استقمت ثم ضعف إيماني، وأشك في طهارة ثيابي الدخلية، ما توجيهكم؟

0 366

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا فتى، عمري 19 سنة، حفظت من كتاب الله 25 جزءا، وكنت محافظا على صلواتي، وكنت أفعل المستحبات، وكنت أحيانا أقوم الليل، وكنت أشعر أحيانا بلذة وأنا أعبد ربي، ويأتيني شعور من داخلي بأن أزيد من الأعمال الصالحة، حتى وصل عمري إلى الرابعة عشرة، وبدأت من حينها أتغير للأسوأ إلى أن أصبح عمري 19 سنة، فنسيت القرآن إلا جزأين فقط، وأحس بضيق في صدري، وأصبحت مهموما كئيبا، حتى أن بعض أصحابي عندما يراني يقول: لماذا أنت مهموم؟ فأقول لهم: لا شيء.

أصبحت لا أحب أن أخرج مع أصدقائي، وأحيانا يجبرونني وبشدة للذهاب معهم، فأذهب وأظل ساكتا، ولا أريد التكلم أبدا، ويقولون لي: ما بك؟ لماذا أنت ساكت؟ وأنتظر بفارغ الصبر متى تنتهي جلستنا، وأحيانا كنت أصرفهم، ثم أهرب منهم، ولا أريد أن أراهم مجددا أبدا.

جاءني شيء غريب في داخلي! إذا دخلت في الصلاة يقول لي: لماذا تصلي؟ وماذا تفعل؟ فأقول في نفسي: أصلي لله، فيأتي سؤال: هل الله موجود؟ وما الذي يدل على وجود الله؟ وأقول: ربي حق، لكن الأسئلة تراودني.

إذا سمعت القرآن، تأتيني أسئلة أكره أن أكتبها هنا، سألت نفسي لماذا أصبح حالي هكذا؟ وكيف تغيرت؟ ولماذا هذه الأسئلة التي تراودني وتجعلني أشك بربي؟ فعلمت أنها بسبب الذنوب، وبالذات العادة السرية التي كنت مدمنا عليها، ولا يمر يومان إلا وأفعلها، حتى في بعض الأحيان كنت أفعلها في اليوم مرتين.

في يوم من الأيام أتتني مصيبة، وقلت: يا رب، وعد مني، لئن سترتني لن أفعل العادة السرية لمدة خمسة أشهر، لكني –للأسف- لم أف بوعدي، وكل يوم يتم التأجيل للأسبوع القادم، وأقول: سأبدأ الأسبوع القادم، ويأتي الأسبوع القادم، ويستمر التأجيل، أصبحت حياتي هموما وكآبة، وصارت إلى ما صارت إليه.

هل هناك أمل أن أرجع إلى ربي؟ وهل من الممكن أن أكون ممن قال الله فيهم: ( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعىٰ نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذٰلك هو الفوز العظيم)؟

هناك مسألة أخرى، وهي بعدما أتبول تخرج مني قطرات فأغير ملابسي، وأحيانا أدخل الخلاء؛ للتأكد من ملابسي، فأرى بقعا لونها رصاصي، فأقول في نفسي: هل هذا مني أم لا؟ فقلت: أغير ملابسي احتياطا، وآخذ ملابس جديدة، ونظرت إليها لأتأكد منها، فأراها نظيفة، ولا يوجد بها أي شيء، فلبستها.

مرت أربع ساعات، ولم أدخل الخلاء، وقلت: أدخل الخلاء لأتأكد من نفسي، ودخلت، فرأيت بقعا، فعلمت أنها مني، وقلت: مستحيل! كيف حدث هذا ولم أشعر بخروج شيء مني! وكنت أريد أن أغير ملابسي، لكن ملابسي قليلة، وأحيانا إذا وجدت ملابس نظيفة لم أكن أستطيع أن أغيرها؛ مخافة أن يعلم أهلي أنني أغير ملابسي في أوقات متقاربة.

كنت أذهب للصلاة، ولم أغير ملابسي، فحسبت الصلوات التي أتيتها ولم أغير ملابسي، فكانت صلوات 26 يوما، وأحد الأيام لم يأت الإمام للصلاة، والمسجد كله كبار السن، وكنت أنا الشاب بينهم، فقدموني، وصليت بهم، وبعد الصلاة ذهبت لقضاء الحاجة، ونظرت إلى ملابسي، وإذا فيها البقع، فهل صلاتهم مقبولة؟

هل من حل؛ لأني قد تعبت جدا، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أيها الولد الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله لك العافية، ونشكر لك تواصلك معنا، ونحن مسرورون بتواصلك معنا، ونتمنى أن يدوم هذا التواصل.

أما عن أسئلتك: فالسؤال الأول أو الشق الأول من الاستشارة، والذي ذكرت فيه ما آل إليه حالك مع هذه الوساوس، فنصيحتنا لك في هذا الجانب: أن تعرض تمام الإعراض عن هذه الوسوسة، وألا تسترسل معها، ولا تبحث عن أجوبة لما يلقيه إليك الشيطان من أسئلة وشبهات، فإن قطع الاسترسال، وقطع دابر هذه الوساوس، هو العلاج الأمثل والأحسن لها، وهو الذي أرشد إليه النبي –صلى الله عليه وسلم– حين قال لمن شكى إليه الوساوس، قال: (فليستعذ بالله، ولينته).

فهذان دواءان نبويان نافعان -بإذن الله تعالى-: الاستعاذة بالله، واللجوء إليه عندما تخطر عليك هذه الخواطر، والانصراف عنها وصرف الذهن والنفس عن التفكر فيها إلى غيرها. فإذا صبرت على هذا الطريق، فإن الله –تعالى- سيعافيك من هذه الوساوس، وسييأس الشيطان منك ويتحول عنك.

اعلم أن هذه الوساوس لا تضرك في شيء من دينك؛ لأنك كاره لها، خائف منها ومن آثارها، وهذا الخوف منها وهذه الكراهية لها دليل على وجود ما يناقض هذه الوساوس ويخالفها في قلبك، فوجود الإيمان في قلبك هو الذي يحدث لديك هذا الانزعاج والقلق والخوف من هذه الوسوسة، وهذا دليل على أنك لا تزال على إيمانك وإسلامك، وأنك لن تتأثر بهذه الوساوس.

فاحمد الله –تعالى-، واقبل هذه النصيحة النبوية، وعض عليها بالنواجذ، واصبر على الثبات على هذا الطريق، وسيعافيك الله –تعالى- منها قريبا.

نصيحتنا لك في هذا الباب أيضا –أيها الحبيب–: أن تكثر من ذكر الله، وأن تصبر نفسك وتجاهدها على الإكثار من مجالس الذكر ومرافقة الصالحين، فإن هذا كله دواء لقسوة القلب، وطرد للشيطان، نسأل الله أن ييسره لك.

أما السؤال الثاني، وهو عن الطهارة وما ذكرته من الوساوس، فهناك قواعد عامة ينبغي أن تعتني بها وأن تبني أحكامك عليها:

أول هذه القواعد: أن الأصل في ملابسك الطهارة، فإذا شككت هل أصابتها نجاسة أو لا، فلا تلتفت لهذا الشك.

وثانيها: أن الأصل عدم خروج شيء منك حتى تتيقن أنه قد خرج منك شيء، فإذا وسوس لك الشيطان أنه ربما خرج منك شيء، أو ربما أصابت ملابسك نجاسة، أو غير ذلك من الوساوس، فلا تعر هذه الوساوس اهتماما، وصل دون التفات إليها، واعلم بأن هذا الذي تفعله هو الذي يحبه الله –تعالى- ويرضاه، ولا يريد منك الاحتياط الذي يمليه عليك الشيطان ويدعوك إليه.

وأما المني فأمره ظاهر جلي –أيها الحبيب–، فإن له علامات عند خروجه في اليقظة، من هذه العلامات –وهي أبرزها– التلذذ بخروجه، وفتور الشهوة بعد خروجه، فإذا لم يحصل ذلك فإنه ليس منيا، كما أن له علامات في نفسه، فإن رائحته تشبه رائحة العجين أو البيض الفاسد أو طلع النخل، ولونه قد يكون أبيضا وقد يكون أصفرا بحسب الشخص، فيختلف من شخص إلى آخر، والغالب في الرجال أن يكون أبيضا، وقد يتغير لونه لعارض من العوارض.

الخلاصة أن هذه علامات المني، إذا وجدته بإحدى علاماته يتعين عليك حينها أن تغتسل، أما إذا لم تجد منيا أو أثره فلا معنى للاغتسال، ونصيحتنا لك: أنه إذا كان ذلك مجرد شكوك ووساوس ألا تلتفت إلى هذه الوساوس، وبصبرك على سلوك هذا الطريق ستنقلع عنك هذه الوساوس -بإذن الله تعالى-.

أما إذا لم تكن هذه الرطوبات التي تجدها على ثيابك منيا، فإما أن تكون مذيا وإما أن تكون وديا أو غير ذلك، وهذه كلها نجاسات، الواجب عليك أن تغسل مكانها فقط من الثوب أو البدن، ولا يلزمك أكثر من ذلك.

وبهذا يتبين لك أنه إذا كانت صلاتك التي حسبتها قد صليتها بوضوء، وأنك لم تغتسل لمجرد ذلك الوهم أو الوسواس، فإن صلاتك هذه صحيحة، ولا تطالب بقضاء شيء منها، وهذا هو الذي فهمناه من كلامك. وصلاتك التي صليتها بالناس في المسجد صحيحة، وصلاتهم أيضا صحيحة؛ لأنك صليتها متيقنا من الطهارة، وما وجدته بعد ذلك ما دام مشكوكا في حصوله هل حصل قبل الصلاة أو بعد الصلاة، فإنه ينسب إلى الزمن الذي كان بعد الصلاة.

نصيحتنا الإجمالية لك نكررها ثانية، وهي: أن تعرض عن الوساوس، ولا تلتفت إليها.

نسأل الله لنا ولك صلاح الحال.

مواد ذات صلة

الاستشارات