بسبب معلمي لازلت أشعر بالخجل والخوف من التحدث أمام الناس

0 206

السؤال

السلام عليكم

أعاني من الخجل والخوف من التحدث أمام أعداد كبيرة من الناس، والخوف من إمامة الناس في الصلاة، لا أعلم علم اليقين السبب.

أقول: -والله أعلم- لعل السبب من أستاذ في المدرسة، عندما كان يعلمنا اللغة الإنجليزية، وكنت سعيدا بذلك لأني أول مرة أتعلم اللغة، وكنت أردد الحروف الإنجليزية مع الأستاذ، وأنا مبتسم ثم توقف ووضع يده بقوة على وجهي، وبدأ يقول كلاما لا أتذكره مما سبب لي صدمة من فعله!

هل أجد عندكم جوابا من فضلكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ omar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حالتك بسيطة وهي نوع من الخوف الاجتماعي الظرفي والمبسط، والخوف الاجتماعي وكل أنواع المخاوف هي مكتسبة ومتعلمة، وتكون مرتبطة بأحداث حياتية سابقة قد يتذكرها الإنسان أو قد لا يعيرها اهتماما في وقتها، لذا لا يتذكرها، وقد تكون أحداثا حياتية بسيطة جدا تعرض الإنسان فيها لموقف للخوف، وبما أن شخصية الإنسان لها القابلية والاستعداد لاكتساب هذه المخاوف يظهر الخوف على بعض الناس.

الحادثة التي تحدثت عنها مع أستاذ اللغة الإنجليزية ربما تكون سببا فيما تعاني منه الآن، لكن لا أريدك أبدا أن تسترجع هذه الحادثة بصورة سلبية وتجعلها تستحوذ على حياتك، الأمر قد انتهى، وانظر إلى الحاضر بقوة، ولا تتخوف من المستقبل، ولا تأس على الماضي أبدا.

أنت - الحمد لله تعالى – تود أن تتحدث أمام الناس وتود أن تصلي بالناس، وهذا كله عمل طيب وجميل، وعمل فيه الكثير من الخير، وسوف يسهله الله تعالى لك أخي الكريم.

الذي أرجوه منك هو أولا: أن تفهم وتستدرك بصورة واضحة جدا أن مخاوفك هذه هي تجربة خاصة شخصية لا أحد يطلع عليها، إن أحسست بشيء من التلعثم أو الخوف هذا شعور داخلي، وحتى التلعثم لا يكون ظاهرا بالصورة التي تتخيلها.

الخوف هذا يأتي من خلال عملية فسيولوجية بحتة، تسعى هذه العملية الفسيولوجية لتحضير جسم الإنسان وإدراكه وعقله ليواجه الموقف الذي يتطلب المواجهة.

لذا ينشط الجهاز العصبي اللاإرادي ويؤدي إلى إفراز مادة الأدرينالين والتي ينتج عنها ما ينتج من شعور بتسارع في القلب وربما شيء من التلعثم والرجفة وحتى التعرق قد يظهر، وأكثر عرض يخاف منه الناس هو الشعور بخفة الرأس وأن الإنسان سوف يفقد السيطرة على الموقف، وهذا كله ليس صحيحا، إذا أريدك أن تصحح مفاهيمك على الأسس التي ذكرتها لك.

لا تتجنب، اقتحم، حقر الخوف، كن مشاركا، صل في الصفوف الأولى مع الجماعة، متى ما قيل لك صل بالناس ورأيت نفسك أهلا لذلك فلا تتردد أبدا، وسوف يسهل الله أمرك.

أكثر من الزيارات للأهل والأرحام والمرضى، امش في الجنائز، شارك الناس في احتفالاتهم (الأعراس وخلافه) هذا كله تدريب اجتماعي ممتاز جدا.

يأتي بعد ذلك تناول العلاج الدوائي، هذه الحالات أيضا تتطلب تناول بعض الأدوية البسيطة والسليمة جدا، والتبرير لتناول الدواء وأهميته ناتج من أن هنالك عمليات كيميائية تحدث بعض التغيرات على مستوى كيمياء الدماغ، وهي التي تساعد على نشوء الخوف وكذلك استمراريته.

إن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أمر جيد، وإن لم تستطع إذا كان عمرك عشرين عاما أو أكثر فمن الأدوية التي تساعدك كثيرا عقار يسمى تجاريا باسم (زولفت) ويسمى علميا باسم (سيرترالين) ويسمى تجاريا أيضا (لسترال)، أنت تحتاج أن تتناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – ليلا، استمر عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ارفع الجرعة واجعلها حبة كاملة ليلا، وهذه جرعة بسيطة، وأنت لا تحتاج أن تزيدها، استمر على الحبة لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

الزولفت يمكن تدعيمه بعقار آخر هو (إندرال) والذي يعرف علميا باسم (بروبرالانول) هو دواء ممتاز جدا لكبح الأعراض الفسيولوجية الناتجة من الخوف الاجتماعي، وفي ذات الوقت هو دواء سليم، ودواء بسيط جدا، فقط لا يسمح باستعماله بالنسبة للذين يعانون من مرض الربو.

الجرعة بسيطة جدا، هي عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام صباحا لمدة شهر، ثم يمكن التوقف عنه، وبعض الناس يستعملونه عند اللزوم، أي قبل ساعة إلى ساعتين من الانخراط في تفاعل أو مهمة اجتماعية، لكن أريدك أن تطبق كل الإرشادات التي ذكرتها، وتتناول الدواء بالصورة التي وصفناها، وذلك حتى يكون تحسنك وتعافيك أكثر استمرارية وقوة وثباتا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات