تجارب سابقة جعلتني أشعر بقليل من النقص.
بدأت حالتي تقريبا وعمري 11 عاما، عندما انتقلت لقرية للدارسة بها، وتعرضت للمشاكل معهم، وكنت وحيدا بها، لا أقارب لي، فكنت ضعيفا بينهم، ليس كما كنت في مدينتي، وبعد فترة اتزنت الحالة، فتأقلمت مع البيئة الجديدة، وأتوقع أنه أتاني الرهاب الاجتماعي بسبب ما عانيت منه في القرية.

تخرجت من الثانوي، فتقدمت للتعليم العالي بمدينة أخرى غير التي درست بها، وتعرفت على آخرين، وهؤلاء أيضا أساؤا إلي، وإلى الآن لا أعلم ماذا بي، كلما أحاول التغيير من طبعي لا أستطيع؟! أتذكر ما حصل لي فتأتيني الحسرة وازدياد في نبضات القلب، لا أعلم هل هي طيبة زائدة مني أو عدم القدرة على الرد على الذين يسيؤون إلي.

قرأت كثيرا عن كتب الثقة، وطريقة التعامل مع الآخرين، لكن كل ما في الأمر أنني أفشل بالتطبيق.

في الوقت الحاضر، أحيانا أكون شخصا ذا ثقة، وأحيانا يتلاشى قليل من تلك الثقة، هذا ما أشعر به في بعض الأحيان عند ما أكون وحيدا.

بالنسبة للرهاب: هل من أعراضه الشعور أن أحدا يراقب تحركاتك، في بعض الأوقات أشعر أن أحدا يراقب طريقة مشيي، وأهتم بكلام الناس الذي حاولت أن أتجاهله، أتوقع أنني من الشخصيات الحساسة، فهل هذا صحيح؟ وكيف أعرف شخصيتي إذ لم تكن حساسة؟

هل الأمر يستلزم دواء أم علاجا سلوكيا أم فقط أقدر ذاتي ومع الوقت تتحسن الحالة، علما أنني لا أحب الدواء إلا إذا استلزم الأمر ذلك.

هذا ما استطعت التعبير به عما حدث لي.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نواف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأفكارك السلبية مردها الصعوبات التي عشتها عند تنشئتك الأولى، والفكر السلبي حين يبدأ في التكوين لفترة طويلة يتأصل ويصبح مسيطرا على الإنسان لدرجة التعميم، يعني إن كان هناك شيء واحد ناقص أو سلبي في حياة الإنسان، تجد الإنسان يعمم ويرى أن حياته كلها فاشلة، وهذا قطعا ليس صحيحا.

الناس أيضا تتخوف من الماضي، وتتخوف من المستقبل، ولا تفكر في الحاضر، وهذه إشكالية كبيرة جدا، والذي أراه –أيها الفاضل الكريم-: أنت الآن -الحمد لله- في وضع جيد، واصل دراستك الجامعية، وما مضى قد مضى، وحتى إن حدثت لك بعض الامتهانات أو الاعتداءات من هنا ومن هناك وأشعرتك أنك ضعيف، هذا تقييم ليس صحيحا، ويجب أن تقنع نفسك بذلك، فأنت لست أقل من الآخرين، كل الذي تحتاجه، هو أن تنظم وقتك، أن تقوي إرادتك، أن تجعل لنفسك أهدافا، ومن أهم الأهداف يجب أن يكون التميز الأكاديمي.

الإنسان يتأثر بمن يخالل، فكن واثقا من نفسك وابن علاقات وصداقات مع الجيدين والمتميزين والصالحين من الشباب، سوف تجد نفسك في بوتقة إيجابية جدا، وسوف تحس بالأمان والطمأنينة في مثل هذا المحيط.

الشيء الآخر: ارفع من معدل مقدراتك المعرفية والثقافية، وذلك من خلال: الاطلاع، ومشاركة الناس في الحوارات، هذا مهم جدا، وهو من أكبر وأحسن وأسهل السبل التي تجعل الإنسان واثقا من نفسه.

الانخراط في الأنشطة الاجتماعية والخيرية أيضا له مرد سلوكي عظيم على الإنسان فيما يخص بناء شخصيته، وكذلك ممارسة الرياضة أيضا تعطي الإنسان الشعور بالطاقة الجسدية، وحين يحس الإنسان أن طاقته الجسدية ممتازة ومحترمة هذا له انعكاس إيجابي جدا على صحته النفسية.

بالنسبة لكتب التنمية البشرية والتطبيقات الواردة فيها: لا بأس في ذلك، لكن في رأيي الأمر واضح جدا، أن يكون الإنسان إيجابيا، يكون له مخطط واضح لبناء مستقبله، يكون أكثر ثقة في نفسه، لا يلجأ إلى المقارنات أو إلى التعميم السلبي أو شخصنة الأمور، والإنسان الناجح يكون لديه علاقات اجتماعية جيدة ومحترمة، وهذا هو الأمر ليس أكثر من ذلك.

بالنسبة لشعورك بالتشكك والارتياب حول مقاصد الآخرين: هذا لا نشاهده كثيرا مع الرهاب الاجتماعي، لكن قد يحدث، ومن وجهة نظري ما تعاني منه –وهو شعورك أن أحدا يراقبك– إذا كان شعورا عارضا، هذا ليس له أهمية، لكن إذا كان شعورا متواصلا ومتأصلا هنا أقول لك: من الضروري جد أن تقابل الطبيب النفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ولا أرى أنك في حاجة لعلاج دوائي.

مواد ذات صلة

الاستشارات