أقع في المعصية وأتوب إلى الله ثم أرجع إلى المعصية، ماذا أفعل؟

0 777

السؤال

السلام عليكم

لا أعرف من أين أبدأ؟ حياتي أصبحت جحيما، أنا شاب بعمر 23 عاما، ابتليت بالعادة السرية منذ أن كنت بعمر 15 عاما، رغم أني كنت حينها شعلة نشاط إيماني، أقوم الليل، وأحضر دروس القرآن، وأعتكف وكل هذا وأنا في السادسة عشر من عمري.

وبسبب توجهي الديني الذاتي قررت أن أعمل في مجال الدعوة، وأكرس حياتي كاملة لها، وأصبحت أعمل في مجال دعوة وتوعية الشباب في الجامعة رغم نار العادة السرية التي تلتهمني لكني كنت رغم ذلك مشهودا لي بحسن الخلق والذكاء من جميع أقراني وأفراد عائلتي، لكن حدث ما حدث.


قصتي لم تنته فتلك العادة أصابتني بلعنة مشاهدة المحرمات والمواقع الخبيثة، منذ سن 18 عاما، وبسبب هدفي الديني وأن أعمل بالدعوة قررت حينها أن أتوب وأرجع عن هذا الذنب العظيم، تبت إلى الله قبل دخولي الجامعة ثم بعدها بشهرين انتكست! قررت التوبة مرة ثانية وانتكست، وظللت هكذا حتى تخرجت من الجامعة، أكثر من 30 توبة وانتكاسة!

سافرت إلى بلد عربي وفتح الله علي، وقررت التوبة والندم، وأديت فرائض العمرة، وانتكست بعد أقل من شهر.

ماذا أفعل؟ أرجوكم أريد حلا لمشكلتي، أتمنى أن أتوب توبة نصوحا، بكيت لحالي طويلا، وأشعر أني أخادع الله، وما أخدع إلا نفسي بهذه التوبات والانتكاسات، رغم إصراري على عدم العودة إلا أن الشهوات والشيطان تملكوني.

ماذا أفعل؟ وأنا واحد ممن أريد أن أعمل بالدعوة، هل أنا لا أستطيع مجاهدة نفسي حتى؟ لقد عانيت مرارة الذنب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن.

بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل-: أرى أن عزيمتك قوية، وأنك بمقدورك أن تغير هذا الواقع المؤسف الذي تعاني منه، والدليل على قوة عزيمتك هذه المحاولات المتكررة مع عدم اليأس، ولقد استطعت لفترات معقولة أن تترك هذه المعصية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن لديك القدرة على أن تتركها نهائيا.

كل الذي في الأمر أنك تضعف، وأنك لا تستمر في مواصلة قرارك والثبات عليه والحرص على تنفيذه، فأنت رجل تتردد في قراراتك، ولست جادا فيه، وهذا عيب من الممكن علاجه بشيء من العزيمة والرغبة في تغيير واقعك، تستطيع -بإذن الله تعالى- أن تنتصر.

لقد حاولت – كما ذكرت – أكثر من ثلاثين مرة، وهذا في حد ذاته يعتبر شهادة لك وليست ضدك، وإنما يعتبر إثباتا على أنك قادر، وأن بمقدورك أن تترك هذه الذنوب والمعاصي كلها -بإذن الله تعالى- ولكن المشكلة تكمن في أنك – كما ذكرت – لا تواصل عملية الثبات على القرار.

من هنا فإني أقول – لأخي محمد -: اعلم رحمك الله أنه لن ينقذك مما أنت فيه إلا أنت، فمحمد هو الوحيد القادر على أن ينقذ محمدا، فإذا لم يكن لديك رغبة جادة وصادقة فثق وتأكد أننا لو جمعنا كل وسائل المراقبة وكل أهل الأرض ليمنعوك من ذلك ما استطاعوا.

خذ قرارا شجاعا وقويا بالتوقف، ابحث أولا عن العوامل التي تؤدي إلى وقوعك في هذه المعصية، وأعتقد أنك تعرفها جيدا، ابحث عن هذه العوامل وبدقة، ثم ابحث عن الأسباب التي تؤدي إلى ضعفك، فإذا كان ذلك يتمثل في وجودك وحدك أمام الجهاز فترة طويلة فحاول أن تقلل، وألا تدخل الإنترنت إلا عند الحاجة الضرورية، وأن تدخل إلى مواقع محددة ترى أنك في حاجة إليها، إذا لم تكن لك رغبة فأنصحك بعدم الدخول مطلقا.

حاول أولا أن تقاوم رغبتك الداخلية بالدخول؛ لأن نفسك ستلح عليك، والشيطان سوف يضغط عليك بكل ما أوتي من قوة حتى ترجع مرة أخرى إلى ممارسة هذا الأمر، حاول أن تقاوم وستنجح، واعلم أن الذي نجح ليس أفضل منك، هناك آلاف مؤلفة من الخلق كانوا مثلك يقعون في المعاصي ورغم ذلك استطاعوا أن يتخلصوا منها.

أنت أيضا تخلصت منها لعدة أشهر، فاعلم أن الأمر ليس مستحيلا، ولكن قاوم الرغبة أولا، ثم البحث عن الأسباب التي تؤدي إلى ضعفك واقض عليها، فمن الأسباب الدخول بغير داعي، أغلق هذا الأمر، حتى إن استطعت أن تخرج الجهاز من غرفتك فافعل، القرار الأول الذي ستنجح فيه هو التخلص من الوسيلة التي تؤدي إلى ضعفك، إن تخلصت فسيصبح من السهل عليك -بإذن الله تعالى- أن تتخلص من كل الآثار.

قرارك في يدك، ونجاتك في يدك، وسعادتك في يدك، وتعاستك في يدك، والله تبارك وتعالى – أخي محمد – ما كلفك بشيء أنت تعجز عن تنفيذه أبدا؛ لأن الله قال: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} فما دام قد كلفك الله بذلك فاعلم أنه في مقدورك، وأن بمقدورك أن تصنع ذلك، فاجتهد - بارك الله فيك – في ترك هذا الأمر، وحاول، ولا تستسلم، ولا تضعف، وسوف يعنيك الله تبارك وتعالى ويسددك ويوفقك؛ لأن الله قال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا}، هذا ضروري جدا.

عليك بالبحث عن عوامل التقوية، عوامل التقوية بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، والمحافظة على أذكار ما بعد الصلوات، وممارسة الدعوة، رغم ظروفك التي أنت فيها، حاول أن تمارس الدعوة، وألا تتوقف عنها؛ لأن هذا سيكون رادعا ومحفزا ومعينا، خاصة عندما يدخل إلى رصيدك ملايين الحسنات يوميا، هذه -بإذن الله تعالى- سوف تجعلك تخجل أن تجمع ما بين المتناقضات.

عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يعينك الله، وأن يوفقك لأخذ القرار والثبات عليه.

عليك أيضا بسؤال والديك الدعاء لك، واعلم أن ما عند الله لا يصل إليه العبد بمعصية الله، وأنت الآن قد من الله عليك بأن تخرجت من الجامعة وأصبحت مهندسا، ومما لا شك فيه أنك على رأس عملك، فهل شكر الله أن تعصيه؟ فكر في هذا، وأسأل الله أن يعينك على طاعته.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات