الآلام الفظيعة في دماغي أفقدتني لذة العيش بهدوء

0 368

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر (19) سنة، ما زلت طالبة جامعية، غير متزوجة.

منذ قرابة سنتين بدأ الأمر عندما كنت أحتسي فنجان القهوة، فشعرت بألم شديد في صدري، وبعد أربعة أشهر، بدأت أشعر بألم وضغط شديد في النصف الأيسر من الدماغ، أصبحت لا أستوعب سريعا كالسابق، ولم يعد باستطاعتي التركيز، أصبحت أشعر بالتعب والإرهاق، وظهرت هذه الأعراض للجميع، وهناك أعراض أخرى تنتابني، وبعض الأشياء التي تثير الآلام في رأسي أو صدري.

القهوة تسبب لي الدوار، وتسارع نبضات قلبي، وتزيد من الضغط الواقع على الجهة اليسرى من الدماغ، وتسبب لي ألما كبيرا في الصدر، حتى لو أنني ارتشفت رشفة واحدة فقط، علما بأنني أصبحت أشعر بالاكتئاب بعد شربها.

أصبحت لا أعلم السبب الذي يجعلني مكتئبة على الدوام، ولم يعد باستطاعتي الابتسام أو الضحك؛ لأن هذه الأمور كفيلة بزيادة الضغط على الدماغ في الجهة اليسرى، كلما تفاعلت بشدة مع أي موقف، حتى الكلام بانفعال، مثل: قراءة القرآن بصوت مسموع، أو المذاكرة والتسميع بصوت، كل هذه الأنشطة، تزيد الألم والدوار، وتقلل التركيز والاستيعاب، وتظهر علامات التعب والإرهاق على وجهي، أصبحت بطيئة في عملي.

الروائح الشديدة كفيلة بإثارة التعب في صدري، حيث إنني أشعر وكأن الرئة سوف تتمزق، فأشعر بالدوار والتعب، وأفقد القدرة على التركيز، حتى الأصوات المرتفعة تثير الألم في صدري، وفي رأسي، وحينما أقوم بحمل الأشياء، خاصة الثقيلة، أشعر بألم يمتد في صدري ويصل حتى كتفي أحيانا، وليس دائما، ضغطي منخفض دائما، ويزيد الانخفاض عند ممارسة التمارين الرياضية.

يزداد ألمي الخارجي في الجهة اليسرى، بمجرد اللمس، وأثناء الدعك، والاستحمام، و تفريش الشعر، حتى الحجاب حينما أقوم بشده قليلا كي أثنيه يسبب لي الألم، هذه الآلام تزداد من الداخل ومن الخارج، وقد تصل إلى الصدر، فأنا أشعر بالدوار ولا يمكنني المذاكرة والتركيز أبدا.

لا استطيع النوم إلا على جانبي الأيمن، فلو نمت بالعكس، سوف أصاب بالخمول، وأفقد التركيز، ففي بعض الأحيان لا أتمكن من الاستيقاظ؛ بسبب ثقل رأسي وخمول جسمي.

قمت بزيارة الطبيب، وإجراء التحاليل، وكانت النتائج، بأني أعاني من: نقص الحديد، ونقص فيتامين (د)، فتناولت المكملات، لمدة سنة ونصف، ولم أشعر بأي تحس، فقمت بعمل الأشعة المقطعية للرأس، وكانت النتائج سليمة 100%، ذهبت لطبيب الأنف والأذن والحنجرة، فلم يكن هناك أي خلل، راجعت أطباء
المخ والأعصاب، كان تشخيصهم بأن السبب الرئيسي هو الإجهاد، والغذاء غير المتوازن، وخلل الساعة البيولوجية؛ بسبب السهر وقلة النوم.

بعد الساعة (12) أشعر بزيادة الضغط على الدماغ, فصرت أنام باكرا، ولا أتجاوز السهر بعد الساعة(12)، نعم، لقد خف الضغط قليلا، لكنني ما زلت أشعر بأن الدماغ لا يتنفس، لا أشعر بأنني أستطيع الانطلاق بتفكيري كما كنت في السابق.

في وقت الاختبارات أكون قد ذاكرت جيدا، ولكني لا استطيع أن أتذكر أي شيء بشكل جيد، كل الأمور تكون مشوشة جدا، لا استطيع أن أتذكر الصورة الواضحة لما ذاكرت، فأردد في نفسي: ربما هذا بسبب الإرهاق والسهر، فأنا لا أستطيع التذكر، فأنا بطيئة جدا في المذاكرة بسبب استيعابي البطيء، فأسهر مجبرة لإتمام المذاكرة.

جميع من حولي يصرون بأن ما أعانيه يعتبر أمرا نفسيا، أو بسبب الإرهاق، والسهر، وقلة الغذاء, على الرغم من مواظبتي على الغذاء الصحي الجيد، وإيقاف القهوة، والنوم الجيد، فلم أعد أذهب إلى أي اختبار دون النوم جيدا، كل ما يزعجني، ويؤلمني، بأنني لم أعد كما أنا، فقدت قدرتي على الابتسام والضحك والتكلم كما كنت في الماضي، قل استيعابي كثيرا، لا يمر أي يوم دون أن أدعو الله فيه لنفسي بالشفاء، وأن يغفر لي ذنوبي، هذا ما يصبرني ويوقفني على قدمي مهما زادت آلامي، كل ما أتمناه أن أعلم ما هذا الذي أعانيه؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Somaia حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأعراض التي تعانين منها هي أعراض جسدية في معظمها، ويظهر لي أنها مرتبطة بانقباضات عضلية، وحقيقة إقدامك على الفحوصات العامة، والتي اشتملت على صورة مقطعية للدماغ، هذا طمأنني كثيرا، وجعلني أحس بمتسع في التفكير أن الحالة هي حالة قلقية وليس أكثر من ذلك، وبناء على ذلك، أرجو أن تذهبي وتقابلي طبيبا نفسيا.

كل ما ذكرته اطلعت عليه بكل دقة، والخلاصة هي أنك تعانين من أعراض نفسوجسدية (سيكوسوماتية)، يهيمن عليها من حيث الناحية النفسية ما يعرف بالقلق الاكتئابي البسيط، ومن حيث الناحية الجسدية انقباضات عضلية ناتجة من هذا القلق الاكتئابي البسيط.

الطبيب قطعا سيصف لك أحد مضادات القلق الاكتئابي، وهي كثيرة جدا، وتوجد أدوية رائعة وسليمة، عليك باتباع تناول الجرعة حسب ما ينصح الطبيب، لأن الالتزام بالجرعة الدوائية حتى يتم البناء الكيميائي بصفة كاملة هو الأفضل، ولا تستمعي لما يشاع حول العلاجات النفسية، نعم فيما مضى كانت هنالك أدوية تسبب الإدمان، أو تضر بالهرمونات النسوية لدى البنات، لكن في الوقت الحاضر - الحمد لله تعالى -، توجد أدوية ذات فعالية، وسليمة جدا، وأنت أصلا لن تحتاجي إلا لدواء واحد، مثل: عقار يعرف تجاريا باسم (مودابكس ) (Moodapex)، ويعرف تجاريا أيضا باسم (زولفت ) (Zoloft)، أو (لسترال ) (Lustral)، ويسمى علميا باسم (سيرترالين ) (Sertraline).

ممارسة التمارين الرياضية يعتبر الآن علاجا أساسيا للحالات النفسوجسدية، لذا أريدك أن تجعلي لنفسك نصيبا جادا من هذه التمارين، أي تمارين رياضية تناسب الفتاة المسلمة سوف تكون مفيدة جدا بالنسبة لك

تنظيم الوقت واستثماره بصورة صحيحة، فقد دلت أبحاثا كثيرة جدا، أنه يصرف انتباه الإنسان من الأعراض النفسوجسدية.

التفكير الإيجابي مهم جدا، والتواصل الاجتماعي له قيمة نفسية كبيرة، هذا كله يجب أن تؤكدي عليه، أضيفي إلى ذلك الفعالية داخل الأسرة، هي جوهرية جدا، لإكمال الصحة النفسية من أجل التعافي.

النوم المبكر يجب أن يكون جزءا من برامجك اليومي، هذا يفيدك كثيرا، والنوم المبكر يجعل الإنسان يستيقظ مبكرا ليؤدي الصلاة، ويعرف أن خلايا الدماغ تحدث لها عملية ترميم وبناء جديد في أثناء النوم، مما يجعل الإنسان أكثر قدرة على الاستيعاب، والتمكن من تحسين الذاكرة.

كوني حريصة على هذه البرامج، ونحن دائما نحاول أن نجعل الناس يتطورون من خلال بيئتهم، وحياتهم، وأنشطتهم الطبيعية، وأعتقد أن هذا من أفضل أنواع العلاج، ولا تنزعجي - أيتها الفاضلة الكريمة -، فالتغيير يمكن أن يكون بطيئا، لكن في نهاية اليوم سوف يكون كاملا - إن شاء الله تعالى -..

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات