هل تصرفاتي تدل على أني أعاني من الرهاب؟

0 266

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم جزيل الشكر على هذه الخدمات الإنسانية، وأسأل الله العظيم أن يفرج عنكم في الدنيا قبل الآخرة جزاء عما به تتطوعون.

أنا شاب بعمر 25 سنة، أعاني من مرض كانت أعراضه في البداية متمثلة في اكتئاب حاد، وعدم الرغبة في الحياة، وكثرة الوساوس، بالإضافة إلى تمددات وشد العروق في كل أنحاء الجسم خصوصا على مستوى الرأس، والرقبة، والكتفين، والظهر، وذلك مصحوب بألم حاد في الرأس، ومرفوق بشد قوي للعروق، وأحس بخمول وضبابية الرؤية، وعدم الرغبة في مواصلة دراستي، وعلاوة على ذلك إحساس ببرودة أو سخونة، ووخز في الأطراف، وخوف شديد جدا، وكذلك كوابيس مزعجة تراودني في المنام، وحركة لا إرادية تتمثل في ذهاب وإياب للرأس عند الاستعداد للنوم، وأنا في حالة تمدد وحركة في الخصيتين.

مع مرور الوقت تبين لي أن تناول القهوة أو الشاي، أو أي شيء حار، والضغط والنوم على السرير(الإسفنج) يزيد من أزمتي. ومع تجاوزي لهذه الأشياء خف مرضي شيئا ما. لكن ما يؤرقني الآن ويجعلني في حيرة من أمري هو الرهاب الاجتماعي الذي أعانيه، وكل ما أطلبه من حضراتكم هو تشخيص حالتي، وإجابتي عن هذا السؤال: هل الرهاب الذي أعانيه الآن عرض من أعراض هذا المرض؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ tazi حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت تعاني من بعض الأعراض النفسوجسدية (سيكوسوماتية)، هنالك أعراض قلق ووساوس من الاكتئاب والمخاوف، ولديك عدة أعراض عضوية، من الواضح أنها ناتجة من انقباضات عضلية، الآلام على مستوى الرأس والرقبة والكتفين، هذه معروف عنها أنها تنتج من القلق.

إذا حالتك –أيها الفاضل الكريم– هي ما نسميه بالحالات النفسوجسدية، وأتفق معك أنها مزعجة بعض الشيء، لكنها ليست خطيرة أبدا.

تجسد لديك القلق النفسي ليؤدي إلى المزيد من الوساوس ذات الطابع العضوي، تتكلم أنت عن مشاكل النوم، حركة الخصيتين: لا أقول لك: أنك متوهم، لا، هذا ليس توهما، هذا يسمى بالمراء المرضي الناتج من القلق. فيا أخي الكريم: اطمئن تماما.

الذي يظهر لي أن شخصيتك أيضا حساسة ولطيفة، وربما تكون قلقة بطبيعتها، هذا جعلك تكون عرضة لشيء من القلق الاجتماعي، ولا أحب أن أسميه رهابا، لأنه الحمد لله تعالى لم يصل لدرجة الرهاب، وأنت لا تعاني من عدة أمراض، كل الأمر قائم على القلق، وتشعب هذا القلق، أعراض هنا وأعراض هناك، فيها جزئيات نفسية، وفيها جزئيات عضوية (جسدية) بالرغم من عدم وجود مرض عضوي، فأرجو أن تطمئن تماما.

العلاج أيها الفاضل الكريم: يجب أن تقوم بإجراء الفحوصات الطبية الأساسية، هذا دائما نطلبه من الإخوة والأخوات. اذهب إلى طبيب عام أو طبيب باطنية، قم بإجراء فحوصات الدم للتأكد من مستوى السكر ووظائف الغدة الدرقية، ووظائف الكبد والكلى، ومستوى فيتامين (ب12) ومستوى فيتامين (د)، هذه فحوصات أساسية، أعرف أنها -إن شاء الله تعالى- سوف تكون طبيعية وسليمة، لكن إجراءك لها في حد ذاته يمثل قيمة علاجية كبيرة جدا.

بعد ذلك الخطوات الأخرى: أريدك أن تنظم وقتك، وأريدك أن تركز على الرياضة، الرياضة من أفضل ما يعالج الأعراض النفسوجسدية القلقية. تنظيم الوقت –أخي الكريم– يعني النوم المبكر، يعني الحرص على العمل، التواصل الاجتماعي، الترفيه عن النفس بما هو متاح ومباح وجميل، صلة الرحم، بر الوالدين، زيارة المرضى، وإمتاع بالحياة، أنت في هذا العمر الجميل تستمتع بالحياة، ومن حقك أن تستمتع بالحياة، وما أجمل الصلاة مع الجماعة في المسجد فهي باعثة للطمأنينة في النفوس، وتجعل الإنسان يقفز قفزة معنوية عظيمة جدا تعود عليه بخير كبير، فاحرص على ذلك.

أريدك أن تتواصل اجتماعيا، احضر الأعراس، المناسبات، شارك الناس في كل مناسباتهم، زر أرحامك، كن بارا بوالديك، وكن فعالا داخل أسرتك.

أنا أحب أن يكون العلاج النفسي من واقعنا، وواقعنا غني جدا بكل ما هو جميل، لكنا كثيرا نغفل عنه ولا نستفيد منه.

أيها الفاضل الكريم: أريد أن أصف لك أيضا علاجا دوائيا بسيطا جدا، هنالك دواء رائع يعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat) ويسمى علميا باسم (باروكستين Paroxetine) ويسمى في المغرب (ديروكسات Deroxat) يمكنك أن تبدأ في تناوله بجرعة بسيطة جدا، عشرة مليجرام –أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرين مليجراما– استمر عليها لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك اجعلها حبة واحدة ليلا لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، هي المدة العلاجية المطلوبة، بعد ذلك خفض الدواء واجعله نصف حبة لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هنالك دواء آخر يعرف تجاريا باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويسمى علميا باسم (سلبرايد Sulipride) أريدك أن تتناوله كدواء مساعد وليس أساسيا، فالدواء الأساسي هو الديروكسات، تناول الدوجماتيل بجرعة كبسولة واحدة (خمسين مليجراما) في الصباح لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات