تغيرت أحوال والدتي بعد الزهايمر وتدهور حالتها.

0 375

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

قال تعالى في كتابه الكريم: {فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما}.

تبلغ والدتي من العمر 79 عاما، منذ عام مضى وأمي تعاني من مرض الزهايمر، وقد وصف لها الطبيب علاجا هو:(هالوبيريدول)، وعلاج (ديماكس).

تعاني أمي أيضا من السلس، والتغوط اللاإرادي، والنسيان، والبكاء دون سبب، وعدم النوم، والعصبية المفرطة، والهلوسة، والهذيان، والأكثر من هذه الأمور جميعها، هو تصرفاتها الغريبة جدا، والتي لا تطاق، ففي أغلب الأيام وخاصة عند وقت الغروب، تبدأ بجمع ملابسها، وتقرر الذهاب إلى منزل أهلها، أو أمها، أو إخوانها المتوفين بالواقع، وتزعم بأن هذا المكان ليس منزلها، وإنما هو منزل الجيران، أو منزل أحد أقاربها، أو معارفها، فتنكر وجودنا، وتكون عصبية جدا، وتبدأ بالصراخ فترفع صوتها، وتضرب الأبواب بقوة، وتحاول الخروج من البيت، ونحن نقوم بقفل الأبواب، ولكنها تكون قوية، فتضربنا بأي شيء أمامها، وتقذفنا بالشتائم المختلفة.

أصبحت أمي تتصور أمورا عديدة، أخجل أن أذكرها الآن، أصبحت أنا وأولادي نخاف منها، فهي ترفض أخذ الدواء وتناول المهدئات، نحن في حيرة لا يعلمها إلا الله.

تظل أمي هكذا وتستمر حالتها لمدة يوم كامل أو أكثر، فهل يوجد دواء بخاخ لتهدئتها؛ لأنها ترفض أخذ الدواء، وترفض الطعام والشراب، علما إنني أنا ابنتها الأرملة، ولدي أطفالا صغار، أنا وأطفالي نخاف منها كثيرا، فهي تضربنا وتؤذينا، وتجعلني أصل إلى مرحلة أبدأ بالدعاء فيها على نفسي وعلى أطفالي بالموت، ما هو الحل أرجوكم؟

هل هذا هو الزهايمر؟ أم الجنون؟ أم الفصام؟ فأمي ليست شخصية ثابتة، بل هي عبارة عن عدة شخصيات تجتمع بشخص واحد، ساعدوني جزاكم الله خيرا، فحياتنا أصبحت سوداء، ولا أستطيع أن أبلغ أقاربي بحالة أمي؛ خوفا من شماتتهم أو استهزائهم؟ علما بأنني لم أتذمر من خدمتها الصحية والجسدية.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله تعالى لوالديك العافية والشفاء.

أيتها الفاضلة الكريمة: نعم هذا هو الزهايمر، ووالدتك في المرحلة الثالثة من المرض، وهي مرحلة متقدمة نسبيا، وأقول لك هذا هو أرذل العمر، وأريد أن أحتم لك أمرا هاما، وهو أن الله تعالى قد فتح لك بابا من أبواب الجنة، فلا تغلقيه، نعم هي مزعجة مع احترامي الشديد لها، لكنها فاضلة وطيبة، بل الإزعاج يأتي من مرضها، والصبر والاحتساب يذهب هذا الإزعاج من الجميع - بإذن الله تعالى -، قال تعالى في كتابه الكريم:{إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}.

أيتها الفاضلة الكريمة: اصبري وصابري، ورابطي واجتهدي في خدمة والدتك، نعم أنت ربما تكوني وحيدة اليد، توفي زوجك إلى رحمة الله تعالى، وأطفالك صغار، لكن بشيء من تنظيم الوقت، وبشيء من الإصرار والمثابرة، وبشيء من الحرص على اكتساب هذا الأجر العظيم، والذي لا يتاح لكثير من الناس، فقد خاب وخسر من أدرك والديه أو أحدهما ولم يدخلاه الجنة.

أنا حقيقة حريص جدا أن أساند كل من يقومون برعاية مرضى الزهايمر من الأبناء والبنات، وأعرف هذه العلة أنها علة مزعجة جدا، وأقول لك - أيتها الفاضلة الكريمة -: تنظيم الوقت هو الأمر المطلوب، وإن كان هنالك من أحد من أهلك يساعدك فهذا أمر مطلوب أيضا.

نعم هي لا تدرك، هي ليست فصامية، هي ذهب عقلها، لأن الزهايمر من أكبر ما يذهب العقول، هي محتاجة للستر، وللحفظ، والرأفة من جانبك.

أيتها الفاضلة الكريمة: الآن توجد خدمات جيدة في كثير من الدول لمساعدة هؤلاء المرضى، لكن بكل أسف هذا قد لا يكون متوفرا بالنسبة لظروف العراق.

بالنسبة لموضوع سلس البول والتغوط: نعم هو مزعج جدا، والذي أنصح به هو، أن يذهب بهؤلاء المرضى - منهم والدتك -، إلى الحمام كل ثلاث ساعات، نعم أعرف أنها سوف تقاوم، لكن بشيء من التعود على هذا النمط سوف تتحسن الأمور كثيرا؛ لأن المثانة والقولون سوف يتطبعان على هذا النسق، ولبس الحفاضات أمر مطلوب جدا.

وأريدك أن تغلقي الأبواب، هي لا تدرك، هؤلاء المرضى يتجولون، ويتيهون، ويضيعون، هؤلاء المرضى قابلين جدا لكسر عظمة الحوض، وهذا كثيرا يكون سببا لفواتهم، فاحرصي على والدتك خاصة في دخول الحمام.

أطعميها أيتها الفاضلة الكريمة.

أما بالنسبة للأدوية، فأكون صادقا جدا معك: لا يوجد دواء يعالج هذه الحالة حين تصل لهذه المرحلة، نعم نستعمل مثل المهدئات، مثل (هلوبريادول) (haloperidol)، مثل (رزبريدال) (Risporidal)، أو ما يسمى علميا باسم (رزبريادون) (Risperidone)، مثل (اولانزبين) (Olanzapine)، ويعرف تجاريا باسم (زبراكسا) (Zyprexa)، وهي أدوية معروفة جدا، لكن يجب ألا نثقل عليهم بالأدوية؛ لأن الدواء أيضا قد يؤدي إلى حالة تسمم شديدة يحس بعدها الأبناء والبنات بالذنب.

واصلي مع الطبيب - أيتها الفاضلة الكريمة -، لا يوجد دواء بخاخ، ولا أفضل ذلك، لكن يمكن أن تكسر الحبوب وتدقق وتوضع في سائل ماء أو عصير، وتعطى لها، وهنالك دواء ممتاز بديل (للهلوبريادول)، ويسمى (زبركسا فلوتاب) (ZUPREX FELOTAB)، وهو معروف، أنتجته شركة (ليلي) الأمريكية، قد يكون مكلفا بعض الشيء، ولا أعرف إن كان موجودا في العراق أم لا، لكنه قطعا سريع الذوبان في الفم، وكذلك في السوائل.

واصلي مع الطبيب - أيتها الفاضلة الكريمة -، ابحثي عمن يساندك من أهلك إن كان ذلك ممكنا، وإن لم يكن فاصبري وصابري واحتسبي، ولك الجنة - إن شاء الله -.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات