خطيبي أصيب بانهيار نفسي واكتئاب بسبب ضغوط حياته ولا أعرف كيف أقف معه

0 216

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبلغ من العمر 25 عاما، منذ سنة تقريبا طلب شخص مني الارتباط، يبلغ من العمر 28 عاما، وعلى قدر من الأخلاق، والتربية، والتعليم العالي، في البداية لم أوافق، لأنه يعيش في أوروبا، حيث كان يعمل ويكمل دراسة الماجستير الثاني، ولكن بعد إصراره الشديد، ووعوده بالزواج في إجازته القادمة وافقت، كلمته لمدة 6 شهور، وكانت من أجمل أيام حياتي، تعرفت على شخصيته التي كانت تبهرني يوما بعد يوم، وكان يعجبني فيه أنه يتقي الله في بنات الناس.

ولكن شاء القدر وتيسرت له فرصة أخذ الدكتوراه والعمل في بلد آخر، انتقل إلى هناك، وقام باستئجار شقة حتى يكون جاهزا للزواج، ولكن للأسف تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، لم يوفق في عمله هناك ولم يستطع أن ينال شهادة الدكتوراه، ولم يكمل هناك أربعة أشهر، وخسر مبالغ مالية طائلة في الشقة والأثاث، ورجع إلى بلاده مفلسا تماما، مع أنه وعدني ووعد أهلي بالتقدم لخطبتي، أنا لست من جنسيته، بل جنسية عربية شقيقة، ولكن عمتي تعرفه معرفة جيدة، وأنا أثق به، لم يتقدم لخطبتي، بسبب حالته المادية.

وفقه الله ووجد عملا في بلاده، لكن الأجر أقل من أوروبا، ولكن لا بأس، حددنا موعدا جديدا للخطبة، أنا وأبي قللنا من طلباتنا المادية قدر المستطاع، ولكن حصل شيء لم يتوقعه أحد، قبل الموعد بأسبوع أصيب بانهيار تام، ونقل للمستشفى بسبب الضغط النفسي، كان يرهق نفسه في العمل ولا ينام، وبعد خروجه من المستشفى أصبح شخصا آخرا مكتئبا جدا ولا يكلم أي شخص، لا يكلمني، ولا يكلم حتى أسرته، ولم يعد يذهب للعمل.

كان يمضي أسابيع من دون أن يذوق طعم النوم، لا يأكل، وأصبح منظره كالشبح، لم يعد يطيق مكالمتي بعد أن كان يعشقني، ويعاني من أوجاع في جسده، لا أدري هل هناك شيء كهذا في الطب النفسي أم لا؟ لا أعرف هل يضحك علي أم هذا حقيقي؟ رغم أنني أحس 99% أنه حقيقي، لكنني لم أقابل حالة كهذه، حاولت الوقوف قربه كثيرا ولا أريد أن أتركه، أهلي يجبرونني على نسيانه، فهم لا يثقون به كرجل يأتمنونه على ابنتهم، ولكنني أحس أن هذه الحالة لا يمكن أن تستمر، ما الحل؟

هو يرفض أن يذهب لطبيب نفسي، فهو مصاب بالرعب الشديد من فكرة أنه مريض بمرض عضوي، لا أحد يعرف ما هذه الفكرة التي تسيطر عليه تماما وتفصله عن الواقع، مع العلم أن والده قد توفي بسرطان الكبد وهو صغير، وجده توفي ووالده رضيع، وجدته توفيت فور ولادة والده، وأمه كانت تعاني من أمراض في القلب وأجرت عملية، لا أدري هل هذا له علاقة أم لا؟ ساعدوني، لا أريد أن تذهب أجمل أيام حياتي في العيش في الحلال مع من أحب سدى.

أعيش في حالة نفسية سيئة جدا، وأصاب بالدوار فجأة، وينعدم لدي البصر والسمع لثوان، كما أصبت بنزيف حاد في الدورة الشهرية، وفقدت كمية من الدم، ونقلت للمستشفى لنقل الدم، وشخص كل ذلك بسبب القلق الشديد والتوتر، لا أستطيع استيعاب فكرة أن كل شيء سينتهي، وأنا لا أعلم السبب ولا أجده مقنعا، وأرى أنه بالقليل من القوة سيتغلب على ذلك، لم أعد أعمل من قلقي الشديد، وخسرت عملي أيضا وحياتي أصبحت خرابا.

أقرأ محادثاتنا القديمة ليلا ونهارا، لتهدئة قلبي ودموعي، أحس كأن أحدا حضر لنا سحرا أو عينا قد حسدتنا، أمه تقول لي إنها تسمعه القرآن والرقية الشرعية دائما، أحس كأنني مراهقة، مع أنني أبلغ 25 عاما، وذات تعليم جامعي عال، نحن لسنا مراهقين أو أطفال، لا يوجد أحد يفهمني، أو يساعدني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ bisan حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لهذا الأخ الشفاء، والعافية، والتوفيق والسداد.

أيتها الفاضلة الكريمة: هذا الأخ ما دام غائبا فيجب أن نذكره بالخير، ولا بد أن نثق في مقاصده نحوك، وأنت أكثر دراية وخبرة بذلك، يعني أنك ومن خلال المدة التي تواصلت فيها معه تستطيعين أن تكوني رأيا عقلانيا أكثر مما هو عاطفي حوله، ومن ثم تتخذين قرارك.

ما يعاني منه الآن قطعا يصعب علي أن أعطي تشخيصا دقيقا، ولا أريد أبدا أن أضع تشخيصات تشوه صورته أمامك، وفي ذات الوقت الحقائق يجب ألا تخفى. من خلال ما هو متاح من معلومات أرى أنه ربما يكون بالفعل يعاني من حالة الاكتئاب مع قلق المخاوف الوسواسي، وهذه الحالات يمكن أن تعالج، والسبب في ما حدث له ربما يكون هذه التنقلات، فهو تنقل بين محطات كثيرة في حياته، وهذا كثيرا ما يؤدي إلى عدم القدرة على التواؤم.

الشيء الذي أراه ضروريا هو أنه يجب أن تتكاتف الجهود ما بين أهله ومن خلالك، وأن يذهب ويتعالج، هو لديه مخاوف مرضية مبررة جدا، حيث إن والده قد توفي بالسرطان - رحمه الله تعالى –، وأن والدته أجريت عملية رئيسية في القلب – شفاها الله وعافاها –، فهو عاش في هذه البيئة والمحيط الذي قد ينشئ الخوف المرضي، خاصة إذا كان هو شخصا حساسا بعض الشيء. أنا أرى أن علاجه مهم حتى من الناحية الإنسانية، وأقصد بذلك إن لم يكتب لكم التوفيق في الزواج، إذا هذه نقطة أساسية، نقطة أن يعالج، وبعد ذلك يمكنك اتخاذ القرار.

أنا أقدر جدا مشاعرك الوجدانية، وهذا قد يكون أمرا نعيبه على العلاقات الطويلة نسبيا ما بين الفتيات والشباب، وحين تطول هذه العلاقات وتبنى أفكار إيجابية هنا وهناك، ثم يأتي حدث سلبي، هذا يجعل الإنسان في حالة كبيرة من عدم التوافق النفسي، لكن أعتقد أنك تملكين الكياسة، والحكمة، والفطنة التي تجعل حكمك العقلي والمنطقي يتغلب تماما على ما هو وجداني وعاطفي.

مشورة أهلك مهمة جدا حول هذا الموضوع، وفي ذات الوقت أنا لا أقول لك اتركي هذا الشاب، لأن هذا الأمر ليس صحيحا، ربما تكون حالته هذه حالة نفسية عابرة ويتم علاجها، وتسير الأمور بصورة طيبة، وبعد ذلك يتقدم إلى خطبتك رسميا، أما إذا كانت حالته النفسية لا تسمح فيجب أن يكون قرارك مخالفا تماما، وكلمة (اتركيه) أو (اصرفي النظر عنه) قد تكون قاسية، لكن يجب أن تكوني فطنة، وهذا ليس فيه أي نوع من الخذلان أو عدم الوفاء، وقد قال -الله تعالى-: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنت لا تعلمون}.

وأعجبتني خاتمة رسالتك تماما، وهي حين قلت (نحن لسنا مراهقين وأطفال) أنا أكتفي ما اقتبسته من جملتك هذه، لأن الجزئية الأخرى وهي (لا يوجد أحد يفهمني أو يساعدني) لا أريدك أبدا أن تكوني تحت هذا الانطباع، نعم أنت ناضجة، أنت قوية، أنت ممتازة، وكل من حولك يحبونك، أنا متأكد من ذلك، ويجب أن يكون هذا هو انطباعك.

العلاج النفسي ليست له آلية واحدة، إنما هي آليات متعددة يجب أن تتضافر مع بعضها البعض، مساهمة من هنا ومن هناك، وفي نهاية الأمر -إن شاء الله تعالى- تصب الأمور لمصلحتك، وهذا هو الذي أريده لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات