كيف أتخلص من الحالة القلقية والتجنبية والانطوائية؟

0 312

السؤال

السلام عليكم

في البداية أحب أن أشكركم على هذا الموقع الأكثر من رائع، والذي استفدت منه صراحة في العديد من الأمور، جعله الله في ميزان حسناتكم.

لا أعرف كيف أبدأ بوصف حالتي، فأنا أعاني من الخوف من الناس، ونوع من ضعف الثقة بالنفس وقلة الكلام، وليس لدي إلا القليل من الأصدقاء، وعلاقتي معهم في تراجع بسبب الانطوائية فأنا لا أحب الخروج، والاختلاط بالناس، لأني أشعر أني أقل منهم حقيقة، وهذا الشعور يأتيني بسبب قلة الكلام.

قلة الكلام أكبر مشكلة في حياتي، فعندما أخرج مع الأصدقاء خصوصا ان كانوا جمع فإني أشعر بعدم الارتياح وأظل صامتا بينما الآخرون يمزحون، ولا يتوقفون عن الحديث والضحك، وهذا الأمر سبب لي ضعف الثقة والانطوائية، حتى إنني أتغيب كثيرا عن الجامعة؛ لأنني لا أعرف كيف أكون صداقات بحكم أني قليل الكلام، والناس سيملون مني.

مشكلة أخرى: هي خوفي من الناس، فعندما يكلمني المعيد في المحاضرة أشعر بالتلبك ويحمر وجهي، ولا أعرف ما أقول، فأنا لا أحب أن ينتقدني أحد، وأحيانا أشعر أن الناس تسخر مني، مما يزيد من ضعف ثقتي بنفسي.

لكن الغريب بالأمر أنه تأتي علي أيام أصبح فيها جريئا جدا، وتزداد ثقتي بنفسي بشكل رائع وأمزح وأصبح متحدثا جيدا، وأستمتع مع الأصدقاء، وكأن ليس بي أية علة، ولكن للأسف لا ألبث إلا أن أعود لنفس وضعي السابق.

علما أنني قبل ثلاث سنوات كنت شخصا اجتماعيا جدا، ولم أكن أدخل المنزل إلا للنوم أو الأكل، وكنت أحب الاختلاط بالناس، أما الآن فلا أعرف ما حل بي؟ بحثت كثيرا في موقعكم عن بعض الحالات المشابهة، ولكن اختلط علي الأمر بين الرهاب الاجتماعي أو الشخصية التجنبية.

قرأت عن دواء يدعى زولفت، وبدأت بتناوله بجرعة 25 ملغ لمدة 10 أيام، ثم رفعتها إلى 100 ملغ، والآن صار لي 3 أسابيع وأنا أتناوله، ولم أشعر بتحسن يذكر.

هل الزولفت ينفع لحالتي أم هناك دواء آخر؟ فأنا أحتاج إلى دواء يخلصني من الخوف، والأفكار السلبية؛ لكي أنطلق لحياتي الاجتماعية دون قلق.

شكرا جزيلا وبورك جهدكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد.س حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من الواضح أن الذي لديك هو نوع من الخوف الاجتماعي، وتوجد جوانب قلقية في شخصيتك، لكن لا نستطيع أن نقول: إنها وصلت لدرجة التجنبية.

أنا أعتقد أنك قبل أن تتناول الدوجماتيل كان من الأفضل أن تذهب وتقابل طبيبا مختصا، هذا أفضل - أيها الفاضل الكريم -، فالزولفت دواء رائع، ودواء ممتاز جدا لعلاج الرهاب الاجتماعي، وحتى القلق والتوترات، لكن قطعا ليس هو العلاج الوحيد.

لابد أن تبني قناعات فكرية معرفية أساسية أن مفاهيمك حول ذاتك هي مفاهيم خاطئة، لماذا تقلل من شأن نفسك؟ لماذا تنظر لنفسك أنك أقل من الآخرين؟ هذه المفاهيم لابد أن تصحح ولابد أن تعدل، بمعنى أن تقيم نفسك تقييما جديدا، وتتفهم ذاتك وتقبلها، ثم تسعى لتطويرها، هذا هو المفهوم الأساسي للتغير، وهو ضروري جدا.

عليك أن تدخل في برامج جادة للمواجهة، تصر على نفسك، أن تجلس في مقاعد الدراسة في الصف الأول، أن تنظر إلى المحاضر في وجهه، ألا تتردد أبدا إذا أردت أن تسأل سؤالا، واختلط بزملائك، تفاعل اجتماعيا داخل أسرتك، مع الجيران، هذا كله أمر جيد، وممارسة الرياضات الجماعية دائما يفيد في مثل هذا النوع من الخجل الاجتماعي، وحين تصل مع الجماعة في المسجد سوف تجد شعورا كبيرا بالأريحية والاسترخاء وتبني علاقات، هذا كله فيه خير كبير جدا لك.

لا تتجنب، لابد أن تبدل مشاعرك، وتصحح مفاهيمك، وهذا ليس بالصعب أبدا إذا أصر الإنسان على التغيير.

الدواء يساعد ولا شك في ذلك، والدواء يتطلب وقتا، بعض الناس لا يستفيدون إلا إذا تناولوه لمدة طويلة، قد تصل لستة أشهر أو أكثر، وتناول الدواء مع الإصرار على التغيير السلوكي المعرفي يأتي بنتائج رائعة جدا، فانظر لنفسك نظرة إيجابية، ولا تتجنب، وقم ببرامج يومية تتيح لنفسك فيها فرصة للتفاعل الاجتماعي، ويا حبذا أيضا لو لعبت أدوارا فيها شيء من الدراما، لكنها مفيدة.

مثلا: اجلس في غرفتك - أو أي مكان مريح - وانظر إلى المرآة وتصور أنك تخاطب عددا ضخما جدا من الناس، وقم بالفعل بطرح موضوع ما، تكلم بصوت عال، سجل كل الذي تقوله لتعيد الاستماع إليه مرة أخرى، لأن في ذلك فائدة كبيرة جدا، وهكذا.

الطرق كثيرة جدا، المهم أن يكون هنالك إصرار على التغيير، وأنا أعتقد أنك لديك -الحمد لله تعالى- إرادة التحسن وإرادة التغيير، وهذا أمر جيد.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات